TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

"أين كنا وكيف أصبحنا؟"..16 عاماً لاقتصاد تركيا تحت قيادة أردوغان

"أين كنا وكيف أصبحنا؟"..16 عاماً لاقتصاد تركيا تحت قيادة أردوغان

من - سالي إسماعيل:

مباشر: "أنظروا أين كنا منذ 16 عاماً؟ وأين نحن الآن؟".. بهذه التساؤلات دافع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن الخسائر الحادة في قيمة الليرة في إشارة إلى الإنجازات التي شهدتها العضو الدائم في حلف الناتو خلال تلك الآونة.

اتفقت أم اختلفت مع رئيس تركيا الحالي، فإن هناك حقائق مؤكدة بشأن اقتصاد البلاد خلال 16 عاماً هي عُمر تواجد "رجب طيب أردوغان" في السلطة.

وفي مارس 2003 تولى "أردوغان" منصب رئيس وزراء تركيا قبل أن يصل إلى الرئاسة في أغسطس 2014 ويستمر في المنصب حتى الآن بعد أن حصل على تأييد أكثر من 50% من الأصوات الناخبة بالانتخابات المبكرة والتي عقدت في أواخر يونيو الماضي.

ويزعم مؤيدي أردوغان أنه عمل على تحسين الاقتصاد التركي وأدخل الإصلاح السياسي للبلاد في حين يتهمه المعارضين بتعزيز الاتجاهات الاستبدادية ونشر الفساد والإسراف كما يواجه اتهامات بالفشل في حماية النساء وحقوق الإنسان والحد من حرية التعبير.

لكن في ديسمبر 2013 تسببت فضيحة فساد في حل الوزارة بعد القبض على أبناء 3 وزراء بحكومته، ليتأثر الاقتصاد سلباً في عام 2014، حيث تراجع النمو إلى 5.2% كما صعد معدل البطالة أعلى 10% قبل أن يعود أردوغان مجدداً للسلطة لكن هذه المرة رئيساً للبلاد وليس الوزارة.

رحلة نمو اقتصاد تركيا

وفي عهد الرئيس الذي ظل قائداً للحكومة في الفترة من 2003 وحتى 2014، تحولت تركيا إلى دولة صناعية ومصدرة كما أبقت وزارته معدلات التضخم تحت السيطرة بعدما شهدت ارتفاعاً أعلى 100% خلال فترة التسعينيات.

ونما حجم الناتج المحلي الإجمالي لتركيا من 311.823 مليار دولار في عام 2003 ليصل إلى 851.102 مليار دولار في عام 2017 في البلد التي يقدر عدد سكانها بنحو 80.745 مليون نسمة مع نهاية العام الماضي، وفقاً لإحصاءات البنك الدولي.

وتشير الأرقام إلى تباين في وتيرة نمو الاقتصاد التركي خلال الفترة من 2003 وحتى 2017، ليرتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5.61% في العام الذي تولى فيه أردوغان منصب رسمي في البلاد.

كما شهد العامين التاليين أيّ 2004 و2005 نمواً في الاقتصاد التركي بنسبة 9.64% و9.01% على الترتيب قبل أن يتباطأ معدل الصعود لـ7.11% في عام 2006 ثم إلى 5.03% في عام 2007.

وبالتزامن مع الأزمة المالية العالمية 2008، تمكن الاقتصاد التركي من تسجيل معدل نمو اقتصادي يبلغ 0.84% لكنه شهد انكماشاً بنحو 4.7% في عام 2009 قبل أن يتعافى في العام التالي مسجلاً نمواً قدره 8.49%.

أما في عام 2011، فكان النمو الاقتصادي لتركيا هو الأعلى الإطلاق ليصعد الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 11.11% ثم تباطأ مرة أخرى في 2012 ليسجل نمواً قدره 4.79%.

لكن معدلات النمو في أنقرة شهدت تأرجحات متباينة خلال الأعوام التالية من 2013 وحتى 2016 لترتفع بنسبة 8.49% و5.17% و6.09% و3.18% على الترتيب.

وفي العام الماضي، شهد اقتصاد تركيا نمواً قوياً قدره 7.42%، وفقاً للبيانات المتاحة على الموقع الرسمي للبنك الدولي.

وبحسب بيانات هيئة الإحصاءات الوطنية التركية، فإن اقتصاد أنقرة شهد تسارعاً خلال الربع الأول من العام الحالي على أساس سنوي وفصلي.

وأظهرت البيانات أن الناتج المحلي الإجمالي التركي نما بنحو 7.4% في الربع الأول من 2018 على أساس سنوي مقارنة مع 7.3% بالربع الأخير من 2017.

وعقب الإفصاح عن بيانات النمو الاقتصادي في البلاد، كتب أردوغان في تغريدة عبر "تويتر" أن بلاده مستمرة في نموها لتكون واحدة من أسرع الدول نمواً في العالم.

ومن المتوقع أن يبلغ النمو الاقتصادي في تركيا 4.5% هذا العام، وفقاً لرؤية البنك الدولي، في حين خفض صندوق النقد الدولي تقديرات نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 4.2% في 2018، بحسب تقرير آفاق الاقتصاد العالمي لشهر يوليو.

أما على مستوى عامي 2019 و2020، فيرى البنك الدولي أن إجمالي الناتج المحلي التركي سوف ينمو بنسبة 4% سنوياً.

إيجابيات أخرى

المؤشرات الإيجابية لا تكمن فقط في النمو الاقتصادي للبلاد لكن هناك أرقام لا بأس بها فيما يتعلق باحتياطي الأصول التركية ومعدلات التضخم وكذلك البطالة.

وتحت حكم أردوغان، صعد إجمالي احتياطيات الأصول لتركيا بما في ذلك العملات والذهب من 35.55 مليار دولار في عام 2003 لتصل إلى 107.66 مليار دولار مع نهاية العام الماضي، وفقاً للمؤشرات المتاحة على موقع البنك الدولي.

لكن هذا الاحتياطي تراجع مؤخراً إلى 107.3 مليار دولار في شهر مايو بانخفاض قدره 4.2% مقارنة مع الشهر السابق له، بحسب بيانات البنك المركزي التركي.

أما على نطاق معدلات التضخم في تركيا، فشهدت انخفاضاً مفاجئاً في العام التالي لشغل أردوغان منصب رئيس الوزراء، حيث تراجع مؤشر أسعار المستهلكين الأتراك من 25.30% في عام 2003 إلى 10.58% في 2004.

وسلك المؤشر اتجاه هابط في الأربع سنوات التالية ليهبط إلى 8.76% في عام 2007 ثم ظل يتأرجح خلال الأعوام التالية حتى 2016 بين مستويات تتراوح بين 6.25% و8.89%، بحسب بيانات البنك الدولي.

ووفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي فإن التضخم في تركيا خلال عام 2017 بلغ حوالي 11.1%، وسط توقعات بأن يصل إلى 11.4% في العام الحالي.

ويقف مستهدف البنك المركزي التركي بشأن معدل التضخم عند مستوى 5%.

وفي يونيو الماضي، صعد مؤشر أسعار المستهلكين في تركيا على أساس سنوي إلى 15.4% مقابل 12.2% المسجلة في مايو السابق له.

تاريخ حافل لليرة

بالنظر إلى تاريخ إنشاء العملة، فإن الليرة بدأ التعامل بها في فئة 5 ليرات عام 1927 والتي طبعت حينذاك بالحروف العثمانية قبل أن تتحول إلى الحروف اللاتينية عام 1937 بنفس الفئة الورقية.

وفي بداية الألفية الثالثة أصبحت العملة التركية تطبع في فئات جديدة هي 5 ملايين و10 ملايين و20 مليون ليرة هي الأكبر كعملة ورقية في العالم.

بينما في 28 يناير 2004 صدر قانون تنظيم العملة التركية والذي يفيد بالتخلص من الأصفار الزائدة في قيمة العملة على أن يدخل حيز التنفيذ في 1 يناير 2005، لتصبح المليون ليرة القديمة تعادل ليرة واحدة جديدة.

ومنذ بدء التعامل بالعملة التركية المعدلة أيّ بعد حذف 6 أصفار منها أصبح الدولار الأمريكي الواحد يساوي ليرة جديدة واحدة بدلاً من مليون ليرة كما كانت سابقاً.

وكانت تصدر الليرة التركية الجديدة، التي ينظر إليها على أنها رمز الاستقرار الاقتصادي الذي طالما حلمت به البلاد على حد وصف محافظ البنك المركزي حينذاك، في عدة فئات ورقية وهي 5 و10 و20 و50 و100 ليرة.

وفي عام 2001 تأرجح الاقتصاد التركي على حافة الانهيار عندما انخفضت قيمة الليرة ما دفع البلاد للجوء إلى صندوق النقد الدولي للحصول على مساعدات مالية، حيث تلقت قرضاً بقيمة 18 مليار دولار في مقابل برنامج تقشف واسع النطاق.

وحافظت العملة التركية على مستوى مستقراً نسبياً أمام العملة الأمريكية على مدى 13 عاماً مضت دون مستوى 5 ليرات لكل دولار.

لكن منذ بداية العام الحالي والخسائر في قيمة العملة تتفاقم لتتجاوز 45% وتصبح قيمة الورقة الخضراء أعلى من 7 ليرات للمرة الأولى في التاريخ.

الوجه الآخر

ورغم الأداء الاقتصادي الجيد تحت مظلة الرئيس التركي الحالي ورئيس الوزراء السابق لكن أنقرة تواجه مؤخراً مشاكل اقتصادية جمة تتنوع بين الهبوط القياسي في قيمة العملة المحلية ومخاوف تدخل "أردوغان" في السياسة النقدية للبلاد إضافة إلى القفزة في عجز الحساب الجاري ومعدل التضخم.

ويميل الرئيس الذي واجه محاولة انقلاب فاشلة في يوليو 2016 إلى محاربة معدلات الفائدة المرتفعة حيث يصفها بأنها "أب وأم كل الشرور" كما يسعى دائماً إلى التدخل في سياسة البنك المركزي للبلاد.

وبعد الانتخابات الأخيرة ووتيرة المخاوف بشأن التدخل في الأوضاع الاقتصادية تتزايد، حيث أعلن تحركات بشأن اختيار محافظ البنك المركزي كما قرر تعيين صهره "بيرات البيرق" في منصب وزير المالية والخزانة للبلاد.

وتشير قاعدة بيانات البنك الدولي إلى عجز الحساب الجاري لتركيا في عام 2003 كان يبلغ 7.554 مليار دولار لكنه تفاقم إلى مستوى 47.378 مليار دولار في عام 2017.

ومن المتوقع أن يصل عجز الحساب الجاري في تركيا إلى 49.146 مليار دولار في العام الحالي، بحسب تقديرات صندوق النقد الدولي.

وبلغ عجز الحساب الجاري التركي 5.89  مليار دولار في شهر مايو الماضي، مقابل مستوى 5.45 مليار دولار في شهر أبريل، وفقاً لبيانات البنك المركزي في البلاد.

وفي مثال آخر، فإن الدين الخارجي التركي نما من 19 مليار دولار في 1980 إلى 116 مليار دولار في عام 2000 (ما يعني زيادة 5 مليارات دولار سنوياً) لكنه في المقابل صعد من 116 مليار دولار إلى 337 مليار دولار في عام 2012 (أيّ 18 مليار سنوياً في الاتجاه الصاعد).