TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

تحليل.. الحرب التجارية تهدد بنهاية انتعاش الاقتصاد العالمي

تحليل.. الحرب التجارية تهدد بنهاية انتعاش الاقتصاد العالمي

تحرير نهى النحاس

مباشر: نجد أنفسنا نصارع لكي نصدق أن الاقتصاد العالمي بحالة جيدة عند النظر في عناوين الصحف، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب مستمر في إطلاق وابل من النيران في حربه التجارية غير المكتملة.

وبحسب تحليل نشرته صحيفة "الايكونومست"، فإن ترامب يلقي بالأسواق المالية في فوضى، في وقت يرفع فيه مجلس الاحتياطي الفيدرالي معدل الفائدة وهو أمر عادةً ما ينتهي بركود اقتصادي في الولايات المتحدة.

وكل ذلك يأتي إلى جانب تشديد الائتمان وارتفاع قيمة الدولار الذي يضغط على الأسواق الناشئة مثل الأرجنتين التي تعاني ضغوطاً شديدة.

لذلك تظهر حاجة ملحة للإجابة عن تساؤل هل الحرب التجارية تعطل النمو العالمي؟

هناك إيجابيات

الاقتصاد العالمي لا يزال يحاول البقاء؛ فالنمو تباطأ قليلاً منذ عام 2017، لكنه لا يزال يتفوق على فترة التخاذل التي حدثت في السنوات الخمس قبل ذلك.

وفي الولايات المتحدة أكبر اقتصاد في العالم فإن الأداء الاقتصادي يبدو متسارعاً، بفضل تخفيضات ترامب الضريبية وشراهة الإنفاق، فضلاً عن أسعار النفط المرتفعة التي شجعت على الاستثمار في النفط الصخري الأمريكي.

وتشير بعض التوقعات إلى أن النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة قد يتجاوز 4% في الربع الثاني من العام الحالي.

 ماذا عن المخاطر

على الرغم من الإيجابيات التي قد تبدو في تلك الإحصائيات فإن هناك مخاطر تلوح في الأفق، الأول أنها توفر غطاءً سياسياً مؤقتاً لتهور ترامب.

أما الثاني هو أنه في حال تسارع نمو الاقتصاد الأمريكي في مقابل تباطؤ باقي اقتصاديات العالم، فإن توسيع الاختلاف في معدلات الفائدة قد يدفع الدولار إلى مستويات مرتفعة أكثر.

وقد يؤدي صعود الدولار إلى تفاقم مشاكل الأسواق الناشئة، فضلاً عن أنه سوف يسفر عن استفزاز إضافي للرئيس ترامب عبر جعل هدفه بالوصول للتوازن التجاري أمراً أكثر صعوبة.

وتبقى الحرب التجارية هي أكبر المشاكل التي تمثل تهديداً للاقتصاد العالمي، ففي 15 يونيو أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعريفات جمركية على وارادت بقيمة 50 مليار دولار من الصين.

وبعد تعهد الصين بالانتقام هدد ترامب بتطبيق تعريفات على واردات بقيمة 400 مليار دولار، وإن صحت تلك التهديدات فإن هناك نحو تسعة أعشار منتجات مستوردة من الصين تُقدر قيمتها بـ500 مليار دولار ستكون معرضة لضرائب أمريكية.

في الوقت نفسه فأن الاتحاد الأوروبي أيضاً هدد أيضاً بتعريفات جمركية بدءً من يوليو المقبل، رداً على التعريفات الأمريكية على واردات الحديد والصلب من أوروبا.

ترامب لا يلتفت لأحد

الرئيس الأمريكي غير خائف من تصعيد النزاع التجاري لأنه يؤمن أنه سيفوز؛ فمشتريات واشنطن من بكين تتجاوز 4 أمثال ا تبيعه لها، والبيت الأبيض يأمل أن يؤدي هذا الخلل إلى جعل الصين تستجيب لمطالبها.

وبعض تلك المطالب كتخفيض سرقة الملكية الفكرية للشركات الأمريكية أكثر منطقية من غيرها كتقليص العجز التجاري الثنائي.

لكن ترامب يبالغ في تقدير قدراته على المساومة، وفي حالة عدم وحود سلع أمريكية كافية يمكن للصين أن تفرض عليها ضرائب فإنها تظل قادرة على زيادة الرسوم المفروضة بالفعل على هذه السلع، أو مضايقة الشركات الأمريكية العاملة في الصين.

والأهم من ذلك هو أن النزعة التجارية لدى الرئيس الأمريكي تعميه عن الآثار السلبية التي قد تحدث في الولايات المتحدة، فهو يرى أنه من الأفضل عدم وجود تجارة على الإطلاق عن التجارة بوجود عجز تجاري.

ويستخدم الرئيس ترامب تلك "الحماقة" أيضاً في تكتيكه تجاه كندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي، فهو لايزال قادر على الانسحاب من اتفاق التجارة الحرة لأمريكا الشمالية وتطبيق تعريفات على السيارات، عى حد وصف التقرير.

نتائج تهور ترامب

والمشكلة ليست في أن الولايات المتحدة تعتمد على التجارة، وفي الواقع فإن منطقة التجارة الحرة كبيرة بما يكفي لإلحاق الضرر بالناتج الإجمالي المحلي في نهاية المطاف.

ومثل هذا الأذى الذاتي قد يفرض تكلفة غير مبررة لمتوسط داخل الأسرة الأمريكية من المحتمل أن تصل إلى آلاف الدولارات، وقد يكون ذلك سيئًا، لكنه لن يكون قاتلاً.

أما القضية الأكبر فهي أن الاضطراب الضخم والذي قد يحدث في الانتقال إلى مزيد من الاكتفاء الذاتي، فالاقتصاد الأمريكي يعمل على تصميم هواتف "الآيفون" وليس تجميع مكوناته، الأمر نفسه بالنسبة إلى السيارات والطائرات فأجزائها الداخلية تحتاج إلى السفر عبور الحدود الوطنية عدة مرات قبل أن يكون المنتج النهائي جاهزًا.

وفي مواجهة التعريفة الجمركية، يتعين على الشركات إعادة توجيه العمالة ورأس المال لتحل محل الواردات.

وبعض المحللين أرجع سياسة ترامب إلى الصدمة الاقتصادية من التجارة مع الصين بعد عام 2000، لكن الاضطراب الناجم عن عكس مفهوم العولمة سيكون بنفس القدر من السوء.

والبعض قدر خسائر الوظائف الأمريكية من الحرب التجارية بـ550 ألف وظيفة، والتأثير على الصين سيكون كبيراً أيضاً.

وبدون معرفة هل سيتم زيادة أم خفض التعريفات الجمركية فما هي الشركات التي ستفكر في أنه من الحكمة الاستثمار في سلسلة توريد جديدة"؟.

ومن الصعب التفكير في مثل تلك الأمور بدون التعرض لانكماش اقتصادي عالمي، فالتعريفات تدفع التضخم نحو الارتفاع، وتصعب على البنوك المركزية التعامل مع التغييرات الصعبة أو الأخبار المحبطة.

والهروب إلى بر الأمان في أي تراجع عالمي سيبقي الدولار قوي حتى مع تلاشي آثار التحفيز المالي الأمريكي بعد العام المقبل.

لذلك يجب الحذر، الحرب التجارية العالمية يمكن احتوائها لمصلحة الاقتصاد العالمي، لكن الولايات المتحدة هي المحرك للنمو العالمي، والرئيس ترامب سائق خطير لعجلة القيادة.