TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

تحليل.. قفزة الديون العالمية تهدد بفشل أهداف التنمية المستدامة

تحليل.. قفزة الديون العالمية تهدد بفشل أهداف التنمية المستدامة

تحرير - سالي إسماعيل:

مباشر: تواجه أهداف التنمية المستدامة لعام 2030 مخاطر بسبب الديون العالمية المتصاعدة، كما يعرض تحليل نشره موقع منتدى الاقتصاد العالمي.

وفي عام 2015 تبنت 193 دولة 17 هدفاً للتنمية المستدامة كخريطة شاملة للسياسات حتى عام 2030، والتي تقوم على فكرة أنه من أجل تحقيق مستقبل مستدام يجب أن يسير النمو الاقتصادي يداً بيد مع الاندماج الاجتماعي وحماية البيئة.

كما يدعم هذه الأهداف بشكل كامل إدارة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية وكذلك صندوق النقد الدولي.

ومن منظور الأمم المتحدة فإنها تمثل مقدمة لعالم أكثر سلماً ورخاءً وتعاوناً وخاصةً في الأوقات المحفوفة بالمخاطر على نحو متزايد، أما بالنسبة لصندوق النقد الدولي فهي تساعد في تعزيز الاستقرار الاقتصادي والنمو الاقتصادي المستدام والشامل.

وخلال عام 2017، زادت معظم أنواع تدفقات تمويل التنمية، بدعم تحسن الاقتصاد العالمي وتعزيز الاستثمارات والظروف السوق المالية الداعمة.

ولكن بعد أقل من 3 سنوات تقريباً من تبني أهداف التنمية المستدامة، فإن التنفيذ يواجه عقبة رئيسية تتمثل في زيادة الدين العام في بعض الدول النامية، كما يشير تقرير حديث بشأن تمويل التنمية والصادر عن الأمم المتحدة بالتعاون مع صندوق النقد وحوالي 60 وكالة أخرى.

وتكمن المشكلة كما يشير نائب مدير صندوق النقد الدولي "تاو تشانج" في أن 40% من الدول ذات الدخل المنخفض تواجه مخاطر مرتفعة بشأن أزمة ديون أو عدم القدرة على خدمة الدين بشكل كامل، وهو ما يعتبر نسبة أعلى مقارنة مع 21% المسجلة قبل 5 سنوات مضت.

والأكثر من ذلك أن العديد من الدول النامية تتخلف كذلك من حيث نصيب الفرد من الدخل والناجمة عن عوامل مثل الهشاشة والنزاعات بما في ذلك الدول المعرضة للخطر مثل "هايتي" و"جمهورية الكونغو الديمقراطية" و"تشاد".

هبوط إيرادات الضرائب وضعف الدعم الدولي

والمشكلة الرئيسية هي أن العديد من تلك الدول غير قادرة على جمع ما يكفي من العائدات العامة، وهو ما يرجع إلى القواعد الضريبية المحدودة واستمرار الاعتماد المفرط على الصناعات الاستخراجية وضعف الإدارة الضريبية.

لكن التهرب الضريبي كذلك جزء من المشكلة، حيث يمكن اعتبار الضريبة المنخفضة في الدول النامية ذات الدخل المنخفض، والتي يبلغ متوسطها 13.3% من الناتج المحلي الإجمالي، بمثابة جزء من التهرب الضريبي.

وفي ضوء ذلك، فإن الخطوة الأولى لأيّ استراتيجية إصلاح هي أن تكون بكل تأكيد جمع مزيد من العائدات في الداخل، لكن في العالم الذي باتت فيه الأنشطة التجارية عالمية على نحو متزايد فإن الجهود المحلية وحدها لن تكون كافية.

وهناك حاجة لتعزيز التعاون الدولي بشأن الضرائب، حيث من الأمور المشجعة أن تقوم الحكومات بتطوير معايير دولية جديدة حول تبادل المعلومات الضريبية لكن يجب التأكد كذلك من أن الدول النامية تستفيد من تلك المعايير.

وتلعب المساعدة الإنمائية الرسمية دوراً حيوياً، حيث أظهرت البيانات الصادرة مؤخراً أن المساعدة الإنمائية الرسمية بلغت 146.6 مليار دولار في عام 2017، وهو ما يعتبر أقل من نصف الهدف المتفق عليه دولياً والبالغ 0.7% من الدخل القومي الإجمالي.

وتقدم حصة متزايدة من المساعدة الإنمائية الرسمية في حالات الطوارئ مثل تكاليف اللاجئين داخل البلاد والمساعدة الإنسانية.

وبينما تعتبر هذه المساعدات أمر بالغ الأهمية لكنها تتاح بشكل أقل للاستثمارات العامة طويلة الآجل في التنمية المستدامة.

وتوجه المساعدات الإنمائية الرسمية إلى الدول الأشد فقراً والأكثر عرضة للخطر في حين تحتاج الدول المانحة إلى زيادة مساعدتها في هذا المجال.

الاستثمارات الخاصة

ونظراً للاحتياجات الاستثمارية الضخمة فإن جذب مزيد من الاستثمارات الخاصة سيكون أمراً هاماً، لكن الدول الأقل نمواً لا تزال تكافح من أجل القيام بذلك على نطاق واسع، ولاسيما في قطاعات خارج الصناعات الاستخراجية.

ويطالب تقرير المساعدات الإنمائية الدول النامية بمواصلة خلق بيئات عمل تنافسية بما في ذلك تحسين الأطر المؤسسية والتنظيمية وتطوير مشاريع خطوط الأنابيب والمشاريع القابلة للاستثمار خاصةً في البنية التحتية.

وخلال الآونة الأخيرة، ركز صناع السياسة أيضاً على تقاسم المخاطر مع مستثمري القطاع الخاص من خلال أدوات مثل الضمانات والشراكات بين القطاعين العام والخاص.

وحتى الآن، تم توجيه 7% فقط من التمويل الخاص إلى مشاريع في الدول الأقل نمواً.

كما يوجد خطر كذلك يتمثل في أن مثل هذه الأنشطة سوف تزيد أيضاً من أعباء الدين بما في ذلك الالتزامات الطارئة خارج الموازنة، وهي المخاطر التي يجب التعامل معها بحذر.

مخاطر الديون المتزايدة

ومع ذلك فإن الزيادة الأخيرة في الديون ليست خبراً سيئاً بشكل كامل، حيث أن ارتفاع إمكانية الوصول للأسواق المالية الدولية وإقراض دائنين جدد مثل الصين أتاح التمويل للقطاعات الأشد حاجة مثل استثمارات البنية التحتية في الآونة الأخيرة.

وفي حالة أن الاستثمار في القدرة الإنتاجية تم بشكل صحيح فإنه يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع الدخل الذي يعوض خدمة الديون.

لكن المشكلة تظهر عندما يكون معدل الديون مرتفع بالفعل، وعندما لا يتم إنفاق الموارد بشكل جيد بسبب الفساد أو ضعف الإدارة، أو عندما تتعرض دولة ما للكوارث الطبيعية أو الصدمات الاقتصادية مثل الانعكاس المفاجئ لتدفقات رأس المال.

كما أن هناك قضية أخرى وهي أن الموجة الجديدة من القروض الخاصة غالباً تأتي مع معدلات فائدة مرتفعة ومواعيد استحقاق قصيرة الآجل.

وأصبح التنسيق بين الدائنين أكثر صعوبة، مما يخلق مشاكل عند الحاجة إلى إعادة هيكلة الديون.

وعندما تكون مخاطر حدوث أزمة الديون مرتفعة، فإن الاستجابة السريعة لتخفيف الضغط المالي من قبل الدائنين يمكن أن تشكل الفارق بين الانتعاش السريع والضرر طويل المدى.

وتوجد حاجة إلى التفكير بجدية بشأن الحلول المبتكرة، فعلى سبيل المثال يمكن أن تؤدي زيادة استخدام أدوات الدين الطارئة الحكومية والتي تقلل أو تؤجل التزامات الديون أثناء الأزمات، إلى توفير نوع من الهدنة في بعض الحالات وذلك من خلال الحد من مخاطر التعثر عن سداد الديون وعلاوات المخاطر كما تساهم كذلك في توسيع المساحة المالية المتاحة للاستثمار.

وتوجد فكرة أخرى مثيرة للاهتمام، وهي "مقايضات الديون مقابل المناخ" والتي يقوم من خلالها الممولين بإعادة شراء الدين المصدر وتخصيص الموارد لمكافحة تغير المناخ ومساعدة المناطق التي تضررت بشدة من الكوارث ذات الصلة بالمناخ.

هل حان الوقت؟

الأمر الأخير هو أن أمامنا فقط 12 عاماً من أجل الالتزام بأهداف التنمية المستدامة، حيث إن الانفتاح الحالي في الاقتصاد العالمي يعني نافذة حيوية من الفرص لكن يجب التأكد من أن أجندة التمويل لا يتم عرقلتها بسبب الدين العام المتصاعد.