TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

التضخم قرب مليون بالمئة.. كيف وصل اقتصاد فنزويلا لحالة الانهيار

التضخم قرب مليون بالمئة.. كيف وصل اقتصاد فنزويلا لحالة الانهيار

من - نهى النحاس

مباشر: "أزمة اقتصادية واجتماعية عميقة" هكذا وصف صندوق النقد الدولي الوضع في فنزويلا منذ عدة أيام مع الارتفاع الصاروخي لمعدل التضخم والذي يزداد بشكل غير مفهوم.

وتعيش الدولة الأمريكية واحدة من أكبر الكوارث الاقتصادية على مدار التاريخ حيث يرى خبراء الاقتصاد إنها تتشابه مع أزمة ألمانيا في عام 1923 أو أزمة زمبابوي في أواخر العقد الأول من الألفية الثالثة.

وفر ما يقدر بـ 1.6 مليون شخص من البلاد ، والاضطرابات الاجتماعية آخذة في الارتفاع، وأصبحت الأجور عديمة القيمة تقريبا، إلى جانب نقص في الغذاء والدواء.

ووفقاً لأرقام غير رسمية ارتفعت نسبة الفقر إلى 87% في عام 2017 والفقر المدقع إلى 61%، حيث أن هناك 6 أفراد من كل 10 يزعمون أنهم فقدوا 11 كيلوجراما في المتوسط بسبب الجوع.

أما الأرقام المعلنة من جانب الحكومة فتقول إن الفقر المدقع لا يبلغ سوى 4.45%.

وأي كانت التصورات لحجم هذا الانهيار في معدل التضخم فإنها تبعد أميالاً عن التوقع الذي أعلنه صندوق النقد الدولي مؤخراً بأن يتجاوز مستوى مليون في المائة بنهاية العام الجاري.

ويقول "فرانشيسكو فيليا" المدير التنفيذي لصندوق "فاسانارا كابيتال" في تصريحات لمحطة "سي.إن.بي.سي" الأمريكية إن التضخم الهائل يعطل النظام الاقتصادي لفنزويلا فهو يخيف المستثمرين الأجانب ومثبط لنظرائهم المحليين ويدمر قيمة المدخرات والرواتب للأسر، "فهو دمار للنمو الاقتصادي طويل المدى".

ووفقاً لآخر بيانات معلنة فإن التضخم في فنزويلا وصل إلى 46.3 ألف في المائة في الإثنى عشر شهراً المنتهية في يونيو الماضي.

وقفز معدل التضخم الفنزويلي بأكثر من 20 ألف المائة خلال شهر واحد فقط حيث كان سجل 24600% في الإثنى عشر شهراً المنتهية في مايو الماضي.

وخلال 4 سنوات فقط وصل وضع الاقتصاد إلى تلك المرحلة، ففي 2014 كانت بداية كل هذا الانهيار تزامناً مع الهبوط العالمي لأسعار النفط.

ومع دولة مثل فنزويلا تمتلك أكبر احتياطي نفطي في العالم ويُمثل الخام 90% من صادراتها، فإن انهيار الاقتصاد بتراجع أسعار الخام كان أمراً مفهوماً.

واختارت حكومة الرئيس الفنزويلي الحالي "نيكولاس مادروا" إبقاء سعر الصرف الرسمي للدولار مبالغاً في تقييمه كما شددت الوصول إلى العملة الأمريكية الأمر الذي يعني بطريقة أخرى صعوبة تغيير العملة المحلية لفنزويلا البوليفار مقابل الدولار الأمريكي.

ومع مرور الوقت تزايد عدد البوليفارات المتاحة إلى جانب انخفاض السلع المستوردة، ومع هبوط الواردات ارتفعت أسعار السلع المحلية الأمر الذي أدى في النهاية إلى الوضع الراهن وهو مستويات تضخم قياسية.

كما أن إنتاج فنزويلا النفطي هبط الآن عند أدنى مستوى في 30 عام إلى 1.5 مليون برميل يومياً من مستوى 3.2 مليون برميل يومياً في 2008.

وفي ست سنوات ونصف خسر البوليفار 99.9997% من قيمته.

وتحاول الحكومة الفنزويلية كبح الانهيار في قيمة العملة حتى وإن كانت تلك المحاولات لا تؤتي ثمارها حتى الآن.

وفي بداية العام أصدرت فنزويلا عملة "بترو" الإلكترونية والتي ذكرت إنها ستكون مدعومة من النفط والغاز والذهب والماس، وتعادل سعر برميل واحد من النفط الفنزويلي.

وفي الوقت نفسه فإن السلطات الفنزويلية لاتسمح لمواطنيها بشراء العملة الإلكترونية الجديدة، حيث أن البوليفار غير مدرج في قائمة العملات المسموح لها بالتداول في البترو.

أما الخطوة الثانية فكانت مقترح لإزالة 3 أصفار من العملة المحلية التي تبلغ قيمتها 100 ألف بوليفار.

لكن مؤخراً أعلنت الحكومة إنها  ستلغي خمسة أصفار من عملة البوليفار بدلا من ثلاثة أصفار التي كانت تخطط لها.

كما أعن "مادورو" خطته لوضع قانون يلغي الحواجز أمام تدفق العملات الأجنبية، بحيث تكون هناك استثمارات بالعملة الأجنبية في فنزويلا.

كما ساهمت الحكومة الفنزويلية بشكل ما في تعميق وجود الأزمة الراهنة، فهي بدلاً من أن تخفض الإنفاق فإن "مادروا" اختار طباعة مزيد من النقود الأمر الذي أدى إلى مزيد من الارتفاع في معدل التضخم.

ويقول "زسولت بوب" محلل الأسواق الناشئة ببنك "جي.بي.مورجان" أن الوضع في فنزويلا هو "قصة طويلة من سوء الإدارة الاقتصادية.

وإلى جانب الأزمات الداخلية تواجه فنزويلا عقوبات اقتصادية  دولية، ومنعت الولايات المتحدة التعامل في الديون الجديدة من الحكومة الفنزويلية وشركة النفط الحكومية هناك، حيث ترى أن تلك المساعدات موجهة للحكومة التي وصفتها بإنها "ديكتاتورية".

وفي مايو الماضي فاز الرئيس الفنزويلي "نيكولاس مادورو" بفترة رئاسية ثانية لمدة 6 سنوات.

وقبيل انعقاد الانتخابات في فنزويلا طلبت الإدارة الأمريكي من رئيس فنزويلا الاستقالة عن منصبه، "لاعتبارات الأمان والحماية لسكان أمريكا الاتينية"

وأدت الصعوبات الاقتصادية في فنزويلا إلى عدم سداد الديون المستحقة للمستثمرين الدوليين في العام الماضي، والتخلف عن السداد ليس فقط زيادة لديونها ولكنه فقدان المصداقية بين المستثمرين وتقليل فرصها في الحصول على المزيد من الائتمان.

ولم تكن توقعات المستقبل أفضل من وضع الحاضر الفنزويلي، حيث يتوقع صندوق النقد الدولي انكماش اقتصاد فنزويلا بنسبة 18% خلال عام 2018، ليكون العام الثالث على التوالي الذي يشهد تراجعاً بأرقام مزدوجة.

كما يتوقع الصندوق استمرار الحكومة في مواجهة عجز مالي كبير يسرع التضخم مع استمرار تراجع الطلب على العملة.

ويقول محلل "جبي.بي.مورجان" إن أن نهاية الأزمة الفنزويلية لن تأتي في الأشهر المقبلة، ولكنها ستستغرق بضع سنوات.

وتابع إن التحول الحالي في أسعار النفط من غير المرجح  أن يساهم بتغيير الوضع في فنزويلا بشكل كبير .