TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

"البجعة السوداء".. تجاهل تجارب الماضي واستعد للمستحيل

"البجعة السوداء".. تجاهل تجارب الماضي واستعد للمستحيل

من - سالي إسماعيل:

مباشر: أحداث عديدة بعضها مفاجئ والبعض الآخر صعب التنبؤ به سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي عانى منها العالم خلال الفترات الماضية، وهو الأمر الذي قد يُعيد إلى الأذهان نظرية "البجعة السوداء" لصاحبها "نسيم نيكولا طالب".

وفسر الكاتب الأمريكي من أصل لبناني، نظريته في كتاب تم نشره تحت عنوان "البجعة السوداء" في فبراير عام 2007، وهو المجلد الذي تُرجم إلى 31 لغة تقريباً وحظى بمبيعات تبلغ ملايين النسخ.

"مجرد مشاهدة واحدة لبجعة سوداء كفيلة للإطاحة بمصداقية مفهوم شائع سنوات عديدة لملايين من البجع الأبيض".. هكذا تقوم نظرية "نسيم طالب" الذي عمل لمدة 21 عاماً في "وول ستريت".

وكان الافتراض الأوروبي في القرن الـ17، أن جميع البجع أبيض وبالتالي فإن البجعة السوداء، والتي لم يكن لها وجود فعلي قبل اكتشاف أستراليا الغربية، يُنظر إليها كأنها ظاهرة مستحيلة الحدوث وغير متوقعة.

و"البجعة السوداء" هي عبارة عن حدث ينحرف عن مساره المتعارف عليه والذي يكون في الغالب غير متوقع.

وعادةً تمتاز أحداث "البجعة السوداء" بـ3 خصائص تجعلها ذات تأثير كبير على مجرى التاريخ؛ الأولى أنها عرضية أي أحداث مفاجئة ونادرة كونها خارج نطاق التوقعات أو من الصعب التنبؤ بها سواء كانت إيجابية أو سلبية.

أما الشق الثاني في أضلاع ثالوث "نسيم طالب"، أن هذا الحدث له تداعيات ذات تأثير قوي وربما كارثية، لكن تتمثل الصفة الثالثة في أنه بعد وقوع الحدث يزعم البعض أنهم توقعوا هذه الأحداث وهو الأمر الذي يجعل تلك الأحداث قابلة للإدراك والتوقع.

وبطريقة أخرى، تُعد "نظرية البجعة السوداء" تشبيه لحدث نادر وذو تأثير شديد وقابلية التعليل على الرغم من صعوبة هذه الاحتمالية لكن البعض يضع تفسيرات بعد وقوع الحدث حول أنه كان من الممكن التنبأ به

والحدث النادر يساوي عدم اليقين، حيث نحتاج إلى دراسة الأحداث النادرة والمتطرفة بشكل أساسي من أجل التعرف على الأحداث الشائعة.

ما تعرفه لا يمكن أن يضرك حقاً، كما أن عدم القدرة على توقع أحداث عديدة يعني عدم التنبؤ بمسار التاريخ، هكذا يشير "نسيم طالب" عبر صفحات كتابه.

ويقول صاحب النظرية عن منطق "البجعة السوداء" إنه يجعل ما لا نعرفه أكثر أهمية مما نعرفه، فالعديد من البجعات السوداء يمكن أن تتزايد بسبب كونها غير متوقعة، لكن في المقابل السعي إلى توفير حلول تهدف لتجنب التداعيات الكارثية لمثل هذه الأحداث المفاجئة.

واكتسبت نظرية "البجعة السوداء" شهرتها بفضل "نسيم نيكولا طالب" الخبير المالي الذي غير مهنته في عام 2006، ليتحول إلى مجال الأبحاث في الرياضيات ليصبح أستاذ جامعي في هندسة المخاطر بكلية الهندسة في جامعة نيويورك.

ولمعت فكرة "البجعة السوداء" من قبل الخبير في الأسواق العالمية الذي تحول إلى الكتابة بعد تفسير نتائج الأزمة المالية العالمية عام 2008.

لكن في النهاية باتت ديناميات "البجعة السوداء" تفسير تجلى في العديد من الأحداث؛ كانهيار الاتحاد السوفيتي وانتشار الانترنت وانهيار الأسواق العالمية خلال عام 1987 وما أعقبه على سبيل المثال من تعافي غير متوقع لمثل هذه الأسواق.

وبحسب تقييمات عام 2017، فإن الانهيار المالي لسوق العقارات في الولايات المتحدة عام 2008 من أشهر أحداث البجعة السوداء كونه ذات وقع كارثي وعالمي ولم يكن من المتوقع حدوثه سوى عدد قليل من الأشخاص.

أما المثال الشهير الثاني في العام ذاته 2008، فجسدته "زيمبابوي" التي شهدت أسوأ حالة تضخم مفرط في القرن الـ21، حيث بلغ معدل التضخم أكثر من 79.6 مليار نسبة مئوية.

ومن المستحيل التنبؤ بمستوى تضخم عند هذا المعدل والذي يعتبر أكثر من كاف لتدمير النظام المالي لأي دولة.

بينما الحدث الثالث هو فقاعة "دوت كوم" والتي عاصرها العالم في عام 2001، والتي تتشابه مع الأزمة المالية لعام 2008، حيث كانت الولايات المتحدة تتمتع بتسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي مع تزايد الثروات الخاصة قبل أن ينهار الاقتصاد بشكل كارثي.

ويرى مؤلف كتاب "البجعة السوداء" أنه بالنظر إلى حادث "تسونامي" في المحيط الهادئ الذي وقع في ديسمبر 2004، فإذا كان متوقعاً حدوثه لما تسبب في الأضرار التي خلفها، حيث أنه على سبيل المثال كان من الممكن وضع نظام للإنذار المبكر.

كذلك الوضع الذي وقع في 11 سبتمبر 2001 حيث يفترض مؤلف هذه النظرية أنه إذا كان يتوقع أحداً حدوث هذا الهجوم في اليوم السابق لما كان سيحدث.

وفي الكتاب، يشرح "طالب" أنه في حالة وجود احتمال يستحق الاهتمام كانت الصورة ستكون أكثر اختلافاً، على سبيل المثال تحليق طائرات مقاتلة فوق البرجين وربما لكانت الطائرات أغلقت أبواب كابينة القيادة بالطائرة بتلك الأنواع المضادة للرصاص، وبالتالي لم كان لذلك الهجوم أن يحدث.

ويرى "نسيم" أنه من الضروري توقع كل الاحتمالات والاستعداد لها جيداً، وعدم الاكتفاء بتجارب وأحكام الماضي لتوقع المستقبل لأن "بجعة سوداء واحدة كافية لإنهاء فرضية استمرت مئات الأعوام بأن كل البجع أبيض اللون".