TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

قصة الأزمة التي دمرت "المعجزة الآسيوية" قبل 20 عاماً

قصة الأزمة التي دمرت "المعجزة الآسيوية" قبل 20 عاماً
وارتفعت نسب الدين الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 180% في بعض البلدان وقت الأزمة

من - نهى النحاس:

مباشر: 20 عاما مرت على الأزمة الاقتصادية التي واجهت دول جنوب شرق آسيا، والتي وصلت بعملتها ووضعها الاقتصادي وقتها إلى حافة الانهيار.

وفي عام 1997 ساد الاعتقاد بأن دول تلك المنطقة لن تعاود أدائها الاقتصادي الذي أبهر العالم قبل الأزمة والذي أطلق عليه آنذاك "معجزة دول جنوب شرق آسيا"، لكن بعد مرور عقدين نرصد أهم ملامح الأزمة وكيف تمكنت تلك الدول من استعادة ريادتها الاقتصادية.

لماذا حدثت أزمة؟

تعد استراتيجية التداول التي تعتمد على شراء وبيع أحد الأصول خلال فترة زمنية قصيرة لاستغلال فرق السعر بين الأسواق وتحقيق الربحية، والمعروفة باسم "المراجحة" هي كلمة السر في الأزمة الآسيوية عام 1997.

وفي آسيا انتشرت تلك السياسة بين الشركات والمستثمرين، الذين اتجهوا لشراء الأصول بأسعار زهيدة من الأسواق العالمية وبيعها بأرقام مرتفعة في السوق الآسيوي.

ولم يتم استخدام الأموال الأجنبية على نحو استثماري في بناء مصانع تُدر دخلاً يساعد في تحقيق النمو، إنما اتجهت لدعم الأسهم، وفي المضاربات العقارية.

ومع اعتقاد المستثمرين أن تلك التجارة لا تتضمن أي مخاطر، أصبحوا يعتمدون بشكل مفرط على تدفقات العملات الأجنبية، مما تسبب في تراكم عجز الحساب الجاري، كما أصبحت البلاد المتداولة "بالمراحجة" تعتمد بشكل كبير على الديون الخارجية المقومة بالدولار والمقترضة على فترات زمنية قصيرة.

وتسببت تلك الاختلالات في انهيار العملات الآسيوية التي أصبحت ضعيفة للغاية، وانهارت الائتمانات لتلك الدول، واتضح فيما بعد أن احتياطي النقدي الأجنبي لتك البلد غير كافي لمواجهة الأزمة.

ملامح انهيار الأسواق

يعد الانهيار الذي أصاب عملة "تايلاند" في بداية يوليو 1997، هو أول تداعيات الأزمة الآسيوية، وليست "البات" فقط هي من أصابها الانهيار، حيث لحقت بها عملات الفلبين، وماليزيا، وإندونيسيا.

ولم تنجو عملات عمالقة اقتصادات جنوب شرق آسيا من الانهيار، فهبطت عملة كوريا الجنوبية، وسنغافورة.

وبحلول أكتوبر من العام نفسه، لاحق التدهور أسواق الأسهم، وهبط سوق "هونج كونج" الذي طالما مثل عنصر رئيسي بمؤشرات الأسهم الآسيوية، حيث انخفض أكثر من 10% في يوم واحد، بعد محاولة السلطات حماية عملتها المحلية.

ولم تقتصر الإخفاقات على أسواق الأسهم الآسيوية، بل امتدت إلى "نيويورك"، وتراجع مؤشر "ستاندرد أند بورز" بنسبة 7% حيث كانت ثالث أسوأ خسارة يومية في تاريخ المؤشر وقتها.

وارتفعت نسب الدين الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 180% في بعض البلدان، مما أجبر البنوك المركزية على رفع أسعار الفائدة، وارتفعت حالات الإفلاس إلى مستويات لم يسبق له مثيل.

وفي إندونيسيا على سبيل المثال فقدت أكثر من 13% من الناتج المحلي في غضون عام واحد.

ويعد الركود العميق، وارتفاع البطالة، والانخفاض الحاد في مستويات المعيشة، وخاصة بين الفقراء، أبرز الأضرار الناجمة عن الأزمة.

وأدت حالة الاضطرابات المالية إلى زعزعة الاستقرار السياسي، وفي "كمبوديا" على سبيل المثال تمت الإطاحة برئيس وزرائها المنتخب، وقُتل عشرات الاشخاص، وكثير منهم من الضباط والجنود الموالين لرئيس الوزراء.

وفي إندونيسيا تم توجيه اللوم إلى الصينين هناك بأنهم المتسببين في الفوضى المالية، حيث اندلعت أعمال الشعب، ودمُرت شركات، وقُتل أشخاص.

كيف انتهت الأزمة؟

بدأت الأزمة طريقها نحو الانفراج عندما اتجه صندوق النقد الدولي في تبني حزم الإصلاح وعمليات الإنقاذ، التي ساهمت في إعادة الثقة للجمهور واستقرار الأسواق.

واتجه عمالقة الاقتصاد الآسيوي "والصين وهونغ كونغ واليابان وكوريا الجنوبية" لتأسيس صندوق اسمه "شيانغ ماي"، لإدارة قضايا السيولة قصيرة الآجل، تجنباً لتكرار حدوث أزمة.

واستغرقت إندونيسيا 5 سنوات حتى تتمكن من إعادة الناتج الإجمالي المحلي إلى مستويات ما قبل الأزمة، فبالنسبة للفرد الواحد فقد استعاد حصته من النمو الاقتصادي في 2004.

أما بالنسبة لحصة "إندونيسيا" من الناتج الإجمالي العالمي فعادت إلى مستويات ما قبل الأزمة في عام 2012.

  هل آسيا قد تواجه أزمة جديدة؟

بعد مرور 20 عاما أصبحت إشكالية عجز الحساب الجاري لا تمثل مشكلة لدول الأزمة، وأصبحت الدول الآسيوية ترى أنه لا يجب الاعتماد على التدفقات الأجنبية، بل أصبحت تحقق فائضا في الحساب الجاري، حتى الهند وإندونسيا تحققان عجزاً يمكن إدارته والتعامل معه. 

وتعد "تايلاند" أكبر المتضررين وقت الأزمة هي أكبر مثال على عدم إمكانية تكرارها مرة أخرى، فهي حققت عجزاً يعادل 8٪ من الناتج المحلي الإجمالي قبل الأزمة، والآن أصبحت تسجل فائضا بنسبة 11٪.

أما على مستوى الدين العام، فبالرغم أنه مرتفع الآن في الدول الآسيوية بشكل أكبر من وقت الآزمة، إلا أنها أصبحت أقل اعتماداً على الديون الخارجية قصيرة الآجل ولديها احتياطات كبيرة من النقد الأجنبي، تحميهم وقت الأزمات.

وذكرت منظمة "فيتش" للتصنيف الائتماني، أن الاقتصاديات الآسيوية أصبحت مجهزة بشكل أفضل، لمواجهة الصدمات الخارجية، والضغوط المالية، بدعم من الإصلاحات التي حرصت تلك الدول على إقامتها في أعقاب الأزمة.

وأضافت أن التحول من أسعار الصرف الثابتة إلى أسعار الصرف المرنة أحد أبرز سمات هذا التحول، حيث كانت الدول الأربعة الأكثر تضرراً وقت الأزمة "كوريا الجنوبية واندونيسيا وماليزيا وتايلاند"، كانت تعمل بطريقة الصرف الثابت.