TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

استيراد 150 ميكا واط هل سينهي أزمة الكهرباء؟

استيراد 150 ميكا واط هل سينهي أزمة الكهرباء؟

 

يبقى ملف الكهرباء اكبر وأهم التحديات التي تواجه الحكومة الحالية التي وقفت مكتوفة الأيدي إزاء حل هذه المشكلة رغم توفر الأموال الكبيرة ووجود الخبرات والكفاءات وجمع (مؤمن) من المستشارين ! إلا أن ملف الكهرباء ظل يراوح على طاولة المسؤولين ما بين فساد إداري ومالي، متمثل بعقود وهمية وشركات مدرجة على القائمة السوداء والمواطن يخرج محتجا ويرجع حانقا دون أي حل يرضيه وينور طريقه. تطالعنا وسائل الإعلام المختلفة بأخبار مفرحة للوهلة الأولى، تقول: ان وزارة الكهرباء وقعت عقودا مع شركات عالمية لنصب محطات كهربائية بطاقات كبيرة في محافظات عدة ، وتشير الأخبار الى أن الصيف المقبل سيشهد إضافة كذا ميغا واط من الطاقة الكهربائية إلى المنظومة الوطنية،وان أزمة الكهرباء في العراق ستُحسم تقريب

ومن الملاحظ أن ازمة الكهرباء تحتاج إلى تمويل غير عادي ، وان الموازنات العامة للسنوات الماضية لم تحسب حسابها لالتفات إلى تخصيص مبالغ كافية لحل أزمة الكهرباء، وتشير منظمة تنمية الطاقة الدولية، الى أن حاجة العراق لمعالجة أزمة الكهرباء تتطلب 12 مليار دولار لرفع مستوى الإنتاج إلى 13 ألف ميغا واط ، وأن مشكلة نقص الطاقة تكمن في رداءة المنظومة الكهربائية وعدم وجود مراكز توزيع تعمل بشكل مركزي لتوزيع حصص المحافظات العراقية بالإضافة إلى عدم إدخال القطاع الخاص في تنفيذ مشاريع استثمارية لتوفير الطاقة إلا أن الأخبار طالعتنا باستيراد الكهرباء من مصر ورفع سقف الاستيراد من كل من إيران وتركيا، فهل سيشهد صيفنا القادم تحسنا في توزيع الطاقة الوطنية؟ سؤال وجهناه إلى المعنيين بملف الطاقة الكهربائية من أعضاء مجلس النواب ومن المسؤولين في وزارة الكهرباء .

وكان رئيس الوزراء نوري المالكي قد أكد خلال زيارته لمقر وزارة الكهرباء، في شباط الماضي ، أن مشكلة الكهرباء في العراق ستنتهي بحلول الشتاء المقبل بعد الانتهاء من إنجاز العقود الموقعة، وشدد على حق المواطن العراقي المطالبة بحقوقه وتقديم الشكوى في حال وجود أي تقصير في الخدمات المقدمة إليه من قبل الحكومة وخاصة في مجال الكهرباء، داعياً في الوقت نفسه الخبراء في وزارة الكهرباء إلى تقديم تصوراتهم لإيجاد الحلول المناسبة لجميع المشاكل..

صيفنا القادم الأسوأ

النائب عدي عواد عضو لجنة النفط والطاقة في مجلس النواب أجابنا عن حالة الكهرباء في الصيف المقبل قائلا:

توقعاتنا تشير إلى أن صيف 2012 سيكون أسوأ من صيف عام 2011 لعدة أسباب منها :

- شبكات النقل قديمة وبحاجة إلى الصيانة أو التبديل.

- شبكات التوزيع تعاني من الخلل الفني.

- محطات التوليد ما زالت لحد الآن لم تفعل.

- عدم وجود محولات لتغطية العمل.

وعن استيرادنا من الدول الإقليمية ومن مصر لعدد من الميكاواط ، بين النائب عواد: صحيح ولكن كل تلك الوحدات المستوردة لا تزيد على 1137 ميكاواط وهي غير كافية لسد النقص الحاصل في الطاقة لهذا العام، والبالغة 8000 ميكاواط ، فحاجتنا الفعلية هي 16000 ميكاواط ، والاستيراد والتوليد لا يشكلان سوى 6 آلاف ميكاواط لهذا نجد النقص هو 10 آلاف ميكاواط.

ويشير عواد إلى أن الوزارة استوردت 150 ميكا واطا من مصر لكي الوزير يوزعها على مواطني الأنبار كونه من مدينة الفلوجة، مع العلم انه وزير لكل العراقيين ، لذا نزف البشرى للعراقيين بان هذا الصيف سيكون صيفا ساخنا وأكثر سوءاً من صيف عام 2011 .

وكيل الوزارة

ردا على سؤالنا إذا ما كانت الـ150 ميكاواطا التي سوف تستورد من مصر تسد الحاجة الفعلية للطاقة الكهربائية بالإضافة الى آلاف من الوحدات الموجودة في الخدمة، قال وكيل وزارة الكهرباء المهندس رعد الحارس:

- 150 ميكا واطا كرقم بالتأكيد غير كاف ، لكننا سوف نقوم بعملية لملمة حاجتنا من الوحدات الكهربائية عبر بزيادة استيرادنا من إيران لرفعها إلى ألف ومئتين من الوحدات و150 ميكاواطا من تركيا ومثلها من مصر،وبذلك سيكون العدد كفيلا بتحسن الطاقة الذي تنشده الوزارة، إضافة الى أننا سنقوم بنصب بارجات سوف تعمل قريبا في خطوة لتحسين شبكة الطاقة في فصل الصيف المقبل، وعن استيراد 15 مولدة للعمل في محافظة الديوانية لتقليل الزخم الحاصل على الطاقة الوطنية، وهي الآن عاطلة عن العمل بسبب عدم توفر الوقود لتشغيلها، أجاب المهندس الحارس أن هذه المشكلة من اختصاص وزارة النفط التي لم توفر الوقود اللازم لتشغيل تلك المولدات ، وسنقوم بإحالتها الى مجلس المحافظة لتدبير الوقود لها. وعن تذبذب الطاقة الوطنية في الوقت الحاضر بحيث أدت الى عطل اغلب الأجهزة الكهربائية المنزلية أشار الحارس الى أن المشكلة هنا تكمن في التوزيع مع العلم أن هناك مناطق مربوطة على الخط الإيراني منها مناطق شرق القناة ومنطقتا الشعب ومدينة الصدر .

زيادة في الإنتاج

وبشأن مبررات عدم وجود حلول عملية لمشكلة الكهرباء، قال المفتش العام للوزارة المهندس علاء رسول:

- ليست هناك مشكلة بلا حلول ، لكن حلنا لهذه المشكلة هو توقيع عقود عدة من قبل الوزارة بحيث جعلتنا نضع أرجلنا على الطريق الصحيح، وهذا الصيف سوف يشهد زيادة ملحوظة بإنتاج الطاقة الكهربائية، لكن الفرق الكبير سوف يظهر في صيف عام 2013 عند دخول الوحدات التوليدية للعمل، وسوف تعمل الحكومة على تكرار تجربة العام الماضي بتزويد المولدات الأهلية بالوقود ولكن بشكل مدروس، حيث كان التلكؤ في العام الماضي كون التجربة جديدة ولم يتم الاستعداد لها بتوفير كميات كافية من الوقود لتشغيل المولدات الأهلية وبشكل مجانٍٍ ، سيشهد الصيف المقبل الاهتمام بهذه التجربة والعمل على إنجاحها ، وعن معاناة المواطن جراء نقص الطاقة الكهربائية والتظاهرات العديدة التي رفعت منذ سنتين لافتات تطالب الحكومة بتوفير الخدمات وأولها حل مشكلة الكهرباء قال المهندس رسول :

- المواطن له الحق في التظاهر لان الوزارة منذ 2003، قد هدرت المال الكثير، ووقعت عقودا غير رصينة، وكان هناك تقصير وقصور في عملها وهي الآن سائرة على الطريق الصحيح ، وإن شاء الله سنلبي حاجة المواطن في القريب العاجل.

خطة طوارئ

وفي حديث لأحد المسؤولين بالوزارة رفض ذكر اسمه قال فيه:

- إن مشاريع الوزارة في بناء المحطات الغازية مكلفة وهي لا تعالج أزمة نقص الكهرباء بصورة نهائية لأنها لا تستند إلى إحصائيات تبين المطلوب، مؤكدا أن العراق بحاجة إلى 18 ألف ميغا واط في حال سعيه إلى تفعيل القطاع الصناعي وتنشيطه ،الأمر الذي يعيد المطالب بتوفير مجلس أعلى للطاقة لمعالجة الخلل في توزيع الكهرباء لأنها مشكلة وطنية. وبحسب خبراء فإن العراق بحاجة إلى خطة طوارئ من خلال توفير محطات صغيرة توفر نحو 11 ألف فولت، تأتي جاهزة من الدول المجاورة وتقوم بنصبها شركات عالمية مهتمة بمشاريع الاستثمار الكهربائي. ويعاني العراق من نقص حاد في الطاقة ، ولا تزال الشبكة الوطنية غير قادرة على توفير إمدادات الكهرباء لأكثر من ساعات قليلة في اليوم، وتأتي الانقطاعات المتكررة على رأس شكاوى المواطنين ، وان مطالب المتظاهرين بتوفير الطاقة الكهربائية مشروعة خاصة وان المشكلة بقيت تراوح على طاولة المسؤولين ، ولا ننسى أن رئيس الحكومة قد تعهد في مطلع العام الماضي بالانتهاء من أزمة الكهرباء في العراق بين سنة إلى سنة وثمانية أشهر، بعد تشغيل المحطات في عموم البلاد وانجاز العقود الموقعة مع الشركات، مبيناً أن "المحطات تعمل الآن والعقود مستمرة، مضيفا أن على المواطن أن يتعلم الترشيد في استهلاك الطاقة إذ أن هناك هدراً كبيراً في الطاقة دون مبرر في حين أن هناك طلباً عليها يزداد بمعدل ألف ميغا واط سنوياً .

معالجة الأزمة

ويشير مدير عام سابق في الوزارة قائلا :من اجل تحقيق شبكة توليد مستقرة تخضع لصيانة دورية فعالة وغير مكلفة وتقليل كلفة الإنتاج بما يتناسب وشبكات دول المنطقة وما يخدم ميزانية المواطن ويقلل من تسعيرة القطاعين الصناعي والزراعي، لا بد من الاستغلال الأمثل للموارد النفطية والغازية والوصول إلى اكتفاء مالي لوزارة الكهرباء وزيادة جاهزية وحدات التوليد،علما أن شبكة التوليد العراقية أخذت بنظر الاعتبار معدل الطلب ومقدار حجم الذروة، وحسب المنطق العلمي والاقتصادي يجب توفير الضرورات الآتية:

1: تجهيز الحمل الثابت عن طريق وحدات توليد بخارية سعة 350-600 (م.و) للوحدة الواحدة تعمل بكفاءة حرارية تزيد على 45 بالمئة، ووحدات غازية مركبة سعة 300-500 (م.و) تعمل بكفاءة حرارية 55-56 بالمئة. سعة هذه الوحدات يبلغ 120 بالمئة من حجم معدل الحمل الثابت.

2: وحدات بخارية سعة 200-300 (م.و) ووحدات غازية مركبة سعة 150-200 (م.و) وبنسبة 30 بالمئة من سعة معدل الاستهلاك تستخدم للاحتياط الدوار ومتابعة حمل الذروة وتقلبات الطلب. خلال ساعات الحمل الثابت تشغل هذه المحطات بقدرات اقل من تصميمها وتترك لمتابعة تقلبات الطلب.

3: احتياط ساكن بنسبة 20 بالمئة من معدل الحمل يتكون من وحدات غازية سعة 40-120 (م.و) ووحدات ديزل سعة 15-25 (م.و) يستخدم فقط في حالة الطوارئ كالعطل المفاجئ لإحدى الوحدات في الفقرتين الأولى والثانية.

وبما أننا لا نستطيع إعادة عقارب الساعة إلى الخلف وان ازمة الكهرباء بحاجة أولاً للوصول إلى الاكتفاء الذاتي بأسرع وقت ممكن، مقرونة بالحاجة الماسة والملحة الى تقليل كلفة الانتاج وزيادة نسبة جاهزية وموثوقية وحدات التوليد والاحتفاظ بقدرة توليدية تواكب معدلات نمو الطلب المتزايد، فإن الإستراتيجية التي اقترحها تعتمد على ما يأتي:

1: الوصول إلى الاكتفاء والتخلص من القطع المبرمج بحلول عام 2014.

2: رفع الكفاءة الحرارية والوصول إلى كفاءة 45-50 بالمئة لوحدات توليد الحمل الثابت بحلول عام 2020 كحد أقصى.

3: استخدام الغاز الطبيعي في تشغيل وحدات التوليد الغازية والبخارية والوصول إلى نسبة 80 بالمئة بحلول 2020 كحد أقصى..

تقليل كلفة الإنتاج وجعلها في تماش مع معدلات كلفة الإنتاج العالمية والوصول الى اكتفاء ذاتي في التشغيل والصيانة والإدامة والاستثمار للمنظومة الكهربائية بحلول 2020 كحد أقصى.

ونتيجة ارتفاع أسعار النفط وزيادة وانتظام الصادرات فإن العراق حقق عائدات نفطية إضافية تخطت العشرة مليارات دولار. هذه الأموال يجب أن تستخدم في عمليات المعالجة الصحية والجذرية لأزمة الكهرباء. يضاف إليها ميزانية استثمارية تخصص لوزارة الكهرباء تبدأ بخمسة مليارات دولار، تزداد بمعدل مليار دولار كل سنة، وبما يتناسب والزيادة المتوقعة في صادرات النفط العراقية حتى عام 2020، مما يعني توفر 91 مليار دولار تصرف على معالجة أزمة الكهرباء خلال التسعة أعوام القادمة تستخدم العشرة مليارات دولار الناجمة عن ارتفاع أسعار النفط خلال الأشهر الثلاثة الماضية لإطلاق عملية المعالجة الجذرية والفنية الآن وليس غدا.

أربعة ميكا واط!

رئيس المهندسين إبراهيم العلواني في الوزارة قال : في ظل انعدام الإستراتيجية الواضحة والثابتة والفنية والعلمية وتخبط القرار السياسي واستنادا إلى خطط الحكومة العراقية في معالجة أزمة الكهرباء فإن لا حل في الأفق لهذه الأزمة لا اليوم ولا في عام 2015 ولا بعد مائة عام. بل على خلاف ذلك فإن أزمة الكهرباء تزداد تعقيدا وابتعادا عن موعد حلها بعد كل خطوة تتخذها الحكومة.

ويؤكد المهندس العلواني أن هذه الأزمة لا تحل بخطط آنية تتغير كل سنة ،وأيضاً لا يمكن حلها إلا عندما يبتعد القرار السياسي عنها ويتحكم بخطواتها القرار الفني، غير ذلك لا حل إطلاقا ، العالم ابتعد عن محطات حرق النفط ومشتقاته منذ بداية التسعينات ونحن ما زلنا غارقين به ، المنظومة العراقية نمت إلى منظومة حجمها 15 ألف ميغاواط، وفي نمو سنوي بمعدل 6 % وما زال المسؤول يعاملها على أنها منظومة بحجم 2000 ميغاواط! المنظومة بحاجة إلى قدرة إنتاجية بالإضافة الى احتياجاتها الآنية تقدر بأكثر من 20 ألف ميغا واط خلال العشر سنوات القادمة ومازلنا نضيف وحدات بحجم أربعة (ميغاواط) ، وللعلم هناك دائرة كبيرة للتوليد تضم عددا كبيرا من المهندسين يكلفون الدولة مبالغ كبيرة من رواتب وعجلات ومخصصات لا تنتج سوى 4 ميكاواط فقط ! في حين أن هذه الدائرة تكلف الدولة ما قيمته 20 ميكاواط!