TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

حرب أسعار قطاع الاتصالات.. مكاسب عاجلة وأضرار آجلة

حرب أسعار قطاع الاتصالات.. مكاسب عاجلة وأضرار آجلة

تشهد السوق المزدهرة لخدمات الجوال منافسة محتدمة حيث تداوم شركات الاتصالات على تقديم عروض ترويجية جديدة، ومزايا جذابة، وغيرها من عروض التسويق ”الخاطفة“ لاستقطاب عملاء جدد والاستحواذ على حصة سوقية أكبر من منافسيها.

وفي ظل تلاشي الفروق الكبيرة بين المزايا التي تقدمها مختلف المنتجات والخدمات المتاحة في السوق، اضطرت شركات الاتصالات إلى خفض أسعارها، ومن هنا نشبت حرب الأسعار، وبينما قد تساعد هذه الحرب في البداية على التخفيف من وطأة ضغوط تحقيق المستهدفات والحصص السوقية، اكتشفت شركة بوز أند كومباني أنها تترك الشركة التي تبدأ بخفض أسعارها والأسواق في وضع مالي أسوأ بكثير.

ولذا يتعين على شركات الاتصالات بذل قصارى جهدها للحيلولة دون اندلاع حروب الأسعار. وإن لم تفلح في ذلك، فإن شركة بوز أند كومباني تقدم لها أربعة مناهج حاسمة لكسب المعركة.

خطوة سريعة وغير فعّالة

بالنسبة لكثير من المراقبين الخارجيين، تبدو حرب الأسعار ذات نتائج إيجابية، إلا أن تداعياتها أعمق من ذلك بكثير. وفي هذا الشأن يفيد ديفيد توسا، وهو شريك في بوز أند كومباني، قائلاً ”تَعدُ حرب الأسعار بالكثير في البداية، ولكنها لا تحقق إلا القليل في النهاية: ففي البداية، تحقق شركات الاتصالات التي تبدأ بخفض أسعارها عائدات إجمالية غير مسبوقة نتيجةً لتحول العملاء إليها. وبعد فترة وجيزة، تتعرض شبكة شركة الاتصالات ”الرابحة“ لاختبار حقيقي مع ارتفاع معدلات الاستخدام وانخفاض مستويات الجودة. ونتيجةً لذلك، تضطر شركات الاتصالات ”الخاسرة“ إلى مضاعفة الإنفاق على الحملات الإعلانية وتقديم حوافز أكبر لاستعادة عملائها، مما يُجبر شركة الاتصالات ”الرابحة“ أن تحذو حذوها بإنفاق المزيد للحفاظ على مكانتها السوقية“.

وتُظهر الدراسة التي أجرتها بوز أند كومباني لست أسواق متقدمة وناشئة أثناء حرب الأسعار، في آسيا والشرق الأوسط وأوروبا، أن ما يتبقى من آثار هذه الحرب هو خسارة كبيرة في القيمة السوقية.

ويُعلق أبيچيت نافلكار، وهو مدير أول في بوز أند كومباني، قائلاً ”يروي نموذج سوق الشرق الأوسط قصة بليغة في هذا الشأن، فقبل حرب الأسعار كانت سوق الجوال تحقق 79 بالمئة من القيمة المحتملة، ولكن تسببت تلك الحرب في تراجع القيمة إلى 74 بالمئة“.

ردود أفعال تكتيكية

ما هي الخطوات التي ينبغي على مدراء التسويق والرؤساء التنفيذيين اتخاذها عندما تلوح في الأفق بوادر حرب الأسعار؟ وللإجابة على هذا السؤال، تقدم بوز أند كومباني أربعة ”مناهج“ تكتيكية و”منطقة محظورة“، والتي توفر مجتمعة لمدراء التسويق القدرة على ”تجنب الحرب إن استطاعوا، والفوز فيها إن تعذر ذلك“.

المنهج الأول: التلويح بمكامن القوة

يُستخدم هذا المنهج كرادع قبل اندلاع الحرب، فمن شأنه إرجاء الصراع من خلال إظهار نية الفوز للمنافسين دون الدخول في المعركة. وفي هذا المنهج، تلجأ شركات الاتصالات التي لم تخفض أسعارها إلى التلويح بتهديدات ذات مصداقية لصرف الانتباه عن حرب وشيكة.

الرسائل والأدوات: يشمل منظور هذا المنهج السوق بأكمله، وتُسلط رسائله الضوء على القيم والمزايا التي تقدمها عروض الخدمات من أجل صرف الأنظار عن عروض أسعار شركة الاتصالات المُعلنة للحرب

القدرات: تكمن القدرة الرئيسية في فهم كيفية تأثير الإجراءات المُتخذة ضد العدوان الوشيك على شرائح العملاء في السوق

النتائج المستهدفة: ترى الشركة التي لم تخفض أسعارها أن انسحاب الشركة المُعلنة للحرب هو أفضل النتائج الممكن تحقيقها.

الآثار المترتبة على القيمة السوقية: تتبنى الشركات الراسخة في السوق هذا المنهج بشكل تلقائي لأنه من غير المحتمل أن تعرض سمعتها للخطر لميزة في الأسعار لا تدوم طويلاً

المنهج الثاني: الهجوم المُوجَّه

يُستخدم هذا المنهج في التصدي لعدوان الشركات الأخرى والسعي إلى الحد من الأضرار الناجمة عنه واختيار ساحة المعركة.

الرسائل والأدوات: لا يخاطب هذا المنهج قطاعا عريضا من الجمهور، ولكن رسائله تستهدف القيمة المحققة وتُركز عليها. وفي واقع الأمر، تنخرط شركات الاتصالات في حرب الأسعار ولكنها تتحكم في الآثار الناجمة عنها.

القدرات: تكمن القدرات الرئيسية في التركيز على عنصر الدقة والطرح الفعّال للرسائل التسويقية.

النتائج المستهدفة: يساهم هذا المنهج في زيادة القيمة المحققة من شريحة سوقية معينة، الأمر الذي يُعزز من ولاء العملاء.

الآثار المترتبة على القيمة السوقية: يُستخدم هذا المنهج في الأساس في الدول المتقدمة.

المنهج الثالث: دخول الحرب والحفاظ على الزخم.

يشمل المنهج الثالث انضمام الشركة إلى حرب الأسعار مع شن هجوم مضاد عنيف، ولكن مع الحدّ من نطاق مشاركتها وتكثيف قوتها.

الرسائل والأدوات: تكون الرسائل مُركزة ودائمة وأكثر فعالية عند توجيهها إلى شريحة غير مفرطة الحساسية تجاه تقلب الأسعار.

القدرات: يتطلب هذا المنهج قدرات إدارية منضبطة للتغلب على العقبات الناشئة على طول درب المنافسة.

النتائج المستهدفة: يمكن تطبيق هذا المنهج على جميع الأسواق.

الآثار المترتبة على القيمة السوقية: مع اعتماد هذا المنهج، يمكن لشركات الاتصالات الاستحواذ على حصة سوقية من القيمة المحققة من شرائح معينة، على الرغم من احتمالية تأثر حصتها السوقية الإجمالية.

المنهج الرابع: آلية قتال جديدة

يختلف هذا المنهج اختلافاً جوهرياً عن المناهج السابقة. وفي هذا الصدد يستطرد أبيچيت نافلكار قائلاً ”يهدف هذا المنهج إلى استحداث آلية قتال جديدة من خلال التغيير الجذري لهيكل التكاليف، حيث تُبادر شركات الاتصالات باكتساب ميزة التكلفة الهيكلية التي يمكن الاستفادة منها في استحداث وضع متميز ومستدام للأسعار“.

قدرات آلية القتال الجديدة

بمقدور شركات الاتصالات مع هذا المنهج تطوير مجموعة جديدة من القدرات وخلق ميزة تنافسية واضحة استناداً إلى ثلاثة عناصر هيكلية وهي:

- إعادة الهيكلة التنظيمية: تشمل دمج الوظائف والاستعانة المحدودة بمصادر خارجية لخلق أوجه تفاعل ومزايا للتكاليف قبل الاستعانة بمصادر خارجية على نطاق أوسع.

- إعادة تصميم إجراءات العمل: تشمل تصميم الإجراءات الإدارية الداخلية، وتبسيط إجراءات التعامل مع العملاء، فضلاً عن إعادة هيكلة شرائح العملاء وتبسيط عروض المنتجات والمزايا المقدمة.

- خفض النفقات التشغيلية: يشمل الجهود المبذولة لخفض تكاليف التشغيل على صعيد أبعاد متعددة.

الآثار المترتبة على القيمة السوقية

يساهم هيكل التكاليف المرن في تحسين هوامش الربح ويُتيح لشركات الاتصالات حرية الحركة والمرونة في اتخاذ قرارات تسعير مدروسة من شأنها التأثير على هيكل السوق.

حروب الأسعار تدمر القيمة المحققة، ومع ذلك يمكن السيطرة عليها، بل وتجنبها في بعض الأحيان. وسعياً لتحقيق ذلك، يجدر بشركات الاتصالات اعتماد أي من هذه المناهج التكتيكية الأربعة أو جميعها والتي، إذا نُفذت بشكل صحيح، سوف تبرهن على جدواها خلال الحرب بل ويمكنها الحدّ من أمَد الصراع. وفي الواقع، يظل الخيار الأفضل هو إعادة هيكلة نموذج عمل شركة الاتصالات عن طريق التغيير الجذري لهيكل التكلفة.