TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

رحلة صعود وانهيار أسطورة متاجر سيرز الأمريكية

رحلة صعود وانهيار أسطورة متاجر سيرز الأمريكية

من نهى النحاس

مباشر: في مفاجأة صادمة أعلنت شركة "سيرز" صاحبة أقدم سلسلة متاجر تجزئة في الولايات المتحدة، إفلاسها، وذلك بعد أن تمكنت طوال سنوات من أن تكون أكبر شركة تجزئة أمريكية من حيث الإيرادات.

وطلبت الشركة الأمريكية العتيدة في قطاع التجزئة حمايتها من الإفلاس عبر المادة 11 من القانون، على خلفية تراجع مركزها المالي.

ولم تكن الصدمة في إشهار الإفلاس حيث كانت خطوة متوقعة نتيجة المشاكل المادية التي مرت بها الشركة في الفترة الأخيرة، بينما الأمر الذي أثار مفاجأة المستثمرين والمستهلكين هو انهيار أسطورة التجزئة الأمريكية بعد 132 عاماً من التأسيس.

وجاء تلك الخطوة مع عجز الشركة عن دفع 134 مليون دولار مستحقة السداد، حيث إن أداءها المالي كان في تدهور مستمر.

وفي آخر إفصاح لأدائها المالي وذلك في الربع الثاني من العام الجاري، أعلنت سيرز تسجيل خسائر بقيمة 508 مليون دولار وهو أكبر مرتين من مجمل ما خسرته في العام الماضي، كما أن مبيعاتها تراجعت بأكثر من الربع.

أما آخر عام سجلت فيه الشركة أرباحاً فكان في 2010، ومن وقتها خسرت 11.7 مليار دولار.

لماذا انهارت سيرز حتى الإفلاس؟

حتى وإن كانت الشركة توقفت عن تحقيق الأرباح منذ 7 سنوات، إلا أن مشاكلها بدأت منذ عقود تحديداً حينما اشتدت المنافسة من المتاجر مثل وول مارت أو هوم ديبوت، حيث إن تلك الكيانات كانت تنافسها في السعر.

وبالرغم من ذلك فإن معظم مشاكل سيرز كانت ذاتية، فإدارتها كانت تسعى نحو المنافسة عبر غلق المتاجر وخفض التكاليف، فاتجهت لخفض الإنفاق على الإعلانات وفشلت في الاستثمار بالتحديث والصيانة لمنافذ البيع.

وانخفضت المبيعات وزادت الخسائر إلى مليارات الدولارات، وتراكمت الديون واختفى المخزون النقدي لدى الشركة، حيث باعت سيرز العديد من الأصول القيمة بما فيها بنائها العقاري الضخم في شيكاغو، من أجل جمع النقد اللازم للاستمرار.

ووفقاً لتقرير إفلاس الشركة فإنها كانت تخسر 125 ألف دولار شهرياً.

وبالفعل توالت عمليات بيع سيرز لمنشآتها، حيث باعت ستانلي بلاك آند ديكر في بداية 2017 مقابل 525 مليون دولار.

 كما ظلت لسنوات تبحث عن مشتر لكيمور براند، وكان طلب الاستحواذ الوحيد على تلك المجموعة من جانب إيدي لامبارت الرئيس التنفيذي لسيرز، حيث عرض 400 مليون دولار لشرائها، ورفض مجلس الإدارة قبول العرض.

وكيمور التي كانت أحد الأسباب الرئيسية وراء إشهار الشركة إفلاسها هي من الأسباب الرئيسية لنموها وقت ازدهارها، وهي شركة مصنعة للأجهزة الكهربية، وكانت سيرز تحصل على امتياز بيع منتجات كيمور داخل متاجرها فقط.

وبحلول الشهر الماضي، كانت القيمة السوقية لسيرز انخفضت أدنى 100 مليون دولار، أدنى من ربع قيمة كيمور نفسها.

وفي الشهر الماضي، حذر رئيس الشركة من أن سيرز تتجه لأن تكون دون أي نقد، ما تسبب في انهيار سهم الشركة أدنى دولار واحد للمرة الأولى في تاريخها.

وكان إشهار الإفلاس وشيك الحدوث، حيث الموردين طالبوها بدفع مبالغ نقدية مقدماً للعناصر الموجودة في متاجرها، ما جعلها في وضع غير تنافسي أكبر مقارنة بمنافسيها.

سيرز هي أمازون القرن الماضي

بالعودة بالزمن 50 أو60 عاماً، فإن سيرز كانت بمثابة وول مارت وأمازون العصر، حيث كانت أكبر شركة تجزئة أمريكية.

وكان عام 1886 بداية الشركة الأمريكية بواسطة وكيل محطة السكك الحديدية ريتشارد سيرز، حيث بدأ في سن الثانية والعشرين في بيع الساعات لزملائه كوسيلة لزيادة دخله، وفي غضون ستة أشهر ازدهرت أعمال ساعات سيرز وترك وظيفته في المحطة وانتقل إلى مينيابوليس حيث بدأ شركته.

وطبعت الشركة أول كتالوج لها في 1896، حيث تضمن ساعات ومجوهرات، حيث كان الكتالوج الأول الذي استعان به السكان الأمريكيون لشراء منتجات متعددة من البضائع.

وساهمت سيرز في تشكيل حركة البيع الأمريكية، حيث اجتذبت المتسوقين بعيداً عن تجار الشوارع الرئيسيين إلى المباني التجارية، وتمكنت الشركة الأمريكية من تقديم عبر منتجات كيمورو التابعة أجهزة جديدة للأسرة الأمريكية.

وفي 1906 طرحت الشركة أسهمها للتداول العام لتكون أول شركة تجزئة أمريكية تُدرج في البورصة، حيث تمكنت من جمع 40 مليون دولار في ساعات.

وظهرت معاناة الشركة قبل وقت طويل من ظهور مواقع البيع الإلكترونية مثل أمازون، حيث فشلت الشركة في التوافق مع تغيير عادات المتسوقين، كما أن منافس مثل وول مارت نجح في التغلب عليها في السعر واختيار البضائع.

وفي عام 1999 خرجت سيبرز من مؤشر داو جونز الصناعي بعد أن ظلت مدرجة به طوال 75 عاماً، ليحل بدلاً منها منافسها هوم ديبوت.

وفي 1973 انتهت سيرز من بناء مقرها الرئيسي في شيكاغو، حيث أصبح أطول مبنى في العالم ومعلم للولاية، حيث بلغ ارتفاعه 1454 قدماً وباعته الشركة في 1994.

وفي 1985 كان الاقتصاد الأمريكي قوياً وكذلك مبيعات التجزئة وعززت الشركة وضعها المالي.

وفي 2005 اندمجت سيرز وكمارت حيث كونا سيرز القابضة، وفي ذلك الوقت كان للشركة 3500 متجر أمريكي، والآن أصبح لديها أقل من 900 متجر.

وفي يوليو الماضي أغلقت سيرز آخر متجر لها في شيكاغو، وفي أغسطس أعلنت الشركة إغلاق 46 متجراً آخر، حيث إنه في غضون العامين الماضيين أغلقت الشركة 700 متجر.

وفي بيان إشهار الإفلاس أعلنت سيرز إنها ستغلق 142 متجراً لا يُدر أرباحاً وذلك بحلول نهاية العام الجاري، إلى جانب عملية إغلاق 46 متجراً آخر تم الإعلان عنها مسبقاً

وحتى فبراير الماضي كان للشركة 89 ألف موظف، وهبط ذلك الرقم من مستوى 317 ألف موظف في بداية 2006.