TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

لماذا يجب على المستثمرين القلق من نمو الأجور؟

لماذا يجب على المستثمرين القلق من نمو الأجور؟

تحرير نهى النحاس

مباشر: احتار الاقتصاديون على مدار سنوات حول مسألة استمرارية الارتفاع البطيء للأجور بالاقتصاديات المتقدمة على الرغم من التشدد القوي في أسواق العمل في كل من اليابان وأوروبا والولايات المتحدة.

وبإيضاح ذلك في سياق صحة الاقتصاد الكلي إجمالاً، فإن نمو الأجور المنخفض كان يتم وصفه غالباً كمشكلة بما أنه يؤدي إلى النمو الضعيف في طلب المستهلكين، بالإضافة إلى تضخم الأسعار لمستويات أقل من مستهدف البنك المركزي.

ويشير تحليل نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" إلى أن مع ذلك فإن مستثمري سوق الأسهم لم يجدوا مشكلة في التضخم المنخفض للأجور على اعتبار أنه عامل دفع قوي لسوق الأسهم الصاعد على المدى الطويل.

ومع تضخم الأجور بصورة أقل من التضخم الأسعار، فإن الأجور الحقيقية انخفضت مقارنة بنمو الإنتاجية، وهوامش الأرباح ارتفعت بشكل قوي.

والأكثر من ذلك هو أن الارتفاع المحدود للأجور شجع البنوك المركزية على خفض معدلات الفائدة بشكل حاد، والأرباح المرتفعة تم رسملتها بعد ذلك بمعدلات خصم منخفضة للغاية ما دعم بشكل إضافي مكاسب أسعار الأسهم.

وكل ذلك يبدو الآن أنه تغير، فمؤخراً أصبح هناك زيادة واضحة في الأجور في الاقتصاديات المتقدمة، وبدأ اقتصاديو الأسواق في التحذير من مخاطر الأجور المرتفعة على الأسهم، وانخفاض هوامش الربح، والمزيد من القرارات التشديدية للبنوك المركزية.

وتبدو تلك التحذيرات مناسبة، فهي ملاءمة أكثر من اللغة المعتادة في وصف التهديد من الحمائية التجارية ومع ذلك فإن الارتفاع في الأجور لا يزال تدريجياً للغاية ويمكن أن يأخذ عاماً أو اثنين آخرين لإلحاق ضرر كبير بثقة المستثمرين.

بيانات الأجور الراهنة

غالباً ما يلجأ الاقتصاديون إلى منحنى فيلبس في تحليل وتوقع تضخم الأجور، وباستخدام هذا الاتجاه قد نتوقع أن ارتفاع الأجور في الولايات المتحدة سيتسارع قبل أي دولة أخرى.

و"فيليبس" هي نظرية وضعها الاقتصادي النيوزلندي ويليام فيليبس، تعتقد أن التضخم ومعدل البطالة تربطهما علاقة عكسية، حيث ترى أن النمو الاقتصادي يؤدي إلى التضخم والذي يؤدي بدوره إلى مزيد من الوظائف وانخفاض في معدل البطالة، أي أن تراجع البطالة يعني ارتفاع التضخم والعكس.

وأرجع التقرير ذلك إلى سوق العمل الأمريكي الذي يعمل الآن عند "العمالة الكاملة"، إلى جانب تضخم الأسعار أعلى قليلاً من المستهدف عند 2%، لذلك هناك دلائل واضحة بأن تضخم الأجور في طريقه نحو الارتفاع.

أما الطريقة المفضلة في الولايات المتحدة لقياس ارتفاع الأجور الأمريكية هو التغير في متوسط الأجر بالساعة، ويظهر ذلك بوضوح أن تضخم الأجور وصل عند أدنى مستوى في 2012 حينما سجل 1.9% وبعد ذلك ارتفع بشكل ضئيل عند مستوى أعلى بقليل من 2% وذلك في 2014.

ومنذ ذلك الحين فإن معدل التضخم ارتفع بشكل أسرع قليلاً ويقف في الوقت الحالي عند مستوى 2.73% وهو أقل بمقدار نصف نقطة عن أعلى مستوى سجله خلال آخر دورتين اقتصاديتين.

وتتماشى تلك النتيجة مع التقديرات الأخرى لتضخم الأجور في الولايات المتحدة حيث أن معظمها قريب من مستوى 3% ولا تزال ترتفع مع استمرار تشديد سوق العمل.

والأمر الذي يدعو للمفاجأة أكثر هو أن تضخم الأجور بدأ في التسارع مؤخراً في منطقة اليورو بالرغم أن معدل البطالة هناك لم يتراجع حتى الآن أدنى التقديرات المتفق عليها للمعدل الطبيعي.

وقد يكون جزءاً من القفزة التي حدثت مؤخراً نتيجة عوامل تحدث مرة واحدة، لكن ماريو دراجي رئيس المركزي الأوروبي أكد في الأسبوع الماضي أن البنك يعتقد أن تضخم الأجور يتسارع، والأمر يبدو واضحاً أيضاً في بريطانيا واقتصاديات متقدمة أخرى أصغر.

وكالعادة فإن اليابان هي الاستثناء الوحيد للتوقعات، مع تسارع تضخم الأجور بشكل ضئيل عند مستوى يقدر بنحو 1.5% على الرغم من النمو السريع للغاية في مؤشرات سوق العمل.

التأثر المحتمل على الأرباح

وفي حالة مواصلة تضخم الأجور مساره الصعودي والذي يبدو أمر متحمل فإن بعض الدعم الذي أدى إلى زيادة كبيرة في أسواق الأسهم سيبدأ في الانحسار، لكن الأمر قد يستغرق بعض الوقت لكي تؤدي إلى سوق هابط بالكامل.

والنتائج ستعتمد على العلاقة بين تضخم الأجر الحقيقي (الأجور بعد استبعاد أثر ارتفاع الأسعار) ونمو الإنتاجية في قطاع الشركات.

وفي حال تسارع تضخم الأجر الحقيقي لكن فقط بما يتماشى مع نمو الإنتاجية فإن هوامش الأرباح ستبقى سليمة والبنوك المركزية لن تحتاج لزيادة معدلات الفائدة وفقاً لمعدل زمني مُعجل وذلك لن يوجه ضربة قاتلة للسوق الصاعد.

ويتوقع بنك جولدمان ساكس وفقاً لهذا السيناريو، أن تصل هوامش الربح في الحسابات القومية الأمريكية لمستويات قياسية قرب 9.7% في بداية 2019 ثم تتراجع مع تسارع تضخم الأجور تدريجياً في العام التالي.

ومع ذلك فإن البنك يرى وفقاً للسناريو الأكثر تشاؤماً ارتفاع الأجور بنسبة 4.3% سنوياً وهي النسبة المئوية الأعلى من توقعات المركزي، ما يُجبر الاحتياطي الفيدرالي على زيادة معدل الفائدة مرتين في الربع المالي بدلاً من مرة واحدة، في العام المقبل.

ومن شأن ذلك أن يساهم في خفض هوامش الأرباح بمقدار درجة واحدة مئوية في عام 2020 وأيضاً زيادة معدل الفائدة المطبق في سوق الأسهم على الأرباح المستقبلية، وإجمالاً فإن ذلك من المحتمل أن يكون كافياً ليتسبب في سوق هابط معتدل بالبورصة الأمريكية.

وعلى الرغم أن الوقت لا يزال مبكراً لإصدار صافرة التحذير، فإن اتضخم الأجور المتسارع في الاقتصاديات المتقدمة من المحتمل أن يتسبب في مشاكل كبيرة للمستثمرين في غضون الـ12 إلى 18 شهراً المقبلة.