TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

تحليل.. لماذا يتحدى الدولار أساسيات الاقتصاد الحديث؟

تحليل.. لماذا يتحدى الدولار أساسيات الاقتصاد الحديث؟

تحرير - سالي إسماعيل:

مباشر: يمكن أن يفسر خبراء الاقتصاد حركات أسعار الصرف السابقة أكثر من توقع الاتجاهات المستقبلية، ولذا فعندما يتعلق الأمر بشرح أسباب هبوط الدولار خلال العام الماضي، فإننا نواجه معضلة تتحدى أساسيات اقتصادية.

وكانت السنة الأولى لدونالد ترامب كرئيس للولايات المتحدة، مصدراً عظيماً للمفاجآت، كما يرى تقرير نشره موقع "بروجيكت سينديكيت" حول "ركود الدولار".

مفاجأة ضعف الدولار

وتعتبر واحدة من أكبر هذه المفاجآت هي ضعف الدولار خلال الفترة بين يناير 2017 وحتى يناير 2018، حيث انخفض سعر صرف الدولار الفعلي بنحو 8%.

وكان من المتوقع أن تؤدي التخفيضات الضريبية وتطبيع أسعار الفائدة إلى تحويل هذا المزيج نحو سياسات مالية أكثر سهولة وسياسات نقدية أكثر تشدداً، وهي العوامل التي ساهمت في رفع قيمة الدولار في ظل سنوات حكم "رونالد ريجان" و"بول فولكر" الرؤساء السابقين للولايات المتحدة.

وقام الرئيس دونالد ترامب بإقرار خطة إصلاحات ضريبية في ديسمبر الماضي تنص على خفض الضرائب على الشركات إلى 21% مقارنة مع 35% سابقة.

وتساهم التخفيضات الضريبية للشركات الأمريكية في التشجيع على إعادة أرباحها بالتزامن مع تدفقات رأسمالية وهو الأمر الذي كان مفترض أن يدعم الدولار.

كما أنه كان من شأن التعريفات الجديدة على الصلب والألومنيوم والتي جعلت الواردات أكثر تكلفة وتحول الطلب نحو السلع المحلية أن تدعم أداء الدولار.

وفي مارس الجاري، أثار ترامب جدلاً ضخماً في جميع أنحاء العالم بفرضه رسوم جمركية على واردات الصلب والألومنيوم بنسبة 25% و10% على الترتيب مع استثناء دولتي المكسيك وكندا.

وكان الأمر الأكثر توقعاً هو ارتفاع سعر الصرف الحقيقي للدولار والذي يمكن أن يحدث فقط عبر التضخم أو قوة الدولار.

لكن الأسواق رفضت بحكمتها هذا المنطق لأكثر من عام، لتكذب التوقعات التي كانت تشير إلى اتجاه الدولار للصعود.

ويمكن للمعلقين الاقتصاديين أن يقوموا بشرح تحركات أسعار الصرف التي حدثت بالفعل أكثر من التنبأ بالاتجاهات المستقبلية.

تفسيرات شعبية

بينما التفسير الأكثر شعبية بشأن ضعف الدولار هو أن ترامب من خلال عدم الكفاءة أو التوجيه الخاطئ فشل في تحقيق ما وعد به، حيث لم يكن هناك تعريفة على الواردات من الخارج، لم تكن هناك إلغاء لاتفاقية التجارة الحرة لدول أمريكا الشمالية "النافتا"، لم يكن هناك حزمة بنية تحتية بقيمة تريليون دولار.

ووقعت 11 دولة في منطقة آسيا والمحيط الهادي الاتفاق الشامل والتقدمي للشراكة عبر المحيط الهادئ بدون الولايات المتحدة خلال الشهر الجاري.

لكن الواقع يظهر حدوث تخفيضات ضريبية كبيرة، بالإضافة إلى رفع سعر الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي، كما يوجد تغييرات ضريبية تخلق حوافز لإعادة الأرباح إلى البلاد.

وكان البنك المركزي الأمريكي رفع سعر الفائدة 3 مرات في العام الماضي لتتراوح بين 1.25 إلى 1.50% وسط توقعات بـ3 زيادات مماثلة في معدل الفائدة خلال هذا العام قد تمتد إلى أربعة وفقاً لتصريحات "جيروم باول" في شهادته نصف السنوية الأولى أمام الكونجرس.

وكان من شأن هذه الخطوات أن تدعم الدولار في الاتجاه الصاعد، لذلك لابد من وجود أسباب لهبوط العملة بعيداً عن سياسات ترامب.

الدولار والتضخم

أما التفسير الشائع الآخر هو توقع المستثمرون أن يرتفع سعر الصرف الحقيقي من خلال التضخم بدلاً من صعود العملة، ويرجع ضعف الدولار وفقاً لرؤية مؤيدي هذا الاتجاه إلى أن الفيدرالي أصبح مهدد بخسارة السيطرة على التضخم في البلاد.

ومن الممكن أن يثبت هذا التفسر صحته، لكنه ليس صحيحاً حتى الآن، حيث لم يشهد معدل التضخم ارتفاعاً في الفترة بين يناير 2017 ويناير 2018.

وسجل معدل التضخم الأساسي في الولايات المتحدة في الإثني عشرة شهراً المنتهية في فبراير الماضي استقراراً خلال 3 أشهر متتالية عند مستوى 1.8%.

وفي الوقت الراهن، لا يكمن الخوف في الأسواق بشأن تخلف الاحتياطي الفيدرالي عن منحنى التضخم بل كونه سيقوم برفع أسعار الفائدة بوتيرة متسارعة عن التوقعات، وإذا كانت معدلات الفائدة المرتفعة جيدة لشئ واحد فإنها إيجابية للدولار.

وتوقع الاحتياطي الفيدرالي في يناير الماضي أن يتسارع معدل التضخم ليصل إلى مستهدف البنك البالغ 2%.

حالة عدم اليقين

والأبعد من ذلك، أن هناك ما لا يقل عن 17 قصة مختلفة تفسر ضعف الدولار، البعض منها دقيق والبعض الآخر ممتع، ومع ذلك يتجاهل الغالبية التفسير الأكثر عقلانية وهو حالة عدم اليقين المرتبطة بترامب.

ولا يمتلك المستثمرون أيّ وسيلة للتنبؤ بأثر السياسات، مع الاعتقاد أنها تتجه بطريقة ما وبشكل مفاجئ في الاتجاه المعاكس.

وتحول مشروع قانون البنية التحتية الضخم إلى آخر أقل قيمة، كما أن الانسحاب من اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي اتجه إلى قرار محتمل لإعادة الدخول في الاتفاقية.

ويبدو أن وزير الخزانة الأمريكي "ستيفن مونشين" يتخلى عن سياسة الولايات المتحدة بشأن قوة الدولار لكنه يعيد تبنيها بعد ذلك، أي أن حالة عدم اليقين هو ترتيب اليوم وكل يوم.

ولا يوجد شيء يكره المستثمرون أكثر من حالة عدم اليقين، وهذا هو ما ينطبق بشكل خاص على مستثمري العملات والتي تتوقف قوة جاذبيتها على وضعها كملاذ آمن.

وعادةً ما يقبل المستثمرون على الدولار ليس فقط كونه يشهد استقراراً لكن بسبب أنه أيضاً يكتسب قوة في وقت الأزمة.

فوضى البيت الأبيض

والمزيد من الفوضى في البيت الأبيض سيؤدي فقط إلى مزيد من الهبوط في قيمة الدولار، لكن في الاتجاه المقابل توجد حقيقة بعض التدابير الداعمة للدولار التي توقع مراقبون أن يعتمدها ترامب مثل التعريفة الجمركية على واردات الصلب والألومنيوم.

وتعززت قيمة الدولار عندما أعلن الرئيس الأمريكي فرض الرسوم الجمركية في الأول من مارس ومع الهبوط الحاد في سوق الأسهم العالمية.

وفي بداية فبراير الماضي، شهدت الأسواق العالمية هبوطاً حاداً ليكون الأسبوع الأسوأ أداءً في نحو عامين.

وربما تستمر حالة عدم اليقين لكن قد يكون ارتفاع الدولار أيضاً في الأول من مارس الجاري بمثابة نذير لما سيحدث في أسواق الصرف الأجنبي.