TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

حلم الإمارات في دخول صناعة الطيران يتحقق

حلم الإمارات في دخول صناعة الطيران يتحقق

رحب روس برادلي بوفد من الموردين في صناعة الطيران دخلوا عليه من أجواء الحر الشديد ثم أسدى لهم نصيحة صريحة وواضحة. "أسعاركم مرتفعة جداً. أرجوكم أن تحملوا هذه الرسالة إلى حيث تعودون. نحن لن نتحمل الأسعار التي ندفعها اليوم. إنها فوق طاقتنا."

وقد لا تكون كلمات الترحيب مريحة للآذان دائما لكن الزائرين من صناعة الطيران يفدون إلى مدينة العين لمشاهدة واحد من أحدث مصانع أجزاء الطائرات وأفضلها تجهيزاً في العالم. هؤلاء الزوار جذبهم الصعود المدوي للاعب طموح يزداد قوة في صناعة الطيران سريعة النمو، حيث يستثمر من أجل خفض تكاليف الطيران.

ويقف المصنع بين الكثبان الرملية على طريق اللبان القديم الذي كان يوماً يصل اليمن ببلاد ما بين النهرين. وقد تم تصميمه ليساعد على تصنيع طائرات خفيفة الوزن من الكربون لفتح مسارات تجارية جديدة للمستقبل.

وبزغ المصنع في وقت قياسي ليتصدر طموحات أبوظبي في تنويع اقتصادها المعتمد على النفط ويوفر فرص عمل في مجال التكنولوجيا المتطورة للقوة العاملة في الشركة ومعظمها الآن من النساء الإماراتيات.

ويقول برادلي الرئيس التنفيذي لمصنع ستراتا لإنتاج هياكل الطائرات الممول من إمارة أبوظبي "غرسنا أول مجرفة في الرمال في سبتمبر 2009 وحين بدأنا لم يكن الوصول إلى هنا ممكنا بالسيارة. كان عليك أن تأخذ سيارة الدفع الرباعي ثم تكمل سيراً."

ويعد المشروع جزءاً من جهود أبوظبي لتعزيز اقتصادها غير النفطي حتى يسهم بنحو 56 % من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2020 وبنسبة 64 % عام 2030 ارتفاعاً من 41 % بين 2005 و2007.

وبهذا تحاول أبوظبي إنجاز ما اعتبره كثيرون مستحيلًا لفترات طويلة.. تحاول تحدي أكبر اللاعبين في صناعة مكونات الطائرات من آسيا إلى الولايات المتحدة في وقت وجيز وبتكلفة أقل وبقوة عاملة محلية.

لكن الزيارات المتكررة إلى المصنع والتزايد المتسارع في عقود الطلبيات من كبريات شركات صناعة الطائرات في العالم يشيران إلى أن المشروع الذي تكلف 250 مليون دولار بدأ يؤثي ثماراً.

وبعد مرور 18 شهراً على إنتاج أول الأجزاء من المصنع أصبح لدى ستراتا طلبيات بقيمة ثلاثة مليارات دولار حالياً. وفي قاعة كبيرة بالمصنع انهمكت فتيات يرتدين المعاطف البيضاء على طاولات كبيرة في إعداد مادة كربونية.

هذه المادة الصمغية السوداء يجري تشكيلها بعد ذلك على شكل أجزاء من الطائرة وتدخل في فرن عالي الضغط لتخرج هيكلًا أخف وزناً وأشد صلابة من الألمونيوم التقليدي وهو ما يمكن شركات الطيران من تخفيف الوزن وحرق وقود أقل. ويجري اختبار كل جزء باستخدام ماسحات عملاقة تعمل بالموجات فوق الصوتية لكشف أي عيوب لا تراها العين. ومن هذه العملية تنتج الأسطح الخارجية لرفارف أجنحة الطائرة والتي تثبت فيها آلية لنشر الرفارف. وستستخدم هذه الأجزاء في الطائرة ايرباص ايه330 وقريبا في الطائرة ايه380.

ووقعت ستراتا الشهر الماضي صفقة بمليار دولار لتصنيع مكونات لشركة بوينج سعياً منها لأن تصبح المورد الوحيد لزعنفة الذيل الرأسية للطائرة دريملاينر 787 بنهاية العقد الحالي. وتسعى ستراتا وشركات أخرى الآن إلى اقتناص عقد مستقبلي محتمل لتوريد رفارف للطائرة ايرباص ايه320 بقيمة قد تصل إلى مليار دولار.

ويعد الكربون الذهب الأسود في صناعة الطيران. واستفاد كثيرون من إمكاناته لتوفير فرص العمل وإنتاج التكنولوجيا. لكن قليلًا منهم تمتع بجرأة كالإمارات التي استطاعت شركات الطيران التابعة لها إعادة رسم خريطة النقل الجوي.

وتتيح طائرات موفرة للوقود مثل دريملاينر 787 التي بدأت بوينج إنتاجها في الآونة الأخيرة وطائرة ايرباص ايه350 المستقبلية السفر لمسافات أطول بتكلفة أقل من الطائرات المعدنية من نفس حجمها. وهذا يفتح الباب لمزيد من المسارات الجوية المباشرة ويوفر أوقات رحلات الربط.

ومن المتوقع أن يتضاعف استخدام مركبات الكربون في صناعة الطائرات خلال العقد المقبل وهو ما سيكون أهم إنجاز تكنولوجي منذ اختراع المحركات النفاثة.

ورغم المنافسة الشرسة من كوريا الجنوبية واليابان وأوروبا وأميركا الشمالية فإن المجموعة الأم لشركة ستراتا وهي مبادلة لصناعة الطيران المملوكة لمبادلة للتنمية تصر على تخطي المنافسين وحصد مركز بين الثلاثة الكبار في الصناعة بحلول 2020.

يقول حميد الشمري المدير التنفيذي لوحدة مبادلة لصناعة الطيران "هدفنا أن نصبح خلال عقد رائدا عالميا في صناعة هياكل الطائرات من المواد المركبة ورائدا في (صناعة) الأجنحة ومجموعات الذيل." ولا تعد الأعوام العشرة زمنا طويلا في صناعة يحتاج الإنتاج فيها فترات ممتدة وتكاليف رأسمالية ضخمة. وهي نفس الفترة التي يعتقد معظم الموردين أنهم يحتاجونها لتجهيز الدفعة القادمة من الابتكارات.

وحتى مع تحقيق ايرباص وبوينج مبيعات قياسية عن طريق إطالة أعمار الطرز الأصغر حجما والأفضل مبيعا فإن ستراتا تستعد للخطوات اللازمة للفوز بعقود لبناء جزء من طائرات الجيل القادم والمتوقع أن إنتاجها في العقد المقبل.

والمرجح أن الموردين سينصتون إلى هذا الحديث واضعين في اعتبارهم أن القدرات المالية لمبادلة تمكنها من طرح عقود لشركات شتى.

ووعدت ستراتا بالبدء في تحقيق عائد لصالح صندوق مبادلة بحلول عام 2014 وهذا سبب إصرار برادلي على أن يبذل الموردون قصارى جهدهم لإبقاء التكاليف منخفضة. يقول برادلي «ببساطة عليهم ان يتطلعوا إلى تعزيز الكفاءة في مصانعهم».

ويعمل بشركة ستراتا 500 موظف 30 % منهم تقريباً مواطنون إماراتيون وأغلبهم من النساء. وتهدف الشركة إلى رفع هذه النسبة إلى 50 % بحلول عام 2014. لكنها قد تضاعف أيضاً إجمالي العاملين بمرور الوقت ما يشير إلى أن توظيف المواطنين يجب أن يسير بمعدل أسرع.