TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

درس عمره 87 عاماً.. ماذا فعلت تعريفات "سموت-هاولي" بالاقتصاد الأمريكي؟

درس عمره 87 عاماً.. ماذا فعلت تعريفات "سموت-هاولي" بالاقتصاد الأمريكي؟

من - سالي إسماعيل:

مباشر: الحرب التجارية التي أشعل فتيلها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخراً ليست واقعة جديدة في تاريخ الولايات المتحدة عند النظر إلى حقبة الثلاثينيات من القرن العشرين.

وبشكل مماثل لحجة ترامب بحماية العمال واقتصاد بلاده فإن قانون تعريفات "سموت - هاولي" Smoot-Hawley Tariff Act والمعروف باسم قانون التعريفات الأمريكي لعام 1930 كان هدفه الأساسي حماية المزارعين قبل أن يتوسع ليشمل قطاعات أخرى.

ومن شأن أيّ تعريفات جمركية أن تُشكل حواجز بالنسبة للتجارة الدولية وتدفع الدول الأخرى للقيام بإجراءات انتقامية وربما زيادة أسعار الواردات.

ويعتبر قانون عام 1930 أحد الأمثلة الأكثر شهرة والتي توضح مدى خطورة الحمائية التجارية على الاقتصاد العالمي، ما أدى إلى الدفاع عن اتفاقيات التجارة الحرة في وقت لاحق.

بداية الحكاية

في أعقاب الحرب العالمية الأولى، تمكن المزارعون في أوروبا من التعافي لكن نظرائهم في الولايات المتحدة كانوا في معاناة بفعل زيادة المنافسة وانخفاض الأسعار نتيجة زيادة الإنتاج.

وفي خطوة تهدف لدعم المزارعين الأمريكيين، قدم عضوين بالكونجرس الأمريكي مقترحاً في هيئة مشروع قانون تعريفات "سموت - هاولي"، أحدهما "ويليس هاولي" من ولاية "أوريجون" والذي كان يشغل حينذاك منصب رئيس لجنة الطرق والمواصلات بمجلس النواب، أما الآخر هو السيناتور "ريد سموت" الذي كان يرغب في حماية أعمال بنجر السكر بولايته "يوتا".

وكان الكونجرس الأمريكي يسعى إلى رفع التعريفات على المنتجات الزراعية إلى نفس مستوى الرسوم الجمركية على السلع المصنعة.

لكن أولى محاولات تمرير قانون "سموت - هاولي" باءت بالفشل بعد عرقلته من قبل الجمهوريين المعتدلين في مجلس الشيوخ في أوائل عام 1929.

ومع وصول مشروع القانون إلى الكونجرس، كان كل سيناتور أمريكي يريد إضافة حماية لصناعة ولايته، وبالتالي، بعد أن كان قانون التعريفات في البداية لحماية المزارعين الأمريكيين توسع ليشمل قطاعات أخرى مارست ضغوطاً من أجل الحصول على حماية هي الأخرى.

وخلال 1929، اقترح مشروع القانون رسوماً جمركية على نحو 20 ألف سلعة من واردات الولايات المتحدة وبنسبة تتراوح بين 40% إلى 48%.

ويُعد هذا القانون الذي ساهم في زيادة الرسوم الأمريكية المرتفعة بالفعل، هو التشريع الأخير الذي يحدد بموجبه الكونجرس معدلات التعريفة الجمركية.

وتم تفعيل قانون "سموت - هاولي" بالتزامن مع قانون فوردني مكمبر "Fordney-McCumber" الذي تم تمريره في عام 1922 وكان ينظر إليه على أنه زاد الضرائب على الواردات إلى 40%.

وواجه قانون "سموت - هاولي" الذي عمق أزمة الكساد الكبير آنذاك اعتراضات قوية من قبل كافة الفئات مثل الاقتصاديين وقادة الأعمال والصحفيين.

رد فعل لحظي

ألقى مشروع قانون التعريفات الجديد بظلاله على "وول ستريت"، حيث تزامنت مناقشته في الكونجرس مع انهيار البورصة الأمريكية في أكتوبر 1929.

في 28 مايو 1929، وافق مجلس النواب على تمرير مشروع قانون "سموت - هاولي" ما دفع البورصة الأمريكية للهبوط إلى 191 نقطة.

وفي 19 يونيو 1929، قام مجلس الشيوخ بمراجعة مشروع القانون، وهو الأمر الذي ساهم في ارتفاع سوق الأسهم الأمريكية.

وفي 3 سبتمبر 1929، وصل المؤشر إلى أعلى مستوى على الإطلاق عند 216 نقطة.

وفي 21 أكتوبر 1929، وافق مجلس الشيوخ على إضافة التعريفات على السلع غير الزراعية، وهو "الخميس الأسود" لانهيار البورصة الأمريكية.

وفي 31 أكتوبر 1929، دعم المرشح الرئاسي للولايات المتحدة "هربرت هوفر" مشروع القانون.

وفي 24 مارس 1930، مرر مجلس الشيوخ مشروع القانون وسط انقسام في الآراء 44 مؤيداً مقابل 42 أصوات معارضة، لتهبط الأسهم الأمريكية.

وفي 17 يونيو 1930، وقع "هوفر" على مشروع قانون "سموت - هاولي".

وتأتي موافقة الرئيس رقم 31 للولايات المتحدة هربرت كلارك هوفر (خلال الفترة من عام 1929 إلى 1933) على تعريفات "سموت - هاولي" من أجل الوفاء بالوعود التي قطعها خلال حملته الانتخابية بشأن المزيد من المساواة في التعريفات.

نتيجة حتمية؟!

تسبب قانون التعريفات الأمريكي لعام 1930 في انخفاض التجارة العالمية بشكل حاد بلغ 66% خلال الفترة بين عامي 1929 و1934، كما زادت الضغوط الاقتصادية على البلدان خلال فترة الكساد الكبير.

ونتيجة لإدخال قانون "سموت – هاولي" حيز التنفيذ، قررت كندا ودول أوروبية  الرد الانتقامي على هذا الإجراء عبر زيادة التعريفات على صادرات الولايات المتحدة.

وتسببت الإجراءات الانتقامية في تراجع صادرات أكبر اقتصاد في العالم من 7 مليارات دولار في عام 1929 إلى 2.5 مليار دولار في عام 1932.

وكذلك هبطت صادرات السلع الزراعية الأمريكية بحلول عام 1933 إلى ثلث مستويات 1929.

وساهمت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين في تعميق آثار الكساد الكبير.

وفي سبيل مواجهة التعريفات المرتفعة، أصدر الرئيس الأمريكي "فرانكلن روزفلت" قانون اتفاقيات التجارة المتبادلة في عام 1934.

كما حاولت الولايات المتحدة استعادة ثقة الدول الأجنبية عبر تشجيع التجارة الدولية ودعم الاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة واتفاقية التجارة الحرة لدول أمريكا الشمالية "النافتا" ومنظمة التجارة العالمية.

عصر ترامب

يدعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العودة إلى الحمائية التجارية من أجل تشجيع الصناعة المحلية وحماية الأمن القومي تحت شعار "أمريكا أولاً".

وقرر ترامب الانسحاب من اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ، كما يحاول تحديث اتفاقية التجارة الحرة لدول أمريكا الشمالية "النافتا" مع المكسيك وكندا.

وأعلن في مارس الماضي تعريفات جمركية على واردات بلاده من الصلب والألومنيوم بنسبة 25% و10% على الترتيب، ثم أدخل القرار حيز التنفيذ على الشركاء التجاريين الرئيسيين في الأول من يونيو الماضي.

كما بدأت واشنطن في يوليو الحالي فرض تعريفات جمركية على واردات صينية بقيمة 34 مليار دولار.

وتأتي هذه التحركات من الجانب الأمريكي في مقابل ردود انتقامية من كافة الدول المتضررة من تعريفات ترامب.

ومن المحتمل أن تكون آثار الحمائية التجارية على الولايات المتحدة في العام الحالي أكبر مما كانت عليه في عام 1929، كون الصادرات الأمريكية تُشكل حالياً 13% من الناتج المحلي الإجمالي لأكبر اقتصاد بالعالم.