TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

تحليل.. اقتصاد إيطاليا بدأ الدخول في "نفق مظلم"

تحليل.. اقتصاد إيطاليا بدأ الدخول في "نفق مظلم"

تحرير نهى النحاس

مباشر: الأرقام الأخيرة للنمو الاقتصادي في إيطاليا كشفت أنه يتجه للأسوأ، فالاقتصاد دخل حالة ثبات في الربع الثالث من العام الجاري، وهو التباطؤ الذي من المتحمل أن يكون جزءاً من اتجاه أوسع يتعلق بالنمو الاقتصادي في منطقة اليورو.

وفي الربع الثالث من العام الجاري، بلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي في إيطاليا "صفر" على أساس فصلي، مقابل نمو بنسبة 0.2% في الربع السابق له.

أما اقتصاد منطقة اليورو فنما بنسبة 0.2% في الأشهر الثلاثة المنتهية في سبتمبر الماضي مقابل 0.4% في الربع الثاني.

ويرى تحليل نشرته بلومبرج فيو، أن حالة عدم اليقين التي صاحبت صعود سلطة الحكومة الشعبوية في إيطاليا يبدو أنها آخذة في التزايد.

والتباطؤ الاقتصادي في إيطاليا من شأنه إبطاء خطط وزير مالية حكومة روما الذي يراهن على نمو الاقتصاد بنحو 1.5% في العام المقبل حتى يتمكن من الحفاظ على الدين العام عند مسار هبوطي طفيف.

وكانت تلك التقديرات تعرضت لانتقادات بدعوى أنها متفائلة للغاية حتى من جانب المجلس المالي الإيطالي نفسه، ويبدو ذلك الآن وأنها مهمة مستحيلة.

ومن الضروري أن تتسم الحكومة بالحكمة الآن وتعكس مسارها فيما يتعلق بمعظم تدابيرها المضرة، قبل أن يخرج الاقتراض والمديونية عن السيطرة.

وتعود جذور تباطؤ الاقتصاد الإيطالي إلى ضعف اقتصاد منطقة اليورو، فالحمائية تؤثر على الصادرات التي ساعدت في قيادة النمو الاقتصادي بالنسبة لإيطاليا وباقي أوروبا في 2017.

كما أن صناعة السيارات الألمانية تشهد ركوداً، حيث إن المصنعين يعانون للتكيف مع اختبارات الانبعاثات الجديدة، ومع حقيقة أن إيطاليا توفر مكونات عديدة لتلك الصناعة فإن تراجع الصناعة لعب دوراً في تباطؤ النمو الاقتصادي الإيطالي.

والأمل يتمثل في أنه مع تعافي صناعة السيارات وفي حال هدوء رياح الحمائية التجارية فإن تدهور الاقتصاد سوف يثبت أنه كان وضعاً مؤقتاً.

ومع ذلك فإن الصناعة الإيطالية تواجه بعض الرياح المعاكسة الإضافية وغير الضرورية الخاصة بها، ومنذ تولي الحكومة مهامها في مايو الماضي فإن تكاليف الاقتراض قفز بشكل كبير، ما يجعل الأمر أكثر تكلفة بالنسبة للبنوك لكي تمول نفسها في الأسواق المالية.

أما بالنسبة لعملاء البنوك فإن معدلات الإقراض بدأت تتباطأ لكن التهديد بمزيد من الزيادة قد سيؤثر على أذهان مسؤولي الشركات، حيث إنه يكون من الصعب الاستثمار حينما يكون عدم اليقين السياسي كبير.

كما أن الحكومة وافقت على قوانين سوف تجعل الوضع بالنسبة للشركات أصعب، وفي يوليو الماضي تسبب إصلاحاً لسوق العمل يقوده زعيم حزب الخمس نجوم "لويجي دي مايو" في جعل تعيين موظفين أمراً أكثر تكلفة بالإضافة إلى زيادة أجر المعينين بعقود دائمة.

وعلى الرغم أنه غير معروف حتى الآن كم الضرر الذي سينتج عن هذه التدابير لكن من المرجح أن تتسبب في خفض عمليات التعيين.

وعقب الإفصاح عن بيانات النمو الاقتصادي قال رئيس الوزراء إن التباطؤ كان متوقعاً ولذلك اختارت الحكومة تمرير موازنة توسعية للعام المقبل والتي تستهدف فيها عجز موازنة إلى الناتج الإجمالي المحلي عند 2.4% وهي النسبة التي تعد أعلى من المتفق عليه مع الاتحاد الأوروبي.

والعديد من المراقبين متخوفين من أن تكون النتيجة النهائية هي مزيد من التدهور، نظراً لأنها تستند إلى توقعات النمو الاقتصادي غير المقبولة.

ويواجه الاقتصاد الإيطالي خطر دخول مرحلة ركود لأن المستثمرين يخشون من أن الائتلاف الحاكم ليس لديه أدنى فكرة عن كيفية تحفيز النمو.

والموازنة تستهدف دعم الاستثمار بطريقة غير صائبة وتتضمن مجموعة من التدابير مثل خفض سن التقاعد التي ستلحق الضرر باستدامة الديون دون القيام بزيادة النمو الاقتصادي.

وتكاليف الاقتراض المرتفعة ستضغط أيضاً على المستهلكين والشركات ما يلغي أي آثار توسعية للموازنة، وسيؤدي هذا بشكل لا يمكن تجنبه إلى حدوث بعض الانهيار المالي، ما يثير مخاوف المستثمرين ويزيد من سوء هذه الحلقة المفرغة.

والحكومة ستكون حكيمة للعودة إلى التخطيط الصحيح مرة أخرى قبل أن يصبح الوقت متأخراً للغاية، والأمر يحتاج إلى التخلي عن بعض أكثر مقترحاتها ضرراً مثل إصلاح نظام المعاشات وبدلاً من ذلك تضخ القليل من المال في الاستثمار العام.

وتلك التغييرات لا بُدَّ من إعلانها بشكل أكثر انفتاحاً وليس بواسطة بعض الحيل غير المفهومة مثل تأجيل التدابير حتى لا تنفق الأموال المخصصة لها، ومن شأن هذا التحول في السياسة أن يساعد على تقليل تكاليف الاقتراض وربما خلق مساحة لمزيد من الإنفاق العام.

وقد يعتقد حزبي الرابطة والخمس نجوم أعضاء الائتلاف الحاكم أن وصفتهم الاقتصادية ستثبت في النهاية أنها صحيحة، لكن هذا يبدو وكأنه "المقامرة الأكثر خطراً"، حيث إن الخطر على إيطاليا كبير ولن ينتهي ومن الأفضل التوقف الآن عن الندم لاحقاً.