TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

دعم الحكومة شركات المقاولات الوطنية ضرورة قصوى

دعم الحكومة شركات المقاولات الوطنية ضرورة قصوى

 

أكد أحمد خلف المزروعي نائب رئيس جمعية المقاولين في الدولة على أن قطاع المقاولات والتشييد في الدولة يحتاج إلى دعم كبير من الحكومة ليتخطى مصاعب الأزمة المالية العالمية عليها، مقترحا أن يكون هذا الدعم في صورة تخصيص جزء من المشاريع العملاقة التي فازت بها الشركات الأجنبية وأن تعطي له أولوية في المشاريع الحكومية.

وأوضح المزروعي في حوار لـ"البيان الاقتصادي" أن الشركات الوطنية جزء أصيل من تاريخ الإمارات وتطورها، حيث شيدت المشاريع العملاقة، كما أنها تضم خبرات فنية لا غنى عنها، وتعاني حاليا بشدة وتحتاج إلى الدعم. ونوه المزروعي إلى أن الإمارات تشهد تكالبا من الشركات الأجنبية لتنفيذ مشاريع فيها بغض النظر عن مقدار تكلفتها، مشدداً على ضرورة إلزام هذه الشركات الأجنبية بشراء 30% من احتياجاتها من السوق المحلي دفعا لعجلة الاقتصاد الوطني. وأكد على أن غالبية الشركات الأجنبية تتكالب على تنفيذ مشاريع في الدولة ولا يهمها إلا الربح ولا تحتاجها الدولة.

وأشار إلى أن ظاهرة حرق الأسعار بين شركات المقاولات من الظواهر الجديدة التي يشهدها سوق المقاولات في الدولة وأبوظبي، لافتاً إلى أن سببها قلة المشاريع وأن لهذه الظاهرة آثارا سلبية على السوق. ونوه إلى أن المقاولين في أبوظبي يحظون بتسهيلات كبيرة ولا توجد مستحقات متأخرة لهم. وتحدث المزروعي عن السوق العقاري في أبوظبي مشددا على أنه سوق مستقر لا يشهد تراجعاً بل يرتب أوضاعه ومشكلته غياب التمويل.

ولفت إلى أن الإيجارات السكنية انخفضت بشكل بسيط في أبوظبي كما أن السوق لن يشهد كساداً خلال السنوات المقبلة. كما تحدث المزروعي عن هموم الصناعة بصفته أحد رجال الصناعة في أبوظبي، مشدداً على ضرورة إنشاء بنك صناعي لدعم المشاريع الصناعية على غرار صندوق خليفة لدعم المشاريع المتوسطة، كما طالب بتسهيلات من الحكومة خاصة في أسعار الأراضي الصناعية وتخفيض أسعار المياه والكهرباء والخدمات. وفيما يلي نص الحوار :

تقييم الوضع الراهن

بعد مرور أكثر من عامين على اندلاع الأزمة المالية العالمية كيف تقيم الوضع الراهن لقطاع المقاولات في الدولة بصفة عامة وفي أبوظبي بصفة خاصة؟

يمر قطاع المقاولات بمراحل ازدهار وانتكاس، وقد تعرض هذا القطاع لمحن وضربات سابقة في الثمانينات وتعافى منها، ثم جاءت الأزمة المالية العالمية وهي أزمة عالمية وليست محلية وتضرر منها قطاع المقاولات لكنه سيتعافى وسيعود إلى قوته مرة أخرى، وبلاشك فإن تداعيات الأزمة المالية العالمية على القطاع كانت مؤثرة وقوية، وهذا التأثير لم يقتصر على المقاولات فقط، بل شمل كافة مجالات الاقتصاد المحلي والعالمي، مع التأكيد أننا باعتبارنا من الدول الاقتصادية المهمة في العالم عشنا أصعب أزمة بتداعياتها العالمية لكن بفضل قوة ومتانة الاقتصاد الإماراتي وحكمة القيادة الرشيدة تمكننا من التغلب على جانب كبير منها.

وقطاع المقاولات في الإمارات من القطاعات الحيوية والاستراتيجية المهمة جداً خاصة في دولة مثل الإمارات، التي تعد من الدول الغنية والمتطورة اقتصادياً، ولديها مشاريع كبيرة كالطرق، والمطارات، والبنية التحتية، لذا تبرز أهميته الاستراتيجية، وتبرز أيضاً أهمية دعمه من قبل الحكومة، وحماية المستثمرين فيه، ومن المهم التأكيد على أن الحكومة دعمت هذا القطاع بقوة خلال الأربعين عاماً الماضية وقد أثمر هذا الدعم في المباني الشاهقة الضخمة التي بناها هذا القطاع سواء للحكومة الاتحادية أو الحكومات المحلية أو الأفراد.

وقد منحت الحكومة هذا القطاع سابقاً مشاريع ضخمة وكبيرة سواء في البنية التحتية وغيرها، لكن مع اندلاع الأزمة المالية العالمية وظهور تداعياتها القوية، مرض قطاع المقاولات والإنشاءات وهذا المرض يرجع بصفة أساسية إلى قلة المشاريع الجديدة المطروحة أو توقف بعضها، وللأسف وجدنا شركات المقاولات تتضرر واتجهت العديد من الشركات إلى تقليص عدد موظفيها وبعضها انسحب من السوق في صمت، وأعتقد أن الحل الوحيد لإنقاذ قطاع المقاولات في الوقت الحالي هو تدخل الحكومة لدعم هذا القطاع الوطني المهم.

وأعتقد أن وضع قطاع المقاولات في أبوظبي مازال أفضل علما بأننا لا نفرق بين أبوظبي أو دبي أو أي إمارة، فنحن كيان واحد واقتصاد واحد، ولكن تأثر قطاع المقاولات في أبوظبي لم يكن كبيراً، وأعتقد أن الاستراتيجية غير المسبوقة، والتي اتخذتها حكومة الإمارة، وهي «رؤية 2030»، كانت خطة واضحة وثابتة، ومشاريعنا في أبوظبي مدروسة، كما أن الحكومة تنبهت لخطورة الأوضاع الخارجية، وعملت نوعاً من التوازن، كما أن الشركات في أبوظبي طورت وكيفت نفسها بشكل أفضل.

أشكال الدعم

ماهي صور وأشكال هذا الدعم من وجهة نظركم؟

دعني أؤكد لك أن أشكال الدعم كثيرة جداً وهي ضرورية في الوقت الحالي، وهذا الدعم لابد أن ينطلق من مفهوم أساسي وهو أن لدينا قطاعا وطنيا للمقاولات نجح على مدار السنوات الماضية في دفع عجلة الاقتصاد بقوة خاصة خلال السنوات الخمس الماضية، واستطاع أن يوظف مئات الآلاف من المهنيين والعمال وأن يشكل نسبة كبيرة في الناتج المحلي الإجمالي سواء للإمارات أو أبوظبي، ولابد أن نحميه في إطار ما يتعرض له من مصاعب، هذه نقطة جوهرية جداً لو اتفقنا حولها فإنني أؤكد أن من أهم أشكال الدعم أن تخصص الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية في الدولة جزءاً من مشاريعها لقطاع المقاولات الوطني، وأن تلزم الشركات الأجنبية بشكل أو بآخر بأن يكون لها نصيب من المشاريع العملاقة التي تتم ترسيتها عليها، وأعتقد أن قطاعنا الوطني يتعرض لهجوم من شركات المقاولات الأجنبية وللأسف فإن الشركات الأجنبية العملاقة هي التي تفوز بالمشاريع العملاقة المطروحة التي تنفذ في الدولة خاصة مع تراجع أعداد المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

السوق الحر

لكن ألا تعتقد أن هذه الأشكال من الدعم تناقض فلسفة السوق الحر الذي تطبقه الدولة خاصة وأن الشركات الأجنبية تتنافس مع الشركات الوطنية في مناقصات عالمية؟

نعم الشركات الأجنبية فازت بالمشاريع العملاقة في ظل مناقصات علنية، وأنا أوافق على هذا، لكننا نعيش في ظل أجواء أزمة صعبة جداً يعيشها العالم كله كما أن الدول الغربية وأمريكا تدعم شركاتها، وإن كانت الإمارات تعتنق فلسفة الاقتصاد الحر فإن هذه الفلسفة لا تتناقض مع تأييدها ودعمها لقطاعها الوطني، وأنا لا أؤيد مطلقاً الاستغناء عن الشركات الأجنبية المتخصصة في قطاعات النفط أو بناء مصانع الحديد أو غيرها من القطاعات المتخصصة جداً، كما لا أنادي بأن نستغني عن الخبرات الأجنبية في المشاريع التقنية.

كإنشاءات المطارات وغيرها، ولكن أؤكد أن قطاعنا الوطني قوي وجيد جداً وقادر على تنفيذ مشاريع كثيرة فازت بها الشركات الأجنبية خاصة وأن دولتنا شهدت تكالباً من الشركات الأجنبية للعمل فيها خلال العامين الماضيين، كما أطالب بأن تلزم الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية شركات المقاولات الأجنبية بأن تشتري مستلزماتها واحتياجاتها من السوق المحلي أسوة بدول مجاورة تفرض على الشركات الأجنبية شراء مالايقل عن 30% من مستلزماتها محلياً لأن عملية الشراء من السوق المحلي ستدفع عجلة الاقتصاد الوطني وستعطي لقطاعات أخرى الدفعة القوية لكي تتحرك وتنهض.

الخبرة والإمكانيات

هل توافق من يقول إن القطاع الوطني ليست لديه الخبرة والإمكانيات الكافية لبناء الأبراج الشاهقة الضخمة التي يزيد عدد طوابقها عن سبعين كما في أبراج جزيرة الريم؟

لا أتفق مع هذا القول لأن لدينا شركات مقاولات مواطنة تستطيع أن تبني أبراجاً أعلى وأكبر من أبراج جزيرة الريم وما يؤكد قولي هو أن إمارة أبوظبي وضعت تصنيفاً لشركات المقاولات الوطنية والأجنبية ووجدنا شركات وطنية تتفوق في هذا التصنيف على الشركات الأجنبية، لكن المشكلة الحالية التي يواجهها القطاع هو قلة المشاريع المطروحة، وبكل تأكيد فإن إمكانيات الشركات الوطنية المالية لا تسمح لها بالبقاء لفترات طويلة بدون عمل عكس الشركات الأجنبية التي تتواجد لها مشاريع في أكثر من دولة وتعوض خسائرها.

ولكن من يضمن أن تنفذ الشركات الوطنية المشاريع الحكومية العملاقة بنفس كفاءة الشركات الأجنبية؟

كما أكدت لك هناك دور حكومي رقابي قوي يتابعنا، كما أننا أنجزنا مشاريع عملاقة، ولو افترضنا وجود خطأ في عمل الشركات الوطنية فإن الحكومة ستحاسبها وهذا لا غبار عليه، ونحن مستعدون لذلك، كما أنني أطالب عند طرح الحكومة لمشاريع ضخمة في البنية التحتية أو الطرق أو مشاريع المياه والصرف الصحي أن تعطي الأولوية للشركات الوطنية وأن تضع نصب عينها هذه الشركات الوطنية قبل الأجنبية، خاصة وأن الشركات الأجنبية عندما تفوز بمشروع فإنها تجلب له العمالة اللازمة وعند الانتهاء فإنها تسرح هذه العمالة خاصة إذا فازت الشركة الأجنبية بمشروع آخر في دولة مجاورة.

لكن الشركات الوطنية تحتفظ بعمالتها التي تشكل خبرة فنية كبيرة للدولة، وهذه العمالة تعمل في مشاريع أخرى للشركات الوطنية وتدر في النهاية دخلاً للدولة وتدعم اقتصادها، لأن هذه الشركات جزء أصيل من تاريخ وواقع الدولة، وهي التي بنت هذه المباني العملاقة والطرق المعبدة، وينبغي أن لا ننسى دورها الوطني، أما الشركات الأجنبية فهي تتكالب على مشاريعنا ولا يهمها إلا الربح فقط.

مشاريع متوسطة

رصدنا وجود تنافس بين الشركات على الدخول في مناقصات لبناء مشاريع متوسطة وصغيرة علما بأن هذه الشركات تعرض تكلفة قليلة جداً فماهي خطورة هذا الوضع؟

هذه الظاهرة نتجت بسبب قلة المشاريع وصعوبة الوضع الحالي الذي تعيشه شركات المقاولات، فقبل الأزمة المالية العالمية، كنا في أبوظبي نرى تنافساً بين ثلاث أو أربع شركات على مناقصة واحدة. أما اليوم فإننا نجد تنافسا بين أكثر من خمسين شركة على مناقصة واحدة، وبلاشك فإن هناك شركات تطرح عروضاً بأقل من التكلفة حتى تفوز بالمناقصة لكن بعد فترة من الزمن تتعثر وقد تسرح عمالها وتعلن إفلاسها، ولاتستطيع تنفيذ المشروع، ولابد أن تتولى الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية تقييم هذه الشركات بدقة لأنها خلقت ظاهرة سلبية "حرق الأسعار" ولها مخاطرها الجسيمة على السوق واستمرار هذه الشركات يعني الكارثة بعينها.

لكن ألا يوجد لكم كجمعية دور رقابي على هذه الشركات؟

هذا ليس من صميم عملنا لأن الجمعية ليست لديها سلطة أن تتدخل لدى الحكومات وتطالبها بترسية مشروع على شركة دون شركة، فالكل يتنافس منافسة شريفة ولابد أن تكون أعين الأجهزة الحكومية يقظة، وعملنا كجمعية يختص بتنظيم ندوات للمهندسين والمهنيين حول القضايا الفنية في قطاع المقاولات والإنشاءات ونطالبهم بمراعاة ضمائرهم، أما التدخل في المناقصات فليس من صميم عملنا، ولدينا في الجمعية أكثر من 450 عضوا وننظم لهم دورات ومنتديات ثقافية وفنية بصورة مستمرة ولدينا مهندسين وخبراء فنيين على مستوى عال من الخبرة والكفاءة والعلم ونحاول أن تستفيد بهم الحكومة في مشاريعها.

السوق العقاري

هل تتوقع أن يدخل السوق العقاري في أبوظبي مرحلة كساد خاصة مع بدء تشطيب عشرات الآلاف من الوحدات السكنية سواء داخل أو خارج مدينة أبوظبي؟

السوق العقاري في أبوظبي مستقر للغاية وقد شهد العامان الماضيان دخول أعداد كبيرة من الوحدات السكنية إليه إلا أن الإيجارات السكنية لم تتراجع بشكل كبير، كما حدث في إمارات أخرى، وأعتقد أن أبوظبي لم تنطلق بسرعة خلال السنوات الماضية في بناء أبراج سكنية ضخمة بصورة كبيرة الأمر الذي أدى إلى تناقص واستقرار المعروض حيث إن الحكومة لم تبن مساكن بل تركت القطاع الخاص لكي يبني مع العلم أن ماطرحه القطاع الخاص من مشاريع عقارية كان ومازال محدوداً، وبلاشك فإن أبوظبي تعاملت بشكل عقلاني جداً وعملت على توفير مظلة آمنة لكل من المطور والمستثمر العقاريين.

الأبراج الضخمة

لكن ألا تعتقد أن الأبراج الضخمة في جزيرة الريم ومساكن شاطئ الراحة وغيرها ستزيد من المعروض من الوحدات السكنية بشكل كبير؟

لا، والدليل أن الأبراج الأربعة عشر التي انتهت في جزيرة الريم والمقرر أن تضم نحو 5 آلاف وحدة سكنية لها سكان خاصة إذا علمنا أن مستشفى كليفلاند الجديد الذي يتم تشييده بجوار الجزيرة قد يزيد عدد موظفيه عن ألفي موظف أي نصف سكان الأبراج الأربعة عشر، وبكل تأكيد فإن أبوظبي تشهد توسعاً كبيراً في كافة قطاعات اقتصادها ، وهذا التوسع يحتاج إلى مساكن جديدة، ولو سارت الأمور كما هي عليه خلال السنوات الخمس المقبلة ولم تتدخل الحكومة ببناء مشاريع ضخمة فإن السوق سيظل كما هو عليه حالياً ولن يدخل مرحلة كساد مطلقا.

وأعتقد أن القطاع العقاري في ابوظبي لايعيش مرحلة تراجع بل ترتيب لأوضاعه والمشكلة التي تواجهه اليوم هي مشكلة تخلي البنوك عن تمويل مشاريعه أي أن المشكلة التي يعانيها هي مشكلة تمويل في المقام الأول والأخير، لأن البنوك ليست راغبة في التمويل.

الصناعة الوطنية وتأسيس مصرف صناعي

لدى أحمد خلف المزروعي نائب رئيس جمعية المقاولين في الدولة شركة فارس القابضة ولديها مشاريع في قطاعات عديدة أبرزها الصناعة وخاصة صناعة الألبان، وحول أهم المطالب التي تحتاجها الصناعة الوطنية اليوم يقول المزروعي أن أهم مطلب للصناعة الوطنية اليوم هو تأسيس مصرف صناعي يدعم الصناعيين لأن الصناعيين اليوم يعيشون معاناة كبيرة مع البنوك لتمويل مشاريعهم وفي الغالب لاتمول البنوك المشاريع الصناعية ولو مولوها فإن نسبة الفائدة تكون مرتفعة جداً.

وهنا فإن الحاجة إلى هذا البنك ضرورة قصوى وأعتقد أن المطالب بأية بدائل أخرى أمر غير منطقي لأنه لو طرحت البنوك تسهيلات فإن هذه التسهيلات يتم القفز عليها بمجرد التعاقد مع البنك فضلا عن أننا نريد تمويلات ضخمة بمليارات الدراهم وبنسب فائدة قليلة وأعتقد أن تجربة صندوق الشيخ خليفة لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة تجربة ممتازة ونرى ايجابياتها على أرض الواقع والمطلوب أن يكون هناك بنك أو صندوق للمشاريع الكبرى والضخمة كما أننا نطالب بأن توفر الحكومة الأراضي للمستثمرين برسوم منخفضة وأن توفر لهم تسهيلات في توصيلات الكهرباء والمياه على أساس مستويات سعرية متوسطة ومعقولة بما تؤدي لدعم الصناعة الوطنية.