TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

القرار جاء خدمة لأغنياء المحررات وليس لحماية المنتج الوطني

القرار جاء خدمة لأغنياء المحررات وليس لحماية المنتج الوطني

أثار قرار وزارة الزراعة المقالة القاضي بمنع استيراد كافة أنواع الفواكه الإسرائيلية باستثناء الموز والتفاح، حالة من الإرباك والشكوك في دوافع وتوقيت القرار لدى المواطنين والتجار والمختصين. قرار وزارة زراعة المقالة جاء بذريعة حماية المنتج الوطني رغم مرور موسم العنب وهبوط أسعاره دون أي تدخل لحمايته لأنه إنتاج فردي، بينما تم حظر استيراد البطيخ والشمام لأنه إنتاج جمعيات ومؤسسات تابعة للحكومة المقالة.
ويشمل القرار فواكه لا يتم إنتاجها في قطاع غزة مثل الاجاص والخوخ والسنتروزة وغيرها من اللوزيات، الأمر الذي يثير العديد من التساؤلات حول الغرض من القرار وخلفياته.

القرار وخلق الله
وعبر المواطنون عن قلقهم من قرار الحكومة المقالة منع استيراد كافة أنواع الفواكه الإسرائيلية باستثناء الموز والتفاح لأنه يحدد لهم ما يأكلونه من فواكه دون الأخذ في الاعتبار الفوارق البشرية التي خلق الله البشر على أساسها والمتمثلة بحب أو كراهية أو تفضيل بعض أنواع الفاكهة، فكانت الحكمة الإلهية التنوع في إنتاج أرضه لتشمل كل أذواق ورغبات البشر.
ويفرض القرار أنواعا من الفواكه التي تنتجها غزة وهي البلح والجوافة لتكون الوحيدة في الأسواق، وبالتالي يحقق مزارعوها أرباحاً كبيرة لاضطرار المواطنين لشرائها بأي ثمن لعدم وجود غيرها.
ويقول المواطن كمال عرفة من خانيونس: «قرار غريب، في وقت يثير التساؤلات، بدنا نفهم ليش هذا القرار؟»، وأضاف: «إذا كان الهدف هو حماية إنتاج البلح والجوافة كان يكفي أن يشمل القرار منع استيراد البلح والجوافة الإسرائيلية، وأما التعميم في القرار ليشمل كل أنواع الفواكه فهو أمر يثير الدهشة والريبة».
ويطالب عرفة الحكومة المقالة بعدم «التعامل مع المواطنين كأغبياء، أو قطيع من الغنم تسوقه وكأنه لا يعرف الطريق أو الحقيقة، نحن مع المنتج الوطني، ولكن ضد تحقيق مصالح شخصية للمتنفذين وبعض رجال الأعمال والجمعيات على حساب المواطن البسيط». ويشير إلى أن ابسط قواعد السوق الذي تتعامل بها الحكومة المقالة هي «اتاحة المجال للمنافسة وليس الاحتكار، ولكن يبدو أنها شعارات للاستهلاك».
ويوضح المواطن سلامة احمد أن القرار لم يكن له أي داع سوى حماية مصالح بعض المتنفذين، وقال «لا يجوز أن يتم رهن مصالح شعب بأكمله بمصالح فئة من الأغنياء الجدد، وكأنه نموذج لإعادة إنتاج الإقطاع، وليس لحماية المنتج الوطني كما يدعون».
ويشدد احمد على ضرورة حماية المنتج الوطني، وتوفير مقومات الحياة للمواطنين من خلال جعلهم قادرين على الاختيار، وعدم مصادرة أو فرض أنواع من الأكل عليهم قد لا يحبونها ويفضلون غيرها، ويقول مثلا: «الاجاص والخوخ وغيره من الأنواع لا يوجد لها بديل وطني وتم منع استيرادها، وهذا ليس عدلاً... أن يشمل القرار كل الأنواع دون دراسة، وإنما تطبيقا لمصالح شخصية».

قطع أرزاق
ويعتبر التجار قرار الحكومة المقالة بمنع استيراد الفاكهة من إسرائيل قطعا لأرزاقهم واستهدافا لهم، ويرى البائع مصطفى أبو الوفا أن القرار غير مدروس على الإطلاق، ويأتي لحماية طبقة اغتنت من التهريب وتريد تسويق نفسها من خلال زراعة المحررات، ورفض القرار جملة وتفصيلاً باعتبار أن الناس أحرار في شراء ما يشتهون، وليس كل الفاكهة موز وتفاح وجوافة وبلح.
ويدعو الحكومة المقالة للتراجع عن قرارها الجائر والسماح باستيراد الفواكهة التي لا توجد بدائل لها في قطاع غزة مع مراعاة أن الفواكه الموجودة تكفي من حيث النوعية والجودة والأسعار.
ويشير التاجر خالد عبد العزيز إلى أن دخول الفواكه من المعابر يعني وجود منافس بمستوى جودة أفضل للمنتج الوطني، الذي يتعامل معهم وفق تصنيفات ودرجات، فالدرجة الأولى لا تصل الأسواق في القطاع بل يتم تصديرها بالخفاء إلى إسرائيل وعبر الأنفاق إلى الخارج، والدرجات المتدنية هي ما يتم ترويجها في الأسواق على أساس أنها المنتج الوطني.
ويوضح عبد العزيز أن وجود المنتج المستورد يعني تنافسا حقيقيا في السوق، وهذا يعمل على تخفيض الأسعار لصالح بائع المفرق والمواطن، أما غياب المستورد فيعني استفراد منتجات المحررات ذات التصنيف الثاني والثالث بأسعار التصنيف الأول والمستورد من إسرائيل، وعلى المواطن أن يقبل هذا راغماً.
ويرى التاجر وصاحب محل فواكه في منطقة تل السلطان برفح تامر مصطفى أن زراعة حماس فرضت قرارها لكي تروج لمنتوجاتها من الجوافة والبلح، مستخدمة قوتها الإدارية بفرض أصناف لا تجد رواجا عند المواطن، ويضطر البائع لشرائها بأسعار لا تستحقها حتى لا يغلق محله وينام في بيته، بالإضافة أن القرار جاء لصالح زراعة حماس التي تشرف وتدير وتحصد إنتاج الأراضي المحررة.

الغرفة التجارية تشترط الرقابة والجودة
ويشترط رئيس الغرفة التجارية محمود اليازجي تأييد قرار منع استيراد الفواكهة بتوفر كافة الأنواع الممنوعة وبأسعار مناسبة وكميات كافية وبجودة عالية، إضافة إلى مراقبة السوق لمنع الاستغلال والاحتكار.
ويطالب اليازجي وزارة الزراعة المقالة بالكشف عن الكميات المتوفرة من جميع الأنواع لديها ان كانت موجودة، والتعهد بمراقبة السوق وعدم الاكتفاء باتخاذ القرار وترك المواطن فريسة لاستغلال المزارعين.
ويؤكد اليازجي أن قرار وقف استيراد العنب جاء متأخراً لكنه يوضح «ان إنتاج قطاع غزة من البلح العام الماضي تضرر ولم يقدم المزارعون على حصده لان تكلفة الحصاد أعلى من السعر المتداول في السوق، ولذلك إذا كان القرار بمنع استيراد البلح والجوافة فنحن نؤيده، ولكن إذا شمل كافة الأنواع فهو بحاجة إلى إعادة تقييم».
ويقول: «يجب حماية المنتج الوطني، نحن لا نستطيع المنافسة في ظل إغراق السوق بالأصناف التي ننتجها، وإذا كان قرارا مدروسا من حيث الجودة والكمية والنوعية ومراقبة السوق ومنع الاستغلال وتوفير الفواكه غير الموجودة ولا تزرع عندنا فنحن مع القرار».
ويضيف اليازجي: «وإذا كان قرار المنع يشمل كل أنواع الفواكه استثناء الموز والتفاح، رغم وجود أنواع أخرى مثل الاجاص والخوخ وغيره من الفواكه غير متوفرة ولا تزرع في غزة فيجب إعادة النظر في القرار ليشمل الاستثناء كل أنواع الفواكه التي لا نستطيع توفيرها أو إنتاجها في غزة وليس فقط الموز والتفاح».
ويشدد اليازجي على ضرورة مراقبة الأسواق من حيث الجودة والسعر، لان الرقابة ستمنع المزارع من استغلال المواطنين، ومن اتخذ القرار يستطيع فرض الرقابة على الأسعار وتعديل القرار ليشمل كل أصناف الفواكه التي لا تنتج في غزة وليس الموز والتفاح فقط، ويضيف: «نحن لا نريد أن نعود إلى أيام الحصار عندما ارتفعت أسعار الفاكهة بشكل جنوني، نحن نريد حماية المنتج الوطني وتوفير كل أصناف الفاكهة لتشجيع المزارعين والتخفيف عن المواطنين بحيث تكون الأسعار مناسبة».

خبراء الاقتصاد يشككون
ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر د. عاطف أبو سيف أن القرار جاء لخدمة فئة معينة قامت بزراعة أراضي المحررات بالبلح والجوافة، لكن متخذي القرار لم يلتفتوا لمنتج العنب لأنه إنتاج فردي بينما البلح والجوافة ملك لشركات خاصة بهم، والغرض ليس حماية المنتج الوطني وإنما حماية مصالحهم والتربح بشكل كبير.
ويعبر أبو سيف عن استغرابه لاقتصار أنواع الفواكه على أربعة أصناف واستثناء نحو خمسين نوعا أخرى دون مراعاة رغبات وميول الناس.
ويشير أستاذ الاقتصاد العلوم السياسية في جامعة الأزهر د. معين رجب إلى أن أي موضوع إذا أعدت له خطة سينجح، وأما إذا كانت له أهداف غير معلنة فسيؤتي نتائج سلبية، ولا بد من إعداد الدراسات العلمية قبل اتخاذ أي قرارات وحتى لا تكون القرارات عشوائية وتصب لصالح لفريق معين.
وأكد د. رجب أن السوق ستكشف الحقيقة في الأيام المقبلة من حيث إن كان القرار صائبا أو وجود عجز من عدمه، ويقول: من الممكن أن يخدم القرار فئة معينة، كل الاحتمالات واردة، ونحن مع أي قرار يحمي الإنتاج الوطني ولكن مع توفير المنتج المحلي بجودة عالية وأسعار ملائمة وكمياته كافية.