TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

كيف تحقق النمو القوي للاقتصاد الصيني في الربع الأول؟

كيف تحقق النمو القوي للاقتصاد الصيني في الربع الأول؟

تحرير: سالي إسماعيل

مباشر: جاءت بيانات نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين بوتيرة أفضل من التوقعات خلال أول 3 أشهر من العام الحالي كما أنها تتماشى مع الارتفاع المسجل بالربع السابق.

ودفعت هذه الأرقام الحاجة الملحة لطرح سؤال: كيف يمكن أن يكون ذلك ممكناً وسط عدم اليقين بشأن التجارة؟

وتقدم الإجابة الخبيرة الاقتصادية في بنك "آي.إن.جي" الهولندي "إيريس بانج" التي نشرتها مدونة المجموعة المصرفية الاستثمارية التي تتخذ من أمستردام مقراً لها.

مفاجأة الناتج المحلي الإجمالي في الاتجاه الصاعد

سجل اقتصاد الصين نمواً بنسبة 6.4% خلال أول ثلاثة أشهر من العام الحالي على أساس سنوي، وهي نفس وتيرة الارتفاع المسجلة في الربع الرابع من عام 2018.

وكانت هذه الأرقام مفاجئة بالنسبة للسوق، حيث كانت التوقعات تشير إلى أن الناتج المحلي الإجمالي لثاني أكبر اقتصاد بالعالم سوف ينمو بنسبة 6.2% في الربع الأول على أساس سنوي.

الإجابة ليست في مبيعات التجزئة والاستهلاك

يزعم البيان الرسمي أن الاستهلاك كان المحرك الاقتصادي الرئيسي، حيث ساهم بأكثر من 65% من النمو الاقتصادي؛ وهو ما كان متوقعاً بالفعل.

ومع ذلك؛ فإن هذه المساهمة قد تراجعت من 79% المسجلة في الربع الأخير من 2018.

وبالنسبة لمبيعات التجزئة، فشهدت تسارعاً في النمو خلال الربع الأول، لترتفع بنسبة 8.7% مقارنة مع الفترة المماثلة من العام الماضي.

على الرغم من أن وتيرة نمو مبيعات التجزئة كانت أعلى من النسبة المسجلة في الربع الرابع والبالغة 8.2% لكنها كانت أقل من توقعات البنك بتسجيل زيادة 8.9%.

وعادةً يستخدم المصرف الهولندي مبيعات الملابس كمؤشر على الاستعداد للإنفاق في الصين؛ كون هذا هو القطاع الذي يمكن للمستهلكين تقليل إنفاقهم خلاله، هذا بالإضافة إلى المنتجات الأكثر تكلفة مثل السيارات، عندما تبدأ الثقة في الاقتصاد في التراجع.

وتباطأت وتيرة نمو مبيعات الملابس في الصين خلال الربع الأول من 7.4% إلى 6.6%.

ارتفاع نمو استثمارات الأصول الثابتة قليلاً مع تكنولوجيا 5G

سجل الاستثمار في الأصول الثابتة نمواً 6.3% في أول 3 أشهر من العام على أساس سنوي وهي وتيرة أفضل من زيادة بنحو 6.1% والمسجلة في فبراير.

وكان غالبية هذه الزيادة في الاستثمارات ذات الصلة بالبنية التحتية بما في ذلك البنود المتعلقة ببناء خط المترو (بمساعدة الحوافز المالية) وبتكنولويجا 5G للاتصالات.

وانعكست استثمارات البنية التحتية لتكنولوجيا 5G واستثمارات الخدمات في نمو استثمارات خط إنتاج فائق التكنولوجيا ونمو استثمارات الخدمات ذات التكنولوجيا الفائقة بنحو 11.4% و19.3% على الترتيب، وهي وتيرة زيادة أسرع من نمو الاستثمار الإجمالي.

وتكنولوجيا الـ5G هو الشيء الذي تم التقليل من شأنه، حيث تم التركيز بشكل كبير للغاية على إثر الحوافز المالية على الاستثمارات.

وفي الوقت الذي أدركنا فيه أن 5G هو محرك النمو، لم ندرك أنها كانت موجودة بالفعل وتعمل.

وتُعد هذه التكنولوجيا بمثابة محرك نمو فريد بالنسبة للصين.

الإنتاج الصناعي هو المفاجأة الحقيقية

قفز الإنتاج الصناعي إلى 8.5% خلال شهر مارس الماضي مقارنة مع نفس القترة من عام 2018 ومقابل ارتفاع 5.7% المسجلة في فبراير السابق له على أساس سنوي.

وكانت هذه القفزة استثنائية ومدفوعة بكل من مشاريع البنية التحتية وتكنولوجيا الـ5G.

وعلى صعيد مشاريع البنية التحتية الناجمة عن الحوافز المالية؛ فإن إنتاج الأسمنت ارتفع بنسبة 22.2% خلال مارس على أساس سنوي، وهي وتيرة أسرع بكثير من 0.5% المسجلة في الشهر السابق له.

كما نمت معدات النقل بنسبة 13.6% خلال مارس مقارنة مع 10.9% ارتفاع في الربع الأول من عام 2019 على أساس سنوي.

وبالنسبة لإنتاج وسائل الاتصال؛ فإنها نمت بنسبة 10.2% خلال مارس الماضي على أساس سنوي، مقارنة مع 7.8% نمو المسجل في الربع الأول من هذا العام.

مراجعة التوقعات بشأن نمو الناتج المحلي الإجمالي

يُعد أثر الحوافز المالية على مشاريع البنية التحتية وإنتاج تكنولوجيا 5G بمثابة المحرك الحقيقي للنمو الذي أدى لدعم نمو الاقتصاد الصيني بالربع الأول.

وتعتقد مجموعة "آي.إن.جي" أن هذا الاتجاه قد يستمر لبقية العام الحالي.

ويجب أن يدعم إنتاج البنية التحتية لتكنولوجيا 5G ومعدات الـ5G بدرجة أقل كل من الاستثمار والإنتاج الصناعي.

ولا يزال من الممكن أن تنمو مبيعات التجزئة والاستهلاك ولكن بشكل محدود فقط، حيث إن حالة عدم اليقين المستمرة بشأن الاتفاق التجاري مع الولايات المتحدة يحد من الاستثمار بالنسبة لشركات التصدير وسلاسل التوريد الخاصة بها كما يحد من نمو الأجور.

وعلى الجانب الإيجابي، من المرجح أن تزداد الأرباح الصناعية في مارس الماضي، التي سيتم الإعلان عنها قرب نهاية شهر أبريل.

ومع بقاء النمو الاقتصادي للصين قوياً، يتوقع البنك الهولندي أن يكون للحكومة موقفاً أقوى في المفاوضات التجارية.

وبشكل عام، قام بنك "آي.إن.جي" بمراجعة توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي في الصين خلال العام الحالي ليرفع تقديراته من 6.3% إلى 6.5% وهو الحد الأعلى في أهداف الحكومة.

وتم تعديل توقعات نمو اقتصاد الصين إلى 6.4% و6.5% و6.6% للربع الثاني والثالث والرابع على التوالي من هذا العام.

تغيير التوقعات بشأن تسهيلات السياسة النقدية

قدم التحفيز المالي والبنية التحتية للاتصالات دعماً للاقتصاد الصيني، وعلى هذا النحو؛ فإنه يفترض أن يظل سوق العمل مستقراً بشكل عام.

 وكان هذا هو الشاغل الرئيسي للحكومة، وبعد تحقيق ذلك أصبح الآن في إمكان البلاد تحويل تركيزها إلى المجالات الأخرى مثل الاستقرار المالي.

وذكر البنك المركزي مؤخراً أن الاقتصاد لا يحتاج إلى تدفق السيولة بعد نمو الائتمان بنحو 40% في الربع الأول من العام الحالي على أساس سنوي.

وبالتزامن مع تقرير الناتج المحلي الإجمالي القوي؛ فإن بنك الشعب الصيني قام باستبدال أدوات مالية لضخ السيولة لمدة عام التي حان آجل استحقاقها والبالغة 366.5 مليار يوان صيني بأخرى لمدة عام أيضاً قيمتها 200 مليار يوان صيني بفائدة 3.3%.

كما تم استبدال سيولة لمدة 7 أيام بقيمة 160 مليار يوان صيني بفائدة 2.55%.

ويعني هذا أن البنك المركزي قد قام بتحويل بعض السيولة لمدة عام إلى سيولة لمدة 7 أيام؛ وهو ما يعكس حقيقة أن البنك يرغب في أن يكون أكثر مرونة في إدارة السيولة.

ومن خلال القيام بذلك؛ فإنه وصل إلى نتيجة وهي خفض معدل الفائدة؛ وهو ما قد يكون الوضع كذلك إذا كان هناك خفضاً في معدل متطلبات الاحتياطي الإلزامي للبنوك.

وكانت توقعات "آي.إن.جي" السابقة تشير إلى 4 مرات بالخفض في نسبة متطلبات الاحتياطي.

ولقد تم بالفعل تنفيذ عملية خفض في يناير الماضي وكانت التوقعات تشير إلى القيام بثلاثة تخفيضات أخرى في بداية كل فصل.

لكن بعد تقرير الناتج المحلي الإجمالي القوي؛ فإن مزيد من عمليات الخفض تبدو أقل احتمالية.

وتعتبر نسبة متطلبات الاحتياطي من أكثر أدوات إدارة السيولة صرامة، بسبب أنه بمجرد تخفيضها فإن ضخ السيولة يدوم لفترة طويلة ولا يمكن للبنك المركزي امتصاص السيولة إلا من خلال عمليات السوق المفتوحة أو رفع نسبة متطلبات الاحتياطي لتخفيف الأثر.

ومن وجهة نظر البنك الهولندي؛ فإن المركزي الصيني سوف يستخدم عمليات السوق المفتوحة بشكل أكثر تكراراً كون أن هذه هي الأداة المرنة للسيطرة على السيولة.

ولا يستبعد التحليل أن يقوم البنك المركزي كذلك بامتصاص السيولة من السوق بطريقة تدريجية إذا رأى أن الائتمان ينمو بوتيرة متسارعة للغاية، على الرغم من أن هذا قد يحدث فقط إذا حافظ الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني على وتيرة النمو الحالية.

اليوان سيكون مستقراً إلى حد ما

كان اليوان الصيني مستقراً إلى حد كبير أمام الدولار الأمريكي في الربع الأول من هذا العام، حيث انخفض بنسبة 0.18% فقط.

وشهدت العملة الصينية تقلبات في نطاق ضيق في حدود 1.8%، متتبعة الصعود والهبوط في مؤشر الدولار.

ويمكن أن يستمر نطاق التداول الضيق هذا كما هو حتى بعد التوصل إلى اتفاق تجاري.

أما إذا كان هناك خلافاً حول الصفقة المحتملة؛ فإن البنك المركزي يمكن أن يظهر استقلاليته عبر خفض قيمة اليوان بشكل طفيف.

ويعتقد البنك الهولندي أن زوج العملة (الدولار - اليوان) سوف يتبع مؤشر الدولار في عام 2019 كما يتوقع أن تصل قيمة العملة الصينية إلى 6.75 يوان لكل دولار بحلول نهاية العام مع اتباع تطورات المحادثات التجارية بشكل أساسي.

لكن يجب مراقبة تحركات اليوان عن كثب بعد المحادثات التجارية لتحديد ما إذا كان هناك حاجة لتعديل توقعات قيمة العملة المحلية للصين بالرفع في الربعين الثاني والثالث.

وبدءاً من الآن؛ فإن التوقعات للدولار مقابل اليوان خلال الربع الحالي والربع الذي ينتهي في أغسطس هي 6.85 يوان لكل دولار.