TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

"عملة الشعب".. من القيود إلى حلم السيطرة

"عملة الشعب".. من القيود إلى حلم السيطرة
تحرير - سالي إسماعيل:
 
مباشر: تعتبر الصين عملاقاً اقتصادياً وثاني أكبر اقتصاد في العالم، لكن رغم ذلك لا تزال عملتها تستخدم بشكل ضئيل بعيداً عن حدودها على عكس الدولار الأمريكي واليورو والإسترليني.
 
ويوضح تقرير نشرته وكالة "بلومبيرج" حول اليوان الصيني أو "عملة الشعب" كما يطلق عليها، أن البلد الأول عالمياً في التصدير حافظت على عملتها بعيداً عن أسواق العالم في الماضي ولا تزال كذلك عبر فرض قيود على الشراء والبيع.
 
ونتج عن هذه القيود عزل الصين عن التدفقات الرأسمالية المتقلبة، كما أبقى على منتجاتها رخيصة الثمن لكن في الوقت الحالي يمتلك ثاني أكبر اقتصاد في العالم سبباً لتخفيف قبضته على عملته التي تعرف بـ"الرينمينبي" أو " اليوان".
 
ومن أجل دعم الاقتصاد البطيء وجذب رأس المال الأجنبي وتعزيز الطموحات السياسية المتزايدة، فإن الصين تروج استخدام اليوان في جميع أنحاء العالم وهي عملية بطيئة الحركة تعرف بالتدويل.
 
وتعتبر هذه العملية أو التدويل أحد أكبر التغييرات منذ إنشاء عملة اليورو وهو ما يعد حافزاً للمصرفيين والتجار، بالإضافة إلى ما تمثله من تهديد لاستقرار ومصداقية الاقتصاد الصيني.
 
ووصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الصين بأنها "السيد الكبير" في التلاعب بالعملة كونها الدولة التي تبقي عملتها "اليوان" أقل من قيمتها الحقيقية، مما يجعلها أكثر تنافسية في الأسواق الخارجية.
 
وعقب الخفض المفاجئ لقيمة اليوان في أغسطس 2015، قامت السلطات الصينية بتحويل تركيزها لدعم العملة، حيث أنفقت تريليون دولار أو ما يوازي ربع احتياطي النقد الأجنبي، كما قامت بتشديد القواعد على الأموال التي يتم نقلها خارج البلاد.
 
لكن بعد أن وصلت العملة المحلية للصين إلى مستوى قياسي متدنٍ بنهاية عام 2016، بدأت في الصعود الذي استمر حتى العام الجاري مع ضعف قيمة الدولار الأمريكي وازدهار آفاق الاقتصاد الصيني.
 
ويمكن لمستثمري القطاع الخاص سواء كانوا صينيين أم غير صينيين أن يقوموا بتحويل الأموال بطرق مشروعة من وإلى البلاد عبر برامج معتمدة وبكميات محدودة فقط.
 
في حين وجد كل من الشركات والأفراد طرقاً لنقل أموالهم إلى الخارج تتراوح بين شراء وثائق التأمين والممتلكات الأجنبية.
 
وباستمرار، مرت تقلبات اليوان باختبار تعهدات الحكومة بإعطاء قوى السوق دوراً كبيراً في تحديد سعر الصرف.
 
وفي الوقت نفسه، أمام تدويل اليوان طريق طويل، حيث تمثل الصين أكثر من 10% من التجارة العالمية لكن أقل من 2% من المدفوعات العالمية تتم عبر اليوان.
 
أما على نطاق أوسع للتحرك نحو تدويل العملة، تعهد الرئيس الصيني "شي جين بينج" بتقديم 100 مليار يوان من التمويل لمبادرة "الحزام والطريق" كما ضمت البنوك المركزية في أوروبا العملة الصينية ضمن احتياطاتها.
 
التاريخ
 
ويشهد التاريخ على مقاومة الصين لفتح أبوابها أمام العالم الخارجي، حيث تشير رسالة من الإمبراطور إلى الملك جورج الثالث في عام 1793 إلى رفض جميع طلبات تخفيف القيود على التجارة البريطانية.
 
وفي حكم "ماو تسي تونج"، ظل اقتصاد الصين مغلقاً أمام الدول غير الاشتراكية لمدة 30 عاماً ثم بدأت الصين في تحرير تلك الوتيرة وهو النهج الذي وصفه الزعيم الراحل "دنج شياو بينج" بـ"عبور النهر عبر الشعور بالحجارة".
 
وفي عام 1994، تم تحديد سعر ثابت لليوان مقابل الدولار الأمريكي، وهو ربط دام لمدة عشر سنوات.
 
وبعد أن انضمت الصين إلى منظمة التجارة العالمية في عام 2001، سمحت للمستثمرين من المؤسسات الأجنبية بشراء أسهم مقومة باليوان بكميات محددة.
 
أما في عام 2005، تم إسقاط ربط اليوان ثم عاد مرة أخرى بشكل غير رسمي في عام 2008 لعزل الصين عن الأزمة المالية العالمية.
 
وتمكنت الصين من تجاوز اليابان في عام 2010 لتصبح ثاني أكبر اقتصاد حول العالم، بينما في عام 2016 قام صندوق النقد الدولي بضم اليوان بجانب 4 عملات أخرى إلى سلة عملات حقوق السحب الخاصة.
 
وكان هذا الانضمام بمثابة أحد المعالم البارزة، حيث توقع بعض المحللين إمكانية تحويل تريليون دولار إلى أصول صينية بينما أكد قادة البلاد أنهم يهدفون إلى جعل اليوان قابل للتحويل بحلول عام 2020.
 
وتتنافس عشرات الدول كي تصبح مراكز تجارية لليوان كما وقعوا على اتفاقيات مبادلة للطوارئ، أما داخل الصين فإنه يمكن تداول اليوان في إطار 2% صعوداً او هبوطاً من السعر المرجعي الذي يعلنه البنك المركزي.
 
ورغم الانتقادات التي وجهتها الولايات المتحدة للصين لعقود بشأن الإبقاء على سعر الصرف ضيعفاً من أجل دعم الصادرات، توقفت عن وصف اليوان بأنه أقل من قيمته بشكل مبالغ فيه بل ودعمت الإجراء الذي قام به صندوق النقد الدولي بضم العملة لسلة الاحتياط.
 
في حين أحيا ترامب الانتقادات مهدداً بفرض رسوم جمركية على واردات الصين، لكن تقدم اليوان بالأسواق العالمية يظهر طموح الرئيس الصيني لتحدي هيمنة الدولار والنظام الاقتصادي العالمي الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة وأوروبا.
 
ومن المتوقع أن يؤدي إجراء الانضمام لسلة عملات احتياطي صندوق النقد الدولي إلى تسارع وتيرة الإصلاح.
 
ومن شأن استخدام العملة أن يزيد من تأثير الصين في تحديد أسعار السلع الأساسية من النفط إلى خام الحديد، فضلاً عن إعطاء الأفراد والشركات بالبلاد مزيداً من الخيارات مع مدخراتهم.
 
ومع بدء اليوان طريقه الطويل ليصبح عملة قابل للتحويل، تصبح الصين عرضة للتأرجح في العملة وتدفقات الأموال التي يمكن أن تؤدي إلى تفاقم التحديات الاقتصادية.