TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

مؤتمر "حوكمة" الحادي عشر يختتم فعالياته بالتأكيد على أهمية الحوكمة في الارتقاء بأداء الشركات

مؤتمر "حوكمة" الحادي عشر يختتم فعالياته بالتأكيد على أهمية الحوكمة في الارتقاء بأداء الشركات

 تناولت جلسات مؤتمر حوكمة الحادي عشر الذي نظمه معهد "حوكمة" على مدار يومي الثالث والعشرين والرابع والعشرين من مايو الجاري في فندق أرماني بدبي، الكثير من المواضيع المهمة التي شكلت قيمة مضافة إلى المؤتمر، الذي شارك في جلساته ونقاشاته العديد من الخبراء والمختصين من مختلف بلدان العالم، عرضوا فيها أفكاراً ومقترحات وتجارب عديدة ومتنوعة حول الحوكمة وأهمية ومكانة ودور أعضاء مجلس إدارة الشركات المملوكة للحكومة. 

 
وناقشت جلسات المؤتمر العلاقة بين الشركات المملوكة للدولة والجهات المعنية بها كالوزارات والجهات السيادية. وقد تم التأكيد على ضرورة أن تكون العلاقة مبنية على الاحترام وودية وتتميز باللباقة واللياقة خالية من الندية والمواجهة، ذلك أن الشركات المملوكة للدولة هي أحد أهم ركائز التنمية المستدامة في دول المنطقة. وطرح المشاركون أسئلة وخبرات عديدة، حول الخبرات والصفات الشخصية اللازم توافرها في أعضاء مجالس ادارة الشركات المملوكة للدولة وأهمية نزاهة الأعضاء. كما ناقش الخبراء آليات تقييم أداء مجالس الادارة وأهميتها في تصميم برامج التدريب المناسبة بما ينعكس إيجاباً على أداء المجلس والشركة ككل.
 
وأكد معالي الدكتور أشرف شرقاوي، وزير قطاع الأعمال العام في مصر، في إحدى الجلسات التي شارك فيها أن فصل أو تعيين أعضاء مجلس الإدارة للشركات المملوكة من قبل الحكومة يعتبر من الأمور المهمة في نجاح هذه الشركات ونجاح الحكومة أيضاً.
 
وتحدث الوزير المصري عن تجربة مصر في التعامل مع الشركات في المرحلة السابقة، والتطورات التي طرأت عليها حتى اليوم. حيث الوزير المختص هو المسؤول عن الشركات القابضة والتي تتولى بدورها متابعة الشركات التابعة لها. ويتم تعيين أعضاء الجمعيات العمومية للشركات القابضة من قبل رئيس الوزراء، والذين يقومون بانتخاب أعضاء مجلس الإدارة،  فالقرار بيد أعضاء الجمعية العامة لهذه الشركة أو تلك وليس بيد الوزير.
 
وتابع: "تتضمن الشركة اليوم انتخابات ونقاشات، والبحث في مدى توافر خبرات ومؤهلات علمية وعملية في إدارة الشركات، وشروط ومعايير الانتخابات والترشح والنجاح، كما يفترض أن يمتلك المرشح لعضوية مجلس الإدارة أو رئيس ومدير المجلس خبرات وخلفيات تمكنه من إدارة الشركة".
 
ولفت الوزير إلى أن القانون اليوم وفر هذه الشروط والبيئة التي تؤكد على الشفافية والوضوح والمعايير التي تسهم في تحقيق النجاح، حتى أن القانون المصري الجديد حدد الفترة الزمنية التي يمكن للشخص أن يتبوأ خلالها منصب عضو أو مدير في مجلس الإدارة، مشيراً إلى أن هناك من تبوأ منصباً ما منذ عام 1991، حتى العام 2016، فما الذي عمله طوال تلك الفترة، ولماذا بقي؟ مؤكداً: "اليوم لا مجال لمشاهدة مثل هذه الصور".
 
الحوكمة تحفيز للعقل
من جانبه، قال سايمون وونج، الأستاذ الزائر في المعهد الكوري للمعاملات المالية العامة، الذي يمتلك تجربة طويلة تزيد على 20 عاماً: "أعتقد أن حوكمة الشركات من المواضيع المثيرة للاهتمام، وهي معقدة وتحفز العقل، ومن بين أهم التحديات التي تواجه عمل الحوكمة المؤسسية ضرورة أن نوازن بين الأهداف المالية وغير المالية للشركات المملوكة للدولة".
 
وأضاف: "هناك توجهات وتوقعات مختلفة للجهات المشرفة على تلك الشركات والمتعاملة معها، لكن لا بد من تحقيق الأهداف في نهاية المطاف. وتواجه الشركة قرارات هامة في مختلف الأمور، مثل تغيير الرواتب أوالمخصصات المالية، فهذه من بين القضايا الهامة والتي يكون دور المجلس فيها مهم جداً، حيث تنعكس قراراته والجهود التي يبذلها على تحسين الأداء بشكل عام. موضحاً أن هناك العديد من العقبات التي تواجه مجلس الإدارة في التعيينات والانتخابات، لكن الأمر عموماً يتعلق بتشكيل مجلس الادارة، خصوصاً في حال استناد التشكيل على اعتبارات سياسية بدلاً من العوامل التجارية".
 
ولفت وونج النظر إلى أن مجلس الإدارة يلعب دوراً جوهرياً في الحوكمة المؤسسية، ومن المهم معرفة كيف يتم انتخاب وتعيين الأعضاء، وتوضيح جهود الحكومة في تحسين إمكانات المجلس، ودورها كذلك في التدريب ولجنة الترشيحات للقيادات التنفيذية، ومدى أهمية وفاعلية وتأثير برامج التدريب التي تم تطويرها.
 
وشرح بصورة عامة قراراً حول إدارة المؤسسات العامة كأساس لممارسة الوظائف منذ العام 2007، حيث جاء هذا القرار ليوفر الإطار لنحو 332 شركة مملوكة للدولة، كما حدد القرار الخطوات والإجراءات والمحتويات الأساسية المتعلقة بالتعيين والفصل لأعضاء المجلس، وعندما نكون بحاجة إلى تعيين مديرين جدد يجب أن تجتمع لجنة الترشيحات لتسمية الأفراد الجدد.
 
ولفت الأستاذ الزائر في المعهد الكوري للمعاملات المالية العامة إلى أن اللجنة تتكون عادة من 25 عضواً، والغرض من هذا الأمر هو ضمان الشفافية مع استقرار أعمال الشركة، كما أنه يعكس الاحتياجات المختلفة للشركة، بالإضافة إلى أنه يوفر نوعاً من الاستقلالية.
 
وأكد سايمون وونج على أهمية توثيق تفاصيل الاجتماعات بمستوى عال من الشفافية والوضوح.  كما تناول أهمية دقة الاختيار لأعضاء المجلس، والتدريب وأهميته كسمة أساسية فيما يخص إعداد القيادات، حيث عملت وزارة الاستراتيجية والمالية ومعهد التمويل العام في كوريا الجنوبية على تقديم برنامج لتدريب المديرين وورش عمل لسد الثغرات في حال وجودها في موضوع القدرات الحقيقية للمديرين.
 
تعزيز الكفاءة 
وناقشت الجلسة الصباحية في اليوم الثاني للمؤتمر، أهمية تعزيز الكفاءة لدى أعضاء مجلس الإدارة للشركات المملوكة للدولة، ومدى انعكاس ذلك على الأداء، وأدارها الدكتور لورانس لي، الرئيس التنفيذي لمركز أبحاث الحوكمة في الصين، وتحدث فيها ناجيش سرياناريانا، وداتو عبد العزيز أبو بكر، ومايكل ويب، وهيندا إنجلز.
 
وأشار ناجيش سرياناريانا، إلى أنه عندما يكون هناك سباق على مستوى العالم بين مختلف الجهات، فإن الحلول القصيرة والمباشرة لا جدوى منها، الأمر الذي يستوجب الحديث عن الأهداف الاستراتيجية والحلول بعيدة المدى والأجل، كما أن الأمر يستدعي البحث في المخاطر ومدى تأثيرها السلبي على العمل والأداء عموماً، وتحديداً المخاطر بعيدة المدى. ولفت إلى أن هناك تغيرات عالمية في جميع المجالات، ومن بينها فرص العمل، والتدرج إلى اقتصاديات جديدة، خصوصاً في آسيا، وهي توفر فرص عمل على نطاق واسع. 
 
وأشار إلى أن هناك ضغوطاً متواصلة على الموارد، الأمر الذي يطرح سؤالاً مهماً يتعلق بكيفية الحفاظ عليها وديمومتها للأجيال المقبلة وللمستقبل، بالإضافة إلى تأثيرات التكنولوجيا على الأعمال. 
 
فيما أكد هيندا إنجلز، من أنغولا، والذي يزور دبي للمرة الأولى، على أهمية الخبرات التي تؤدي بالضرورة إلى تعزيز الأداء والكفاءات، وتحدث عن تجربة بلاده والتحديات التي تواجه الحكومة والشركات، وذلك بعد خلاص البلاد من حرب أهلية دامت 27 عاماً، مشيراً إلى أن عدد الشركات المملوكة من قبل الدولة كثير، وفي أكثر من قطاع، مثل النفط والغاز، والمياه والكهرباء، والاتصالات، والتعدين، وغيرها، مؤكداً على أهمية برامج التدريب لأعضاء مجلس الإدارة وجهود أنغولا في تطوير ثقافة الحوكمة هناك. 
 
ومن جانبه، عرض داتو عبد العزيز أبو بكر، تجربة ماليزيا في حوكمة الشركات والتي حققت نجاحاً لافتاً، على إثر خضوعها لبرنامج طويل الأجل مدته عشر سنوات، أشرف عليه مباشرة رئيس الوزراء. مؤكداً على أهمية تعزيز الكفاءات في مجالس الإدارة. مشيراً إلى أنه خلال عشر سنوات في ماليزيا نجحت غالبية الشركات وتخرجت من البرنامج بكفاءة واقتدار، وأصبحت تدار من قبل أصحاب الأسهم والمالكين وليس من قبل رئيس الوزراء.  
 
وبدوره، تحدث مايكل ويب، من نيوزيلندا، عن أهمية تكوين مجالس الإدارة والمخصصات والرواتب واتباع أفضل الممارسات، وعرض تجربة بلاده في موضوع حوكمة الشركات المملوكة للدولة، مشيراً إلى أنه لا يوجد الكثير من الشركات المملوكة من الدولة في بلاده.
 
تنظيف الغرف
في جلسة أدارها الدكتور أشرف جمال الدين، الرئيس التنفيذي لمعهد "حوكمة"، وشارك فيها خمسة خبراء، حيث ركزوا على كيفية أن تكون مجالس الإدارة أكثر فاعلية في ظل التأكيد على أهمية مشاركة الحضور من أجل إبداء الرأي والمناقشة بما يثري الجلسة، وتحدث فيها ستيفن ديفيس من جامعة هارفارد للحوكمة المؤسسية، الذي أشار إلى أن مصطلح حوكمة لم يكن موجوداً قبل نحو ثلاثة عقود، وأنه يعني في اللغة البرتغالية "تنظيف الغرف"، واعتبر ذلك مسألة إيجابية مهمة، كما تحدث في نفس الجلسة سعيد بركو كامبي، رئيس الشبكة الأفريقية للحوكمة، الذي أوضح أن الحوكمة المؤسسية تعني الالتزام والتأكيد على أهمية الضوابط والإجراءات، حيث يعتبر العنصر البشري هو الأهم في هذا الموضوع. 
 
أما رينواد فان غوتيم، المستشار الخارجي لمعهد غوربانا، فقد أشار إلى البدايات في العمل الحوكمي المؤسسي، حيث لم يكن القطاع العام ناضجاً بما يكفي في موضوع الحوكمة المؤسسية، في حين اختلف الأمر مع الأيام بشكل إيجابي. 
 
وبدوره، أكد شيفراد غيميوتاندا، الذي يعمل في الرقابة الخارجية في زيمبابوي، أن عملية التوظيف هي معيار أساسي، فإذا كان هناك تحيز في التوظيف لن يكون هناك نجاح، وبالتالي لا بد من معايير وشروط واضحة من أجل الاستفادة من الخبراء المناسبين. 
 
وأشار الدكتور أشرف جمال الدين إلى أن تأسيس معهد "حوكمة" الشركات في العام 2006 من قبل حكومة دبي، جاء بهدف تحسين ممارسات الحوكمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومنذ البدايات وهو يعمل مع الحكومات والمنظمين والشركات، ويجمع خبراء من مختلف البلدان لتبادل خبراتهم وأفكارهم فيما يتعلق بقضايا الحوكمة المختلفة، بما يسهم في تحقيق قفزات نوعية في حوكمة الشركات، خصوصاً أنه يطرح قضايا وأفكار عديدة في مؤتمره السنوي، الذي جاء هذا العام مركزاً على آخر التطورات في الشركات المملوكة للدولة، خصوصاً تنظيم وظيفة الملكية ومجالس الإدارة. 
 
ولفت إلى أن مجالس الإدارة تلعب دوراً أساسيا في إدارة الشركات وأداء الشركات المملوكة للدولة، وعلى مدى العقد الماضي، سعى عدد متزايد من الحكومات إلى جعل المجالس أفضل أداء، وضمان استقلالها، وحمايتها من التدخل السياسي المخصص، ومع ذلك، فإن ضمان وجود دور قوي ومستقل لمجالس إدارة الشركات المملوكة للدولة هو قضية تتصدى لها معظم البلدان. 
 
واعتبر جمال الدين المؤتمر السنوي لـ"حوكمة" أحد الآليات المهمة التي تساعد في نشر فكر الحوكمة في المنطقة العربية، وأحد الوسائل التي يمكن من خلالها استحضار المعرفة من مختلف مناطق العالم، فالمؤتمر يشارك فيه متحدثون من مختلف بلدان العالم، وكل مشارك يمتلك من الخبرة والتجربة والمعرفة الكثير، ويعرضها للنقاش، وبذلك تكون مختلف النقاشات وأوراق العمل والقضايا المطروحة في المؤتمر في متناول المختصين والمسؤولين.
 
وأضاف: "نقوم باختيار ما يناسب واقعنا وما يسهم في تحقيق قفزات نوعية في عملنا وأدائنا، سواء على مستوى المعهد، أو على مستوى الحكومات والشركات والمؤسسات في البلدان العربية، وبالتالي يمكن التأكيد على أن المؤتمر في هذه الصيغة هو محطة لتبادل المعارف والتجارب والخبرات، كما أنه طريقة لنشر الوعي بأهمية ومكانة الحوكمة، ومن ثم الوصول إلى كيفية التطبيق بما يسهم في الارتقاء بالعمل والأداء إلى أفضل مستوى".