TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

تحليل.. تغيير المناخ سيجعل الانهيار العالمي القادم هو الأسوأ

تحليل.. تغيير المناخ سيجعل الانهيار العالمي القادم هو الأسوأ

تحرير - سالي إسماعيل

مباشر: الجميع يتساءل عن الأزمة المقبلة، متى ستحدث؟ وكيف ستحدث؟ لكن تحليلاً نشرته صحيفة الجارديان يرى أن تغيير المناخ سيجعل الانهيار المالي العالمي المقبل هو الأسوأ على الإطلاق.

وفي أواخر شهر سبتمبر الماضي، تعرضت إندونيسيا إلى زلزال مدمر وأمواج تسونامي والتي تركت خلفها آلاف من القتلى والمفقودين، لكن في أوائل أكتوبر الجاري، وصل صندوق النقد الدولي إلى البلاد من أجل عقد اجتماعه في جزيرة بالي.

وفي اليوم الذي أصدر فيه صندوق النقد الدولي تحذيراً بشأن آفاق الاقتصاد العالمي، فإن أحدث تقرير صادر عن اللجنة الدولية المعنية بشؤون تغير المناخ والتابعة للأمم المتحدة ذكر أنه أمام العالم فقط نحو عشر سنوات كي يتخذ خطوات جادة لمنع كارثة الاحتباس الحراري.

والرسالة واضحة لأولئك الراغبين في سماعها: استعدوا للوقت الذي سيشهد تزامن الفشل الاقتصادي مع الانهيار البيئي لتكوين عاصفة مثالية.

وحتى بدون المضاعفات المضافة جراء تغير المناخ فإن التحدي الذي يواجه وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية الذين اجتمعوا في بالي من شأنه أن يكون كبيراً بما فيه الكفاية.

وكان صندوق النقد الدولي خفض توقعاته للنمو الاقتصادي العالمي، لكن الاحتمالات تشير إلى أن العام المقبل سيكون أسوأ بكثير مما هو متوقع حالياً.

ويقول صندوق النقد إن المخاطر تميل إلى الاتجاه الهابط.

وعلى مدى السنوات العشر الماضية، ظل الاقتصاد العالمي على قيد الحياة مع التزامه بمعدلات الفائدة المنخفضة وضخ الأموال من قبل البنوك المركزية لكن هذا الحافز يتم سحبه تدريجياً في الوقت الراهن.

وفي الولايات المتحدة، شهد النمو الاقتصادي طفرة بسبب التخفيضات الضريبية التي أقرها الرئيس دونالد ترامب للأفراد والشركات، لكن هذا الوضع سيكون مؤقتاً فقط.

ومن المتوقع أن يبدأ الأثر الإيجابي لخفض الضرائب في التلاشي بالعام المقبل مع بدء ارتفاع معدلات الفائدة الأمريكية، وبالفعل يستمر ترامب في الهجوم على بنك الاحتياطي الفيدرالي بسبب زيادة تكاليف الاقتراض.

وفي أوروبا، يتصاعد الخلاف الحاد بين الحكومة الشعبوية الإيطالية وبين المحافظين الماليين في المفوضية الأوروبية بسبب أن الموازنة التي اقترحتها روما تتعارض مع القواعد المالية للاتحاد الأوروبي.

ويُبدي المسؤولون في بروكسل قلقاً بشأن إيطالياً أكثر من مخاوفهم إزاء البريكست، وذلك لأن البنوك الإيطالية مثقلة بالديون السيئة أيّ التي يصعب استردادها، ولا يمكنها النجاة من الأزمة المالية التي يبدو أنها تلوح في الأفق.

وتعتبر إيطاليا أكبر بكثير من اليونان وأكبر من أن تتمكن أوروبا من تقديم خطة إنقاذ لها في حالة حدوث الأسوأ.

وتحدث المواجهة بين روما وبروكسل في الوقت الذي بدأ فيه معدل النمو الاقتصادي في أوروبا في التباطؤ. (رفض الاتحاد الأوروبي مقترح موازنة إيطاليا).

ويرجع تباطؤ الناتج المحلي الإجمالي الأوروبي إلى أن اقتصاداته القائمة على التصدير تتضرر بالفعل من المناوشات الأولية في حرب ترامب التجارية.

وكما ذكر صندوق النقد مؤخراً، فإن الحمائية تُشكل خطراً رئيسياً على النمو الاقتصادي العالمي.

وبالنسبة لثاني أكبر اقتصادي حول العالم، فإن الصين لطالما كانت هدفا رئيسيا لترامب وتأثرت سلباً بالتعريفات الأمريكية الجديدة، في الوقت الذي يتباطأ فيه اقتصادها المحلي بالفعل.

وفي باقي دول العالم، تلقى صندوق النقد في الأشهر القليلة الماضية طلباً لمساعدة الأرجنتين، كما أن كان هناك ضغوطاً على الليرة التركية إضافة إلى التضخم الجامح في فنزويلا.

وفي أوقات أفضل، ربما كانت فنزويلا الغنية بالنفط في وضع جيد يسمح لها بالاستفادة من ارتفاع سعر النفط الخام والذي يتجه نحو 100 دولار للبرميل.

وكل مرحلة من الركود الاقتصادي الكبير في الاقتصاد العالمي يسبقها قفزة في تكلفة الخام، وهو ما يجعل أسعار الأسهم المرتفعة للغاية في "وول ستريت" من الأمور المثيرة للغرابة إلى حد ما.

ومن المتعارف عليه أن أسواق الأسهم تتوقع وتستبق المشاكل لكن الأجواء الحالية تميل إلى اعتبار معدلات الفائدة المرتفعة وأسعار النفط الآخذة في الارتفاع إضافة إلى إيطاليا والحروب التجارية أموراً غير مهمة إلى حد ما.

ومن سوء الحظ أن العام المقبل يمثل الذكرى السنوية رقم 90 لانهيار "وول ستريت"، وكان الكساد العظيم الذي أعقب انهيار أسواق الأسهم أدى إلى تفكير اقتصادي جديد يميل إلى سياسات التوظيف الكاملة وزيادة الإنفاق على الرعاية الاجتماعية إلى جانب مجموعة جديدة من المنظمات متعددة الأطراف.

وبالنظر للعام الحالي فإن التشابهات واضحة، حيث إن التعاون الدولي انهار وألحق الفشل الاقتصادي أضراراً بالأحزاب السياسية الرئيسية إضافة إلى انهيار الإيمان بمبدأ "اليد الخفية للسوق الحر".

لكن التهديد الذي يشكله الاحتباس الحراري العالمي يعني أن الأزمة الحالية للرأسمالية هي أكثر حدة من أزمة الثلاثينيات، وذلك لأن كل ما كان مطلوباً حقاً في ذلك الوقت كان دعم النمو الاقتصادي عبر الصفقات الجديدة والأموال الرخيصة والضوابط الأكثر تشدداً على التمويل، بينما انتهاج نفس النهج حالياً سيعتبر "إجراءً انتحارياً".

ومع ذلك، توجد دول مستعدة لتدمير اقتصاداتها بنفسها في مسعى لتحقيق النمو الاقتصادي بأيّ تكلفة، الولايات المتحدة واحدة منهم ويبدو أن أستراليا ستكون الأخرى.

ويقول آخرون إنه سيكون هناك مستقبل للكوكب في حالة التخلي عن فكرة النمو الاقتصادي بشكل كامل، لكن من الناحية السياسية تبين أن هذا المسار دائماً ما يكون صعباً بل وأصبح أكثر صعوبة الآن بعد أن شهد السكان في الغرب عقداً كاملاً من الزمن من مستويات المعيشة الثابتة دون تسجيل ارتفاع.

وفي العالم النامي، كانت المشكلة تكمن في النمو الاقتصادي الضعيف للغاية وليس النمو بوتيرة أكثر من اللازم.

ويعتبر التعامل مع مشكلة النمو السكاني في العالم أمراً بنفس قدر أهمية أزمة تغير المناخ، وتأتي معظم الزيادة المتوقعة من الدول ذات الدخل المنخفض، ولاسيما من أفريقيا، وسبب ذلك أن الأسر الفقيرة لديها أطفال أكثر، بينما تنخفض معدلات المواليد عندما تصبح الدول أكثر ثراءً.

هذا يبدو وكأنه خياراً خالياً من التكلفة أو على الأقل رخيصاً نسبياً، وهذا هو السبب في أن غالبية السياسيين يدفعون نحو "النمو الاقتصادي الأخضر"، أي النمو الذي يضع في اعتباره جانب البيئة.

 لكن بعد ذلك يتصرفون بطرق تجعل تحقيق أهداف الاحتباس الحراري أكثر صعوبة من خلال بناء طرق جديدة والتوسع في إنشاء المطارات.

وإذا كانت الهيئة الحكومية المعنية بتغير المناخ تريد تنفيذ الجدول الزمني الخاص بها فإن لابد من تسريع عملية الانتقال من الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتحددة.

هل يمكن القيام بذلك؟ يقول أحد الفائزين بجائزة نوبل لهذا العام وليام نوردهاوس إن ذلك ممكن في حال تحرك صناع السياسات بشكل جاد بشأن فرض ضريبة عالية تكفي لإخراج النفط والفحم والغاز من السوق.

ومن الناحية المثالية فإن الأمر بحاجة لمؤسسة بيئية عالمية جديدة تتمتع بسلطة فرض ضريبة ضد الكربون على مستوى العالم.

وحتى في غياب الهيئة الجديدة، فإن المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية ستعمل معاً لمواجهة المعارضة الحتمية للتغير من لوبي الوقود الأحفوري.

ولكن حتى الآن تبدو الاستجابة للتغير المناخي مشابهة للاستجابة للأزمة المالية: الفشل في الاعتراف بوجود مشكلة حتى فوات الأوان، ثم حدوث ذعر وانتشار الفوضى.