TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

"الشال": الاقتصاد الكويتي يتطلب جراحة كاملة لتغيير وظيفة الاحتياطيات المالية

"الشال": الاقتصاد الكويتي يتطلب جراحة كاملة لتغيير وظيفة الاحتياطيات المالية
الصورة من رويترز - آريبيان آي

الكويت - مباشر: قال تقرير «الشال» الأسبوعي، إنه بعد بلوغ مستوى النفقات العامة مستوى مرتفع بنحو 19.2 مليار دينار في الموازنة الحالية للكويت، مقارنة بنحو 4 مليارات دينار في عام 2000، ومع ما يحدث من ضعف قد يطول لسوق النفط، أصبح من الحصافة ضرورة إحداث تغيير جوهري في منهج المالية العامة.

وقال التقرير الذي تلقى "مباشر" نسخة منه، إن الاستدامة في الاقتصادات التقليدية مضمونة فقط بضمان نمو النشاط الاقتصادي بما يضمن اتساع الوعاء الضريبي الذي يمول جانب النفقات في المالية العامة. ودول النفط باستثناء النرويج، خربت علم المالية العامة عندما اعتبرت بيع أصل ناضب واستبداله بنقد إيرادات عامة، وأصيبت جميعها بمراحل متفاوتة ولكن متقدمة بما يعرف بالمرض الهولندي، لإدمانها الإنفاق من حصيلة سهلة للنقد الأجنبي، دون خلق مصدر بديل للدخل. وكانت أكثر الحقب خطورة تلك التي امتدت للفترة ما بين 2003 إلى 2013، والتي زادت فيها النفقات العامة بمعدل سنوي مركب بحدود 13%.

وأضاف التقرير، أنه يتطلب لتحقيق مبدأ استدامة المالية العامة، التدرج والعودة إلى مبادئ علم المالية العامة، حيث يتم تمويل النفقات العامة من دخل مستدام ومتجدد، وإن كان لفترة رواج سوق النفط حسنة، فقد كانت في تكوين طبقة جيدة من الشحم رغم الهدر الكبير، موضحاً أن «الاحتياطيات المالية هي حصيلة بيع أصل ناضب واستبداله وليست دخلاً، والنفط أصل وبيعه لا يحقق إيرادات وإنما عملية استبدال لأصل عيني بآخر نقدي. لذلك، بات من الممكن باحتياطيات مالية قدر حجمها لدى الهيئة العامة للاستثمار فقط بنحو 540 مليار دولار- نحو 180 مليار دينار- اعتبار دخلها فقط إيراداً متجدداً- دائماً- وتوظيفه مؤقتاً بتولي مهمة تمويل المالية العامة».

ولكن، لتحقيق ذلك، يتطلب الأمر جراحة كاملة لتغيير وظيفة الاحتياطيات المالية، فالشفافية والاستراتيجية الحالية وسبل الإدارة وأهدافها كلها بحاجة سريعة وملحة لتغيير جوهري، وسيشمل التغيير دراسة لمكوناتها وإحداث تغيير جوهري فيها وخصوصاً مكونات الاحتياطي العام، ويتطلب حشد كل ما هو غير ضروري من الاحتياطيات المالية لدى المؤسسـات الحكوميـة الأخرى ودمجه معها، ويتطلب تحديد نسب توزيع استثماراتها نوعياً وجغرافياً وتحديد معدلات العائد المستهدف عليها.

وأشار التقرير إلى أنه رغم نشر تصريح لوزارة المالية بأن معدل العائد عليها لعشر سنوات كان نحو 9%، فإنه قد لا يكون دقيقاً، لذلك لابد من الحصافة في تحديد العائد الممكن تحقيقه وربطه بسقف للنفقات العامة على المدى المتوسط إلى الطويل، ولا بأس في البداية من دعم من حصيلة بيع النفط، تتناقص مساهمتها بمرور الزمن، بالتزامن مع سياسة مالية لإحلال دخل ضريبي متزايد في جانب التمويل، ودعم من السياسة الاقتصادية لردم فجوات الاقتصاد الهيكلية.

ولفت التقرير إلى أن وزيرة التنمية ناقشت مع المجلس الأعلى للتخطيط وآخرين، الأربعاء الفائت، مبدأ الاستدامة، وهو أمر طيب، ولكن النقاش وحده دون قناعة حقيقية بخطورة عامل الزمن عند إهمال البدء بإجراءات تنفيذ، من المؤكد أنه يؤدي إلى تآكل فرص النجاح.

المشروعات التي لا تخلق فرص عمل عبء وغير تنموية

وذكر التقرير أن سعر برميل النفط الكويتي بلغ في الأسبوع الماضي أقل من 36 دولاراً، أي أقل بنحو 9-10 دولارات من السعر الافتراضي للموازنة، البالغ 45 دولاراً، لكن معدل سعر برميل النفط الكويتي للفترة بين 1 أبريل 2015، أي بداية السنة المالية الحالية، و22 نوفمبر 2015، ما زال في حدود 51.6 دولار للبرميل.

وقال التقرير إنه يتبقى في السنة المالية الحالية نحو 4 أشهر، والمستوى الذي يحققه سعر برميل النفط الكويتي خلال ما تبقى منها سيحدد مستوى عجز الموازنة المتوقع، وأياً كان مستواه، وحتى لو تلاشى العجز، المؤكد أن وضع المالية العامة خطر وغير مستدام.

وأضاف أنه من الحصافة العمل وفق أسوأ سيناريو، فما يحدث في سوق النفط حاليا ناتج عن تكدس فائض كبير من المعروض بحدود 3 ملايين برميل يوميا، وخطورته كامنة في أن هذا الفائض في معظمه حصيلة صراع بين منتجي النفط التقليدي، ومن دول داخلة في حروب فعلية مع بعضها، بما يصعب من احتمالات اتفاقها، لذلك هي معركة كسر عظم.

وأوضح التقرير أن الوضع غير مستدام، لأن سوق النفط لن يعود في أسعاره إلى مستوى ما قبل منتصف عام 2014، فذلك أصبح تاريخا، وهو غير مستدام، لأن الانفلات غير الحصيف في السياسة المالية وعلى مدى أكثر من عقد من الزمن، ليس فقط ضاعف حجم الإنفاق 5 مرات، وإنما بات معظمه جار وجامد. وهو غير مستدام لأن الاقتصاد المحلي فقد تنافسيته بإغراء الوظيفة الحكومية من دون إنتاج يذكر، وتسبب في تضخم الأجور والإيجارات وأسعار الأراضي.

وزاد أن تكلفة إنتاج أي سلعة أو خدمة أصبحت عالية دون مبرر، مثل تميزها بجودتها أو ندرتها. وهو غير مستدام لأن مكونات الإنفاق العام على ردائتها عاجزة عن استقبال نحو 420 ألف قادم جديد إلى سوق العمل خلال 15 عاماً، ومصدر إيراداتها يتناقص ليس فقط بسبب هبوط الأسعار، وإنما أيضاً بتآكل ذلك الجزء المخصص للتصدير لصالح الاستهلاك الداخلي، وبسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج.

وتابع التقرير، أنه ليس هذا فقط، وإنما الإيرادات على شحتها وتناقصها، ستتعرض لهدر في توزيعها، فالحالة الجيوسياسية المشتعلة في الإقليم وفي كل دولة فيه، ستقتطع نصيباً متزايداً من تلك الإيرادات لتمويل متطلبات الأمن والعسكرة على حساب كل ما عداها.

وأكد التقرير أن الوضع خطر، والوقت دون تصرف عاقل مبكر يعمل على زيادة تلك الخطورة، والحصافة تتطلب صياغة رؤى قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل، كلها تتبنى مبدأ ضمان الاستدامة. وضمان الاستدامة يتطلب جهداً بالغ التعقيد يعمل على جبهتين متزامنتين، الأولى إطفاء الحرائق التي أشعلتها سياسات مالية منفلتة وسياسات اقتصادية قاصرة، والثانية وضع أسس البناء الجديد.

ولفت إلى أن أولى متطلبات رؤى الزمن القصير، الوعي بخطورة تصريحات بعض كبار المسؤولين حول ضمان عدم تأثر الصرف على مشروعات التنمية وعلى مكتسبات المواطن، أمَّا على المدى المتوسط إلى الطويل فكل شيء يحتاج إلى مراجعة، فالمشروعات التي لا تخلق عدداً كبيراً ومعلوماً من فرص العمل المواطنة، أو تلك التي لا تنتج سلعاً وخدمات منافسة أو تنمي وعاءً ضريبياً، هي عبء وليست مشروعات تنمية.

وبين التقرير أن تصريحات عدم المساس بالمكتسبات، والتطمين باستمرار اقتطاع نصيب الأجيال القادمة، وحصر مشكلة العجز في خيارات تمويله، ومقترحات وخطط لرفع رسم هنا أو زيادة سعر هناك من دون رؤية متكاملة، كلها مؤشرات قصور في الرؤى، ودليل قاطع على أن الإدارة العامة لا تعي حقيقة الأوضاع ومآلها كما كان وضعها في زمن رواج سوق النفط.