TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

المنحة المالية السعودية تنعش الأسواق الفلسطينية

المنحة المالية السعودية تنعش الأسواق الفلسطينية

أعادت الأمل للموظفين إلا أنها لا تشكل حلاً جذرياً لأزمة السلطة المالية

شهدت البنوك التجارية العاملة في الأراضي الفلسطينية، ازدحاماً شديداً منذ الصباح، في إشارة لعودة الحياة الطبيعية للأسواق الفلسطينية، بعدما تعثرت وانقلب حالها منذ بداية شهر يوليو الجاري.

الازدحام سببه آلاف الموظفين العاملين في القطاع الحكومي والذين هرعوا للبنوك لتحصيل رواتبهم، بعدما قدمت المملكة العربية السعودية منحة عاجلة لخزينة السلطة الفلسطينية قدرها 100 مليون دولار.

وقال رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض، إن هذه المكرمة تضاف إلى السجل الحافل من الدعم المالي والسياسي الذي تقدمه المملكة ممثلة بخادم الحرمين الشريفين للشعب الفلسطيني، مشيراً إلى أن هذا الدعم سيكون له الأثر البالغ في تعزيز صمود أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس.

وكان وزير المالية السعودي إبراهيم العساف، أبلغ رئيس الوزراء فياض، في اتصال هاتفي، أنه "بناء على طلب الرئيس محمود عباس، صدرت تعليمات من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لتحويل مبلغ 100 مليون دولار على وجه السرعة للسلطة الوطنية لمساعدتها في حل الأزمة المالية الفلسطينية".

ويقول الدكتور غسان الخطيب مدير مركز الإعلام الحكومي "إن هذه المساعدة السعودية مهمة جداً لأنها تأتي في ظروف مالية صعبة للغاية، خصوصاً أننا مقبلون على شهر رمضان ومن بعده عيد الفطر، وحياة قرابة 150 ألف موظف في الضفة الغربية وقطاع غزة، تعتمد بشكل كامل على ما يتقاضونه من رواتب من السلطة الفلسطينية، كما أن هذه المكرمة المالية العاجلة، ليست غريبة عن المملكة السعودية، ففي شهر سبتمبر من العام الماضي، كنا نعاني نفس الأزمة، وقدمت في حينه السعودية مبلغ 200 مليون دولار بشكل عاجل لحلها".
الموظفون الأكثر سعادة

أبو جميل موظف في إحدى الوزارات الفلسطينية، وزوجته هي الأخرى موظفة لدى السلطة الفلسطينية، وقد توجه منذ الصباح إلى الصراف الآلي، فور سماعه خبر المنحة المالية السعودية، ليسحب بعض الأموال بعدما مرت العائلة في ظروف صعبة منذ بداية هذا الشهر، إثر تعثر صرف راتبه وراتب زوجته.

ويقول أبو جميل "منذ بداية الشهر ونحن نعيش في شلل كامل، اضررت لتأجيل فحوص طبية ضرورية لي ولطفلي بسبب عدم توفر المال الكافي لتلك الفحوص، كما أن نظام حياة الأسرة بشكل عام قد تضرر بسبب عدم انتظام الراتب، بدأ من المواصلات اليومية وحتى علاقتي مع السوبر ماركت، وعلاقتي مع الأصدقاء، لم يعد هناك ثقة بالموظف لدى السلطة الفلسطينية، سواء من حيث الديون الشخصية أو من حيث الشيكات البنكية، في كل مرة يتأخر فيها الراتب، أدخل في أزمة ثقة مع الناس من حولي".

ويتقاضى أبو جميل قرابة الـ1000 دولار كراتب شهري، أما زوجته الموظفة، فيصل راتبها إلى 700 دولار، وهو مبلغ مالي يفي بحاجة أسرة فلسطينية عادية، ويسد التزامات الطعام والشراب والملبس، ولكنه ليس كافياً لشراء سيارة أو منزل مثلاً، أو حتى الخروج برحلة ترفيهية سنوية.
الطبقات الدنيا

ارتقاب الراتب لا ينحصر فقط على الموظفين، فالسوق الفلسطينية بشكل كامل ترتقب رواتب الموظفين الفلسطينيين وتتفاعل معها، إذ إن الرواتب الشهرية التي تضخ في السوق، إضافة لنفقات حكومية أخرى تصل بمجملها إلى 200 مليون دولار، تحرك العجلة الاقتصادية، فتزدحم الأسواق التجارية، وتعود عمليات البيع والشراء إلى حالتها الطبيعية، كما تنشط حركة المواصلات والاتصالات، وتنتعش المؤسسات الخدماتية.

ويقول رمزي يونس، والذي يعمل حلاقاً "كل البلد تنتظر الراتب، عدد الزبائن لدي ينخفض إلى النصف في حالة انقطاع الراتب، فالموظف يفضل تأخير الحلاقة أو استبدال صالون الحلاقة بقص الشعر البيتي إن تأخر راتبه، فبدل أن ينفق الخمسة دولارات على حلاقة رأسه، يفضل أن يشتري بها شيئاً للأطفال. وهكذا كلنا ننتظر الراتب وليس فقط الموظف".
طريق مسدود

ويقول الدكتور سمير عبد الله، وزير التخطيط السابق ومدير معهد ماس للسياسات الاقتصادية "راتب الموظفين هو المكون الأساسي للطلب الفعلي الذي ينعكس في دورة السوق، والمبلغ الذي تنفقه السلطة شهرياً من رواتب وغيرها والذي يتراوح بين 150 و200 مليون دولار يشكل قرابة 30% من الناتج المحلي الإجمالي".

أما عن طبيعة الأزمة المالية التي تمر بها السلطة الفلسطينية، فيعتقد الدكتور عبد الله أن السلطة وصلت إلى طريق مسدود لحل الأزمة المالية، فهناك تناقض هائل بين إمكانيات السلطة ومصادرها، وحجم المسؤوليات الموكلة لها، ولا يمكن للسلطة الاستمرار بهذا الشكل إن لم توف الدول المانحة والعربية بالتزاماتها بشكل متواصل.