TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

خبير أسهم سعودي: أداء البورصة يخالف نمو اقتصاد المملكة

خبير أسهم سعودي: أداء البورصة يخالف نمو اقتصاد المملكة

سوقها المالي لايستوعب تدفقات ضخمة

أشار الخبير السعودي في أسواق الأسهم محمد آل عباس الى ان أداء البورصة لا يعكس الوجه الحقيقي لاقتصاد المملكة، وانه يسير بطريقة تخالف النمو في الاقتصاد أو اتجاهاته، مطالبا هيئة السوق المالية بالتدخل لتصحيح الوضع، إما بإعادة هيكلة السوق كما حصل سابقا أو بتشجيع الشركات الكبيرة لدخول السوق المالية.

وقال: ان الوضع الحالي لسوق الأسهم يجعلها غير قادرة على استيعاب تدفقات نقدية ضخمة كالتي من المحتمل ان يجلبها الاستثمار الأجنبي، مؤكدا أهمية إعادة ترتيب السوق قبل ان يسمح بدخول أموال الاستثمار الأجنبي، حتى يتم تفادي السلبيات التي قد تنتج من هذه الخطوة وأهمها الأموال الساخنة.

ودعا الى تقسيم سوق الاسهم إلى سوقين، قائلا انه لا مفر من ذلك وخاصة مع تورط بعض الشركات المدرجة حديثا في أزمات وافلاسات وإيقاف عن التداول.

وفي ما يلي نص الحوار:

في ضوء الواقع الحالي لسوق الأسهم السعودي، هل ترى ان هذا السوق يقوم بدوره في العملية الاقتصادية بالمملكة من ناحية التمويل تحديدا؟

- لم تخلق اسواق المال الا من اجل التمويل، ذلك ان رغبة رجال الاعمال في توسيع اعمالهم وشركاتهم الى مستويات كبيرة تحتاج الى تمويل ضخم، وهذا التمويل والاستثمار يحمل مع المخاطر التي لا تستطيع جهة واحدة او حتى جهات تمويلية ان تتحملها، توزيع المخاطر على شريحة واسعة من المستثمرين هو معنى سوق الاسهم. والسوق تنجح في مشروعها التمويلي من خلال ما يسمى بالسوق الأولية، وهي سوق الطرح الاولي للاسهم، اما اكتتاب جديد او انه اكتتاب من اجل زيادة راسمال.

والسوق السعودية وحتى اليوم ورغم ما تعرضت له من ازمة في عام 2006 إلا انها ناجحة حتى الآن في تمويل المستثمرين ورجال الأعمال، فقد استضافت بورصة «تداول» 5 اكتتابات أوّلية عامة خلال عام 2011، بينما شهدت تنفيذ تسعة طروحات عامة أولية عام 2010 مقارنة مع 11 طرحا في 2009.

تشجيع الاستثمار

ما المخرجات والأدوات الجديدة التي ترى أهمية إضافتها إلى سوق الأسهم؟

- حاليا يتناسب السوق مع قدرات المستثمرين ومهاراتهم الاستثمارية، من المهم حاليا تشجيع الاستثمار المؤسسي، وهي خطوة تاخرت كثيرا، فمعظم التداول في السوق يتم عن طريق الافراد، وهذا يعرضهم لمخاطر كبيرة، بالاضافة الى انه يضعف الاهتمام بمسائل الإفصاح والشفافية التي تهتم بها المؤسسات الاستثمارية ذات الامكانات البشرية المناسبة في التحليل. ومع انطلاقة الرهن العقاري في المملكة، فإن وجود الصناديق العقارية اصبح لزاما وتشجيع الناس على الاستثمار العقاري المؤسسي سيعمل على معالجة كثير من المخاطر التي يتعرض لها الناس اليوم.

كيف تنظر إلى أداء الصناديق الحكومية في السوق المالية؟

- الصناديق الحكومية مراقبة بشكل صارم وهي تعمل من اجل تعزيز وتنمية راس المال، بالاضافة الى ضمان عوائد تتناسب مع المخاطر المقبولة، لذلك فإن تاثير هذه الصناديق محدود في المضاربات، لكنها اكثر حضورا في الاكتتابات الاولية والمشاركة في انشاء الشركات، وهذا دور محوري لها واساسي في دعم التنمية والاستقرار الاقتصادي. يعتقد بعضهم ان على الصناديق الحكومية ان تلعب دور صانع السوق، وهذا يخرجها عن مسارها المرسوم لها ويعرضها ويعرض السوق ايضا لمخاطر كبيرة، الصناديق وحتى اليوم تنأى بنفسها عن ذلك وهذا هو المطلوب.

توسيع قاعدة المستثمرين

هل مطالب توسيع قاعدة المستثمرين في السوق المالية وفتحها أمام رأس المال الأجنبي واقعية، وتتناسب مع واقع حال البورصة السعودية؟

- السوق السعودية لا تزال غير قادرة على استيعاب تدفقات نقدية ضخمة كالتي من المحتمل ان يجلبها الاستثمار المؤسسي، فرأس المال الاجنبي يقارن العوائد بين اسواق المال المختلفة في جميع دول العالم، وبناء على ذلك يقرر اين سيستثمر امواله، بعضهم يفضل المخاطر العالية والمضاربات، ومن اجل جني أفضل المكاسب والخروج عاجلا، وهذه تسمى الاموال الساخنة عادة، وهي خطرة قد تهدد الاسواق المالية، كما حصل في عدة دول من قبل. من المهم ان يكون دخول المال الاجنبي بعد ان تكون السوق وصلت الى مستوى كبير في عدد الشركات وحجم السوق بشكل عام، حيث سيقل تأثير الأموال الساخنة.

يتحدث كثيرون عن ان مستوى الشفافية في سوق الأسهم لم تصل إلى الحد المطلوب بعد، هل تقول بصحة ذلك؟ وما هي تحديدا الجوانب التي تنقصها الشفافية في السوق؟

- إن الافصاح والشفافية قضيتان كبيرتان ومفهومان واسعان جدا، بعضهم يعتقد انه بمجرد الإعلان عن القوائم المالية فقد اتم جانب الإفصاح، وبعضهم يعتقد ان الإعلان بأي صورة سيحقق له معنى الشفافية. تتجاذب الشفافية والافصاح قضايا مثل المنافسة والخوف من كشف اسرار الشركة ومشاريعها وتكلفة المشاريع وعوائدها للمنافسين. لكن بشكل عام فإن ثقافة الإفصاح والشفافية وطرق التعامل معها لم تزل متأخرة جدا لدينا، وهذا يعود جزئيا الى غلبة المضاربات والاستثمار الفردي في الأسواق المالية، فالافراد قد لا يعيرون الإفصاح والشفافية كثيرا من الاهتمام، كما انهم لايطالبون، ولا يستطيعون المطالبة كمجموع، بتعويضات ضد الشركات عن سوء الشفافية او اخطاء الافصاح. المؤسسات الاستثمارية هي من يهتم عادة بهذه الامور، ويطالب بمزيد من الشفافية، لكن تاثير هذه المؤسسات لم يزل محدودا حتى الآن في هذا الجانب.

أثر الاستثمار بالأسهم

هل تعتبر الإقبال المكثف من قبل السعوديين للاستثمار في الأسهم، وتحول الاهتمام بهذا السوق إلى اهتمام شعبي واسع أمرا ايجابيا؟

- بالتأكيد هذا شيء ايجابي، سوق الأسهم بوابة لتنمية المدخرات، ووجودها يشجع على الادخار، ومن ثم الاستثمار في الاكتتابات التي تخلق مصانع وشركات عملاقة جديدة تقوم بدورها بتوظيف العمال وتنمية الاقتصاد الكلي، اذن فالاهتمام بهذه السوق قضية استراتيجية للاقتصاد السعودي، المشكلة ان الوعي الاستثماري لم يزل محدودا والرغبة في الثروة السريعة يقود الناس اكثر الى الرغبة في الحصول على العوائد المنتظمة لراس المال، هذه التصرفات اذا غلبت على السوق تقوم بتشويهها وتشويه اهدافها، وهو ما يحدث اليوم.

هل لا تزال صحيحة مقولة ان أموال السعوديين إما في سوق الأسهم أو العقار؟

- صحيحة الى حد بعيد، فلم تزل الصناعة متاخرة جدا في المملكة، ورغبة المستثمرين في الدخول الى عالم الصناعة محدودة، نظر إلى عدة عوائق من اهمها العمالة الماهرة وتكلفة الاستقدام والمنافسة الأجنبية الكبيرة في السوق المحلية، سوق الأسهم والعقار يقدم عوائد ممتازة بتكلفة اقل، ويمكن لشخص او مؤسسة صغيرة من عدة اشخاص ادارة محفظة تدر الملايين، بل المليارات احيانا، بعيدا عن مشاكل الصناعة وغيرها.

الاصلاحات

كيف كان تأثير سوق الصكوك خصوصا الإسلامية على سوق الأسهم؟

- السوق المالية وسيلة الشركات للحصول على التمويل، الأسهم تكلف اقل بينما الصكوك تكلف أكثر، لكنها جدية من ناحية ان حاملي الصكوك لن يصبحوا ملاكا إلى الأبد، ويطالبون بنصيب من الأرباح، بل لمدة محدودة فقط، تنتهي بنهاية تاريخ الاستحقاق، وهذا يمنح الشركات القدرة على تنمية أعمالها، من دون ان تتأثر بالأرباح الموزعة على المدى الطويل. فسوق الصكوك جيدة من ناحية المبدأ، ولكنها لم تتطور بعد بما يكفي نظرا إلى وجود كثير من البدائل التمويلية من ناحية، ووجود أسواق عالمية أكثر نشاطا واقل تكلفة، وأيضا محدودية الشركات التي تحتاج إلى توسعات تقتضي اللجوء إلى سوق الصكوك.

المقارنة بين أداء الاقتصاد السعودي بشكل عام، وأداء سوق الأسهم كيف تنظر إليها؟ هل يسيران في خطين متوازيين؟

- إن سوق الاسهم هي مرآة الاقتصاد، طالما هي مهيكلة بطريقة صحيحة، وهنا الشرط ان يتم هيكلة السوق بطريقة صحيحة تعكس واقع الاقتصاد. فتنوع القطاعات في السوق يجب ان يعكس تنوعها في الاقتصاد، وتدفق الاستثمارات على القطاعات في السوق يجب ان يعكس التدفقات الحقيقية في الاقتصاد. عندما تسير السوق المالية بطريقة تخالف النمو في الاقتصاد أو اتجاهاته بشكل عام، فهذا يعني ان هيكلة السوق غير صحيحة، او ان الشركات التي في السوق لا تعكس واقع الشركات التي في الاقتصاد، وهنا يجب ان تتدخل هيئة السوق المالية لتصحيح الوضع، إما بإعادة هيكلة السوق كما حصل سابقا او بتشجيع الشركات المتميزة لدخول السوق المالية.

ألم تحدث الإصلاحات المتعددة التي أدخلت على السوق خلال السنوات التي تلت ما يسمى بنكسة فبراير 2006 الأثر المطلوب في أداء السوق؟

- عانت السوق الى حد بعيد من التوجيه نحو اهداف واسعار غير واقعية، وهذا بسبب تكتل كبار المستثمرين وقدرتهم على ضخ السيولة والتلاعب بالعروض، استطاعت هيئة السوق المالية الحد من ذلك من خلال مراقبة دقيقة لحركة السوق والأمور، ومعاقبة من يثبت عليه شيء من ذلك، وهذا حد كثيرا من هذه الظاهرة، كما سعت هيئة السوق المالية إلى تعزيز الشفافية والإفصاح وعاقبت الشركات التي تتورط في تسريب معلومات او استفادت من ذلك، كما عاقبت على مخالفات لوائح الإفصاح والشفافية، وهذا عزز من نوعية المعلومات الجيدة في السوق ومن رفع الوعي بها. لا تزل هيئة السوق المالية تعمل على تعميق السوق، لكن نوعية الشركات التي يتم ادارجها لا تزال قضية شائكة.