TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

تحليل.. لماذا انقلب المستثمرون على أردوغان؟

تحليل.. لماذا انقلب المستثمرون على أردوغان؟

تحرير - سالي إسماعيل:

مباشر: ينظر إلى الاضطراب الذي شهدته الليرة التركية خلال الـ24 ساعة الماضية على أنه أحدث تطور في عام اختبار السندات والأسهم بالبلاد.

ويشرح تحليل نشرته صحيفة "الفايننشال تايمز" في خمسة تساؤلات كيفية انقلاب المستثمرون على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

لماذا عانت تركيا مثل هذا التراجع؟

من الصعب النظر بعيداً عن رجب طيب أردوغان، مؤسس حزب العدالة والتنمية الذي تولى السلطة في عام 2002.

أصبح أردوغان البالغ من العمر 64 عاماً رئيساً للوزراء في عام 2003 ثم كان رئيساً لتركيا منذ عام 2014، حيث ساعدت السياسات المؤيدة للأعمال التجارية على إخراج البلاد من الأزمة الاقتصادية آنذاك.

وبخلاف فترة الأزمة المالية العالمية في عامي 2008 و2009، نما الاقتصاد التركي بمعدل 7% سنوياً في ظل قيادة أردوغان، وفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي.

والتوسع الاقتصادي إلى جانب السكان الذي يغلب عليهم السن الصغير والاهتمام بالأعمال الحرة فضلاً عن موقع تركيا الحيوي بين أوروبا وآسيا، جميع ما سبق يعتبر بمثابة عوامل جاذبة للاستثمار الأجنبي المباشر.

ومن عشرات أو مئات الملايين من الدولارات سنوياً في العقود التي سبقت تصعيد أردوغان إلى السلطة، صعد الاستثمار الأجنبي المباشر لأكثر من 22 مليار دولار في عام 2007 وبلغ متوسطه 13 مليار دولار سنوياً منذ أن تولى منصبه، وفقاً لأرقام البنك الدولي.

لكن الاستثمار الأجنبي المباشر تباطأ منذ بدء الهجمات الإرهابية في عام 2015 وما أعقبها من محاولة انقلاب في يوليو 2016 نتج عنها دخول تركيا في حالة اضطراب.

وتفاقمت مشاكل تركيا بسبب القيادة الاستبدادية المتزايدة لدى أردوغان وآرائه غير التقليدية حول معدلات الفائدة والتي وصفها بأنها "أم وأب كل الشرور".

وتسبب موقف أردوغان تجاه معدلات الفائدة في وجود خلل بالسياسة النقدية لتجعل البنك المركزي التركي يعاني في محاولة احتواء التضخم الذي يقترب من 16%.

وتسببت معدلات الفائدة المتعددة ونطاق معدل الفائدة في صنع سياسة مبهمة وغير فعالة.

كما أخفق التحرك الأخير من قبل البنك التركي بشأن توحيد أسعار الفائدة في وقف تراجع العملة المحلية للبلاد.

ما الذي أثار قلق المستثمرين بشكل خاص هذا العام؟

تُعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة التي عُقدت خلال شهر يونيو بمثابة لحظة فارقة، وعود الإنفاق المصممة لزيادة الدعم الشعبي أضعفت سمعة حزب العدالة والتنمية بشأن الانضباط المالي وتسببت في إثارة التضخم.

لكن المستثمرين كانوا أكثر قلقاً عندما هاجم أردوغان مجدداً في خطاب ألقاه أمام رجال الأعمال في لندن خلال مايو الماضي أسعار الفائدة المرتفعة بقوله إن معدلات الفائدة المرتفعة تسببت في التضخم بدلاً من علاجه.

ومنح الرئيس المعاد انتخابه في يونيو الماضي نفسه السلطة لتعيين محافظ البنك المركزي التركي كما ينظر إلى خطوة لاحقة بشأن تعيين صهره بيرات البيرق لقيادة وزارة المالية والخزانة كنوع من تشديد قبضته على السلطة.

وفي أواخر يوليو الماضي، شدد محافظ البنك المركزي "مراد سيتينكايا" على أن البنك يعمل دون تدخلات سياسية، لكن بالنسبة للعديد من المستثمرين فإن قرار السياسة النقدية الأخير بالإبقاء على معدلات الفائدة كما هي دون تغيير في الشهر الماضي بمثابة تقويض لتلك المزاعم.

"هبوط قيمة الليرة يرجع إلى افتقاد كل عوامل الثقة"، كما يرى "تشارلز روبرتسون" كبير الاقتصاديين في "رينيسانس كابيتال".

ما هي عواقب تراجع الليرة؟

ينظر إلى الهبوط في قيمة الليرة على أنه أمر مؤلم للشركات التركية التي لديها ديون مقومة بالدولار أو باليورو.

وبحسب تحليل صادر عن بنك "إتش.إس.بي.سي"، فإن البنوك والشركات في تركيا لديها ما يقرب من 70 مليار دولار من الديون يستحق سدادها من الآن وحتى مايو 2019.

وكانت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني حذرت من أن الشركات التي تواجه ضغوطاً من المرجح أن تكون أقل قدرة على سداد ديونها مما يعني ترك البنوك مثقلة بالقروض السيئة.

وظهرت إشارات على معاناة البنوك بالفعل عبر تراجع مؤشر القطاع في بورصة إسطنبول بنسبة 33% هذا العام مقارنة بانخفاض قدره 18% في سوق الأسهم التركية بشكل عام.

وفي حين سجل المستثمرون الأجانب صافي شرائي للأسهم التركية في العام الماضي، فإنهم سحبوا 771 مليون دولار من الأسهم المدرجة في البورصة خلال الربع الأول من العام الحالي، وفقاً لأحدث بيانات من الودائع المركزية التركية للأوراق المالية.

هل العوامل الخارجية تضر تركيا؟

والليرة التركية عرضة منذ فترة طويلة لحاجة تركيا لتمويل عجز في الحساب الجاري الذي يصل إلى 6% نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي.

ويضاف إلى الضغوط كذلك توتر العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا خلال الأسابيع الأخيرة بسبب احتجاز أنقرة للقس الأمريكي "آندرو برونسون".

وتراجع مؤشر الأسهم التركية "بي.آي.إس.تي 100" بنحو 3% في جلسة 2 أغسطس أيّ في اليوم التالي لإعلان واشنطن فرض عقوبات على وزيري العدل والداخلية بسبب المسألة الدبلوماسية بين الجانبين.

كما شكلت أسعار النفط والتي ارتفعت بأكثر من 40% على مدى الإثني عشر شهراً الماضية عائقاً، حيث تُعد تركيا مستورداً كبيراً للنفط الخام.

ما هي السيناريوهات المرجح تنفيذها؟

يقول المستثمرون والمحللون إن أفضل السيناريوهات المحتملة هي أن يقوم البنك المركزي برفع معدلات الفائدة ما يُعيد التضخم تحت السيطرة إضافة إلى استعادة الثقة.

كما من المحتمل أن تساهم قوة النمو الاقتصادي والدين العام المنخفض والبالغ 28.4% من الناتج المحلي الإجمالي وكذلك ديون الأسر التي تقف عند 17.4% من إجمالي الناتج المحلي، في حل سريع لأزمة العملة المحلية لتركيا.

هذا الحل قد يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي في تركيا، لكن احتمالية توقع المستثمرون أن أنقرة ربما تفرض ضوابط على رأس المال أو تلجأ إلى صندوق النقد الدولي يبدو بديلاً أكثر كارثية.

ومن شأن القفزة في أسعار الواردات بفعل هبوط الليرة، مع ارتفاع تكاليف الاقتراض حيث يتخارج المستثمرين الأجانب أن يجرد الاقتصاد التركي من الحيوية ويهدد بمزيد من الضعف في قيمة عملة البلاد المحلية.

ويتوقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي لتركيا بنسبة 3.6% خلال عام 2020، رغم وجود توقعات لمؤسسة "كابيتال إيكونومكس" بحدوث انكماش اقتصادي في فصل أو اثنين هذا العام.

ومن شأن تباطؤ النمو الاقتصادي أن يساعد على خفض معدلات التضخم لكن يمكن أن تكون العواقب واسعة الانتشار وتؤدي إلى حالة عامة من الشعور بعدم الرضا.

ويُبدي بعض المحللين القلق من أن أردوغان، الذي أكد مراراً أن أولويته هي النمو المرتفع، قد لا يرغب في السماح بأيّ تباطؤ.