TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

حسم صراعات سوق النفط تترقب قرار اوبك

حسم صراعات سوق النفط تترقب قرار اوبك



يترقب العالم اجتماع منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" الذي سيعقد في العاصمة النمساوية فيينا، الخميس.

ويحبس العالم أنفاسه في الوقت الذي تغيرت فيه أسعار النفط خلال الأسابيع القليلة الماضية، إذ بلغ سعر برميل النفط 80 دولار، ويمكن للأمريكيين التزود بالنفط مقابل ثلاثة دولارات للغالون الواحد.

والسؤال الأهم هنا، هو كيف يمكن أن تستجيب منظمة "أوبك"، فالدول المنتجة للنفط لم تخفض من حجم تصديرها، إلا الآن، وهنالك حجم فائض من النفط في السوق العالمية.

وتنقسم آراء الخبراء الذين سيتفحصون بقرب نتائج اجتماع المنظمة، فمنهم من يرى بأنها ستقطع إنتاجها للنفط، وبالأخص السعودية التي رفضت التقليل من إنتاجها للنفط لأنها تود أن تضغط خصمها الإقليمي، إيران، التي تترنح بسبب العقوبات المفروضة عليها لبرنامجها النووي.

ومع كل هذه التغيرات السياسية بالمنطقة، قد يبدو بأنه وقت غير مناسب للاستثمار في النفط، خاصة بعد أن واجهت أسهم شركات الغاز والنفط تضخماً بعد انخفاض الأسعار، ولكن وكما يعلم معظم المستثمرون، يمكن أن تشكل اللحظة التي يهرب فيها غيرك فرصة مثالية لصفقة مربحة.

دول «أوبك» تنتج 30% من النفط العالمي

تضم منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» التي سيجتمع وزراؤها الخميس في فيينا، اثني عشر بلداً تنتج نحو ثلث النفط الخام المستخرج في العالم، وتسعى للتأثير على أسعار الذهب الأسود من خلال تنسيق إنتاجها.

وتهدف «أوبك» التي تأسست في 1960 وتتخذ مقراً لها في فيينا منذ عام 1965، رسمياً إلى «تنسيق وتوحيد السياسات النفطية بين الدول الأعضاء لضمان أسعار منصفة ومستقرة لمنتجي النفط، وإمدادا موثوقا ومنتظما وبأسعار معقولة للبلدان المستهلكة».

وسلاحها الرئيسي للتأثير على السوق النفطية هو سقف الإنتاج، الذي يمكن تعديله نحو الارتفاع أو الانخفاض تبعا لمعادلة العرض والطلب العالمي.

ويحدد السقف الإنتاجي الجماعي بـ 30 مليون برميل يوميا منذ ثلاث سنوات، لكن «أوبك» تتجاوزها في الواقع مع إنتاج يقدر بـ 30,3 مليون برميل يوميا، بحسب ما نقلت بعض المصادر عن المنظمة، و30,6 مليون برميل في اليوم بحسب وكالة الطاقة الدولية.

وتملك الدول المنتجة الرئيسية في «أوبك»، خاصة أكبرها السعودية قدرات إنتاجية غير مستغلة بإمكانها استخدامها بسرعة لزيادة الإمدادات، خاصة في حال أزمات جيوسياسية، وتعتبر مصدرا آخر يؤثر كثيرا على أسعار الخام. وتجتمع «أوبك» مبدئيا مرتين على الأقل في السنة. ومنذ 2007 يتولى وزير النفط الليبي السابق عبد الله سالم البدري منصب أمينها العام الذي جدد له مرات عديدة في غياب الاجماع على خلف له.

وتبلغ حصة السعودية 9,68 مليون برميل في اليوم، وحصة العراق 3,36 مليون برميل يوميا، والكويت 2,82 مليون برميل، وإيران 2,76 مليون برميل، والإمارات 2,74 مليون برميل، وفنزويلا 2,46 مليون برميل، ونيجيريا 1,88 مليون برميل، وأنجولا1,72 مليون برميل، والجزائر 1,13 مليون برميل، وليبيا 0,87 مليون برميل، وقطر 0,69 مليون برميل، والاكوادور 0,54 مليون برميل.

وضع أسواق النفط العالمية

إن منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» اجتهدت طوال الفترات الماضية في تأمين الإمدادات الكافية لتلبية الطلب العالمي على النفط، خاصة و أنه إبان الارتفاع الاستثنائي في أسعار النفط عام 2008 قامت المنظمة برفع إنتاجها أكثر من مرة حتى استعادت الأسواق استقرارها، وعندما اندلعت أحداث عدم الاستقرار الأمني والسياسي في منطقة الشرق الأوسط خلال السنوات الأخيرة وتسببت في تراجع الإمدادات النفطية من بعض المنتجين الرئيسيين مثل ليبيا والعراق وقبلهما إيران بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، عدلت المنظمة سياساتها الإنتاجية فزادت الإنتاج لتعويض نقص الإمدادات، ما جعل الأسواق تتحرك كما لو أنها مستقلة تماماً عما تشهده الساحة العالمية من اضطرابات سياسية وأمنية لم يشهد لها العالم مثيلاً منذ عقود.

و خلال الأشهر القليلة الماضية شهدت أسواق الطاقة العالمية إضافة عامل جديد ومؤثر في توازنها، ألا وهو توجه العديد من الدول إلى استغلال احتياطياتها من النفط الصخري، ما دفع الأسواق إلى دخول مرحلة جديدة من مراحل تطورها تتمثل ملامحها في: أولاً حدوث ما يشبه الطفرة في إنتاج النفط. وثانياً تحول مستهلكين تقليديين للنفط مثل أميركا إلى منتجين رئيسيين له، إذ تخطى الإنتاج الأميركي مستوى الواردات لأول مرة منذ عقود، ما يفرض على مصدري النفط إليها ضرورة البحث عن أسواق جديدة.

اما ثالث الملامح فهو تصاعد دور الأسواق الآسيوية كوجهات رئيسية لتصدير النفط بدلاً من السوق الأميركية والأسواق الأوروبية، ورابعها أن ما يزيد من تغير ملامح السوق هو تصاعد التوتر بين روسيا ثاني أكبر منتجي النفط في العالم من ناحية، وأميركا وأوروبا أكبر مستهلكي النفط في العالم من ناحية أخرى، الأمر الذي يزيد ضبابية المشهد لما ينتج عنه من تضارب في المصالح بين الطرفين بشأن أسواق النفط والطاقة.

و هنا لا بد من الإشارة إلى أمور عدة هي: أولاً أن أسواق النفط العالمية والمتغيرات المؤثرة في تحركاتها في المرحلة الراهنة باتت على درجة كبيرة من الحساسية والتشابك، الأمر الذي يقضي بضرورة أن تتفاعل الدول المنتجة والدول المستهلكة للنفط على حد سواء وليس دول «أوبك» فقط مع هذه المتغيرات والمستجدات بحرص وحساسية أيضاً في إطار من التنسيق يضمن مصالح الجميع، وهناك حاجة ماسة إلى أن ينظر الجميع إلى الأسواق العالمية في صورتها الإجمالية من دون تغليب الأهداف الوطنية على الأهداف العالمية أو العكس.

اما ثاني الأمور المهمة فهي أن ما تشهده أسواق النفط العالمية الآن من تغيرات سواء في داخل الأسواق ذاتها أو فيما يحيط بها من جوانب وقضايا اقتصادية وجيوسياسية وتكنولوجية واجتماعية وغيرها، يحتاج من الجميع مستهلكين ومنتجين إلى زيادة مستويات الشفافية وتبادل البيانات والمعلومات بشأن ما يحدث من أجل زيادة كفاءة الأسواق ومساعدتها على تحقيق أهدافها. وثالثها أن قراءة مدققة في السلوكيات السابقة لـ «أوبك» توضح أن المنظمة لم تهتم بحماية مصالح أعضائها فقط، بل إنها وضعت أهداف ضمان استقرار الأسواق ودعم الانتعاش الاقتصادي العالمي بين أولوياتها.

أن هذا أمر يبدو منطقياً إلى حد كبير، فاستقرار الأسواق والانتعاش يمثل ضمانة حقيقية لتأمين الطلب العالمي الفاعل على النفط، ويضمن استقراره بما يعود بالنفع مرة أخرى على أعضاء «أوبك»، ويحمي مصالحهم، وهو بالطبع لا بد من أن يشغل المنظمة في اجتماعها المقبل.

مستقبل النفط تحت رحمة ماذا ؟

إليكم هذه القائمة من الأعوام: 1914، 1939، 1946، 1951، 1972، 2008. ما الأمر المشترك بينها؟ في كل عام من هذه الأعوام شعر شخص ما بالذعر علناً من أن ارتفاع أسعار النفط يدفع الاقتصاد العالمي الى كابوس طويل الأجل من الركود المصحوب بالتضخم والصراع على الطاقة.

في كثير من هذه الأعوام، كان التركيز في معظمه ينصب على جانب العرض. فشركات النفط الكبيرة لا تعمل على احلال احتياطيات جديدة محل ما يتم إنتاجه. ولم يتم اكتشاف أي «مناطق نفط» جديدة مثل نورث سلوب في ألاسكا أو خليج المكسيك أو بحر الشمال. ولم يعد لدى السعودية نفط بالقدر الذي نعتقد. فكثير من الأسباب التي تعرض التراجع الحالي في سعر النفط وتفسره تدور حول زيادة الانتاج الأميركي.

بيد أن الجزء المتعلق بجانب الطلب من المعادلة هو المثير للاهتمام فعلاً. ويعتبر تباطؤ النمو العالمي جزءاً من هذا الأمر. ومن الواضح أن النمو يتباطأ في الصين: أسعار المواد الكيماوية، التي تكون عادة مؤشراً جيداً على اتجاهات النمو العالمي، تظهر لنا صورة «سلبية بشكل لا لبس فيه»، وفق مؤسسة فاريانت بيرسيبشن. كما أن أوروبا التي تشكل سدس الناتج الاجمالي المحلي العالمي تقترب من الركود المصحوب بالتضخم، في حين أن الولايات المتحدة الأميركية لا تتمتع بالزخم الكافي.

واذا لم يكن هذا كافياً بالنسبة إليك لتشعر بالقلق، فقد ترغب في اطلاق العنان لعقلك باتجاه التركيبة السكانية في العالم لدقيقة واحدة فقط (فمن المخيف جداً البقاء مع هذا الأمر لفترة طويلة): اذا استمرت النساء في العالم في تصميمهن على رفض تكريس أكثر من 4 سنوات متتالية من حياتهن لتغيير الحفاضات، من الصعب عندها معرفة من أين سيأتي مستهلكو النفط المسرفون في المستقبل.

حتى هذا الأمر لا يعتبر المفتاح الحقيقي للتفكير بشأن مستقبل أسعار النفط. ولتكوين فكرة عما هو، لنر ما اذا يمكنك الحصول على رسم بياني لمجموعة من السلع يغطي المدى البعيد جداً. أنا لدي واحد يظهر حركة الأسعار منذ 1934. ولا أظن أنك تعتقد أن الرسم البياني يظهر ارتفاع الأسعار بشكل مطرد. فبعد كل شيء، فكرة ندرة الموارد وشحها أساسية لعلم الاقتصاد. العرض محدود، ولهذا ينبغي أن تزيد تكلفة المواد المستخدمة لتحفيز النمو مع نمو السكان والاقتصادات.

يبدو الأمر منطقياً، لكنه خاطئ تماماً. فعند تعديل الأرقام بحسب التضخم، سنجد أنها في الواقع انخفضت بشكل مطرد نسبياً. هناك علامة ارتفاع حاد في الفترة من 2000 - 2007 (الصين) وأخرى في فترة أربعينات القرن الماضي (الحرب) وأخرى في سبعينات القرن الماضي (الاندفاع نحو الأصول الحقيقية مع وصول التضخم الى معدلات جنونية) لكن هذا هو كل ما في الأمر.

قبل خمس سنوات، عندما تراجعت أسعار النفط من 140 دولاراً الى 40 دولاراً للبرميل في غضون بضعة أشهر قليلة فقط، دخلت شركات النفط في وضع صعب للغاية، ولم يكن المديرون التنفيذيون قادرين على تمويل عمليات التطوير، كما حال نقص السيولة النقدية دون أن يتمكن المشترون الذين يتسمون بالحذر في الصناعة من شراء الأصول بأسعار منخفضة جداً.

ما الذي يجرى هنا؟ عندما تشح السلع ويندر وجودها، نبحث عن سبل لإنتاج المزيد منها، أو نستخدمها باعتدال أكثر أو نستبدلها. قائمة السنوات تلك جاءت من كتاب بعنوان «أصغر، أسرع، أخف وزناً، أكثر كثافة، أرخص: كيف يثبت الابتكار باستمرار أن علماء الكوارث على خطأ» للمؤلف روبرت برايس. لا توجد أي مشكلة، تقريباً، لا تستطيع رأسمالية ريادة الأعمال أن تحلها، وكذلك الحال بالنسبة إلى النفط.

فلنلق نظرة قليلا على «أكثر اعتدالاً». معظم المصنعين يجدون وسائل لتعظيم كفاءة استهلاك الوقود للسيارات التي يصنعونها (متوسط استهلاك السيارة الجديدة التي تباع في أوروبا من الوقود يزيد بنسبة %31 عما تدعيه الشركة المصنعة، وفقاً لشركة سبيريت مونيتور). لكن مع ذلك، هناك شيء مدهش يحدث. شركة ادارة الصناديق روبيكو سام، تستخدم سيارة فورد F-150 ، وهي السيارة الأفضل مبيعاً في الولايات المتحدة الأميركية، كمثال.

أحدث موديل تم انتاجه من هذه السيارة أخف وزناً بمقدار 300 رطل من الموديل السابق، ويستخدم محركها حديد الغرافيت والألمنيوم لتخفيف الوزن، في حين يستخدم في الاطار الفولاذ الذي يتسم بقوة كبيرة ويعتبر أخف وزناً وأكثر صلابة من الفولاذ العادي. أما الجسم فمصنوع من سبائك الألمنيوم. وهو ما يجعل السيارة «أخف وزناً وأكثر قوة ومقاومة للانبعاجات». والنتيجة هي تحسن بنسبة %30 في كفاءة استهلاك الوقود.

استخدام فورد لكل هذه المواد في سيارة عادية يعتبر انجازاً وتقدماً مهماً، لكن استخدام المواد خفيفة الوزن في جميع أنواع المكونات (تصور الفرامل مصنوعة من الألمنيوم بدلاً من الحديد المصبوب) آخذ في الزيادة في جميع أنحاء الصناعة.

حتى شركات صناعة السيارات الفاخرة مثل بي ام دبليو بدأت في استخدام ألياف الكربون في السيارات التي بإمكان قراء «فايننشال تايمز» شراءها اليوم، مثل سيارة BMW i3 الكهربائية. وبحسب شركة روبيكواس ايه ام، ستتضاعف نسبة المواد الخفيفة الوزن المستخدمة في قطاع السيارات بحلول عام 2030. وهو ما يعني كفاءة أكبر في استهلاك الوقود. شيء مشابه يحدث في صناعة الطيران، حيث تعمل زيادة استخدام ألياف الكربون في المحركات على خفض تكاليف الوقود بنسبة تصل الى %25. كما أن استخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد لصناعة قطع غيار الطائرة، التي تقلص الحاجة الى البراغي والمسامير، يعد قفزة كبيرة الى الأمام. وتعتقد شركة ايرباص أن بامكانها انتاج طائرة أخف وزنا بمعدل %30 من النماذج الحالية.

وعلينا النظر كذلك الى الاحلال. ففي مدريد يعمل أسطول شاحنات القمامة بالكامل (الى جانب الحافلات والرافعات) بالغاز الطبيعي المضغوط. وينطبق الأمر نفسه على مناطق كثيرة من كاليفورنيا، حيث يتم الحصول على الغاز من مواقع دفن النفايات. وكما يقول البروفيسور ستيفن تشو، من مركز أبحاث الطاقة إن الطاقة المتجددة والطاقة الشمسية بشكل خاص، باتت الآن متطورة للغاية، مما يعني أن اخفاقنا بعدم استخدامها بشكل صحيح مسألة تتعلق بـ «قصور ذاتي» أكثر من كونه مسألة عملية. فمن يحتاج اذن الى النفط؟ أو لنكن واقعيين أكثر، من يحتاج الى الكثير من النفط؟

ويمكن تقديم حجة جيدة في موضوع شراء شركات النفط والتعدين المتعثرة في الوقت الراهن، لكن بعض التوقعات تشير الى أن أعمال الموارد الأساسية التقليدية ستفقد %40 من حجمها أمام المواد خفيف ة الوزن. ومع نمو قطاع المواد الخفيفة بنسبة %8 سنويا، اليكم هذه الفكرة للمستثمرين الذين ينتهجون الاستثمار طويل الأجل.

هناك شركة واحدة فقط بقيت على مؤشر داو جونز الصناعي على مدى السنوات المئة الماضية. و22 شركة فقط بقيت على مؤشر فايننشال تايمز 100 على مدى الثلاثين سنة الماضية. فما هي احتمالات أن تبقى شركات النفط الكبيرة عندما ننظر الى السنوات الثلاثين المقبلة؟

حرب أسعار النفط تبدء

تراجعت أسعار البترول الخام منذ منتصف يونيو، مما يثير الكثير من التساؤلات: ما مدى انخفاض الأسعار؟ وإذا انتعشت، ما المستوى الذى سوف تستقر عنده؟ وهل ستخفض السعودية ومنظمة الأوبك من الإنتاج عندما يجتمعان الشهر المقبل؟ وما هو السعر الذى قد يلحق الأذى بإنتاج الغاز الصخرى الأمريكى وما مدى الضرر؟

لا يوجد شىء مؤكد سوى أن الهبوط الحالى فى الأسعار يخلق فائزين وخاسرين، والخاسرون هم المنتجون والدول والحكومات، فإذا تراجع البرنت عن مستوى 80 دولاراً للبرميل، فسوف تخسر الدول الأعضاء فى منظمة الأوبك حوالى 200 مليار دولار من المكاسب التى حققوها مؤخرا والبالغة تريليون دولار.

ولذلك تأثير ليس فقط على قدرتهم على كسب ما يكفى لتغطية التوسع الذى شهدته موازناتهم بعد الثورات العربية، وإنما أيضاً على قدرتهم على خدمة ديونهم دون تعثر فى السداد، أما بالنسبة للولايات المتحدة، فإن استمرار هبوط الأسعار سوف يجبرها على تخفيض المصاريف الرأسمالية المستخدمة فى توسيع الإنتاج مما سوف يعوق زخم ثورة الغاز الصخرى الأمريكي.
ومن ناحية أخرى سوف يفوز الاقتصاد العالمى بأكمله بما يعادل برنامج تيسير كمى مما سيساعده على دفع النمو الاقتصادى المتعثر، حيث إن تراجع الأسعار ستوفر عليه 1.8 مليار دولار يومياً أى حوالى 660 مليار دولار سنوياً.

وهبطت الأسعار لعدة أسباب، بعضها يعود إلى معنويات السوق، والبعض الآخر إلى مبادئ السوق، أما العامل الرئيسى فهو تغير المشهد الجيوسياسي، فقد ارتفع سعر البرنت إلى حوالى 110 دولارات للبرميل منذ أن أدى توقف الإنتاج من ليبيا إلى حرمان السوق من مليون برميل يومياً، ورغم زيادة السعودية للإنتاج لتعويض النقص، فإن الأسعار لم تتراجع لأن ليبيا تنتج الخام الخفيف الحلو، والمصافى التى كانت تستخدمه لم تستطع استبداله بالخام الأثقل.
وفى الوقت نفسه، هناك اتجاهان مختلفان تكشّفا منذ 2011، أولهما ظهور مشكلات الحكم الداخلية عبر الدول المصدرة للبترول، فقبل فبراير 2011، كان هناك نقصاً بمقدار 400.000 برميل يومياً، ثم بعد ذلك وصل اضطراب الإمدادات إلى أكثر من 3.5 مليون برميل يومياً بسبب العقوبات على البترول الإيرانى، وتعطل الإمدادت من نيجيريا والسودان وسوريا واليمن.

أما الاتجاه الثانى هو النمو الهائل فى إنتاج البترول الأمريكي، فى ظل تراجع تكاليف الإنتاج سنوياً إلى مستويات غير متوقعة، وتقل بالتأكيد عن 75 دولاراً للبرميل.

وتنبع إحدى المعضلات التى تواجه الأوبك من انقسام مصالح منتجى البترول الخام المتوسط أو الثقيل فى الخليج وبين منتجى الخام الخفيف فى الغرب وشمال أفريقيا، كما أن الزيادة فى الإنتاج الأمريكى من البترول الخفيف والحلو تسببت فى تخمة السوق العالمى من هذا النوع، وبالتالى لن يشكل تخفيض السعودية أو الأوبك للإنتاج أى فرق لأن هذا لن يصحح المعروض الزائد من الخام الخفيف فى السوق.

وعلاوة على ذلك، تلعب بعض المبادئ السوقية دوراً أيضاً، فالاقتصاد العالمى ضعيف والطلب على البترول يرتفع بمعدلات هزيلة تقل عن مليون برميل يومياً، كما أن أى توقعات بزيادة النشاط الاقتصاد والطلب فى 2015 سوف تخلف على الأرجح فائض إجمالى بمقدار مليون برميل يومياً، وهذا سوف يضغط أكثر على الأسعار إلا إذا خفضت الأوبك الإنتاج.

وتدفع المخاطر السياسية السوق للمزيد من الهبوط على الأقل فى المستقبل القريب، ففى حال التوصل لاتفاق نووى مع إيران سوف يزداد المعروض من البترول فى السوق، كما يمكن أن تواصل ليبيا الإنتاج مجدداً.

وأخيراً، أدى ضعف السعر إلى تبنى مجموعة من نظريات المؤامرة القائمة على تخفيض السعودية لسعر البيع لعملائها فى آسيا، وحذو إيران والعراق وغيرهما من المنتجين فى الشرق الأوسط حذوها.

كما أن تصريحات المسئولين السعوديين تشير إلى أنهم يعتقدون أن نمو الإنتاج الأمريكى سيتباطأ إذا تراجعت أسعار البترول عن مستوى 90 دولاراً، لأن هذا سيؤدى إلى انخفاض سعر بترولها الصخرى دون سعر التكلفة، كما أن انخفاض أسعار البترول ستضر بشدة بإيران وروسيا، لأن الدولتين تنفقان فى الشرق الأوسط على نحو لا يرضى المملكة.

ولكن هل هذه إشاعات؟ الوقت كفيل بإظهار الحقيقة، وربما سيتضح كل شىء فى اجتماع الأوبك فى نوفمبر القادم، وإذا واصلت الأسعار هبوطها، قد يثبت المنتجون الأمريكيون أنهم أكثر مرونة من المعتقد.

لقد أبرز هبوط أسعار الأسهم لشركات النفط والغاز في الولايات المتحدة عاملاً حاسماً محتملاً في حرب أسعار الخام التي تلوح في الأفق، وهو ثقة المساهمين فبعد ثلاث سنوات من "الهدوء الموحِش" في سوق النفط، عاد التقلب.

استعداد السعودية الواضح للسماح لانخفاض أسعار النفط الخام سيختبر دعم أسواق رأس المال للمنتجين الأميركيين، الأمر الذي يتشكل ليكون أصعب امتحان للصناعة في أميركا الشمالية، منذ بدء ثورة الصخر الزيتي لإحياء إنتاج النفط الأميركي في عام 2009.

عملية حسابية تقريبية تشير إلى أن السعودية لن تخسر إلا جزءا صغيراً يتراوح بين عشرة مليارات دولار و20 مليار دولار من أرصدتها التي تبلغ نحو 750 مليار دولار في احتياطيات النقد الأجنبي، وذلك عند تراجع أسعار النفط إلى 80 دولاراً للبرميل، كما يقول ماكنالي.

شركة وود ماكينزي للاستشارات تقدر أن معظم إنتاج الولايات المتحدة من الصخر الزيتي سيصل نقطة التعادل عند 75 دولاراً. وقالت وكالة الطاقة الدولية إنه حتى يكون هناك أذى لا يستهان به يصيب النفط الصخري الأميركي وغيره من مصادر إنتاج الطاقة غير التقليدية، فلابد أن تهبط الأسعار هبوطاً حاداً.

ومع ذلك إذا استمرت الأسعار في الانخفاض فإن الضغط على الصناعة سينمو، لأن شركات النفط والغاز الصغيرة ومتوسطة الحجم التي قادت ثورة الصخر الزيتي تعاني من عجز حركات النقد منذ سنوات، وقد تجاوز الإنفاق الرأسمالي التدفقات النقدية التشغيلية للشركات.
الانخفاض الحاد في الإنتاج من آبار الصخر الزيتي – إذ إنه يمكن أن ينخفض بنسبة 60 في المئة أو أكثر في السنة الأولى - يعني أنه ينبغي على الشركات الحفاظ على عملية التنقيب على الآبار لمجرد الاستمرار في عملية الإنتاج، ناهيك عن زيادته.

إذا كانت الأموال المخصصة للحفر تنضب، فإن الإنتاج سينخفض بسرعة، وسوف تنهار بالتالي الطفرة النفطية الأميركية.

أخيرا، في شهر أغسطس، كان يتوقع المحللون أن الشركات الرائدة المنتجة للنفط والغاز الصخري في الولايات المتحدة في العام المقبل ستغطي مجتمعة الإنفاق الرأسمالي على التدفقات النقدية من التشغيل. الآن هذا الاحتمال ينحسر.

على أن بيع النفط في تلك الأسعار الدنيا لايزال يعني أن هناك إيرادات أقل من الأسعار السائدة في وقت سابق من هذا العام، ثم إن الشركات لا تستطيع التحوط إلى الأبد. إذا ما استمرت الأسعار في الانخفاض لفترة أطول من سنة، فإن المعاناة من وراء ذلك سوف تزداد سوءا.

عملت سنوات من العجز النقدي على تراكم الديون. بلغ إجمالي قيمة السندات ذات العائد المرتفع التي تصدرها شركات الطاقة في تصنيف أقل أو بـ75 مليار دولار، وهو يعد ارتفاعاً من مجرد 16 مليار دولار في عام 2009، وذلك وفقا لـ"فيتش" وكالة التصنيف.

حتى تتمكن الشركات من مواصلة الحفر يجب على شركات الصخر الزيتي في الولايات المتحدة أن تكون قادرة على إقناع المساهمين بأن الأمر يستحق الالتزام بالمزيد من السندات ورأسمال الأسهم.

أنه من الصعب معايرة أثر هذه التغيرات في الأسعار بصورة دقيقة. ويقول إنه إذا تم تقليص قدر فوق الحد من الإنتاج واستمر الطلب في النمو، فإن سوق النفط يمكن أن تصبح شديدة مرة أخرى وبسرعة.

هل يمكن أن ترتفع أسعار النفط قريباً؟

تعقد منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) أهم اجتماع لها منذ سنوات، تحت ضغط تدهور أسعار البترول الذي يذكي الانقسامات داخل الكارتل بين مؤيدين لخفض الإنتاج ومدافعين عن ابقائه بوضعه الراهن.

وفيما كانت تبدو مستقرة منذ ثلاث سنوات حول مئة دولار للبرميل بالرغم من الاضطرابات الجيوسياسية، تدهورت أسعار الخام بشكل متواصل تقريباً منذ منتصف يونيو الماضي، تحت تأثير ازدهار استخراج النفط الصخري (الشيست) في الولايات المتحدة وأيضاً تباطؤ النمو العالمي.

وهكذا انخفض سعر برميل نفط برنت في لندن، الذي يعتبر مرجعياً للسوق النفطية، إلى 77,92 دولار في 13 نوفمبر الجاري، أي بنسبة تراجع بلغت 32% في خلال خمسة أشهر.

وإذا بقيت مستويات الإنتاج المعد للاستهلاك مرتفعة (خاصة في فرنسا حيث تخفي الضرائب جزئياً التدهور)، سيكون أكبر تراجع مسجل في القطاع منذ أزمة 2008 عندما انهارت أسعار النفط بعد مستويات قياسية تاريخية قاربت 150 دولاراً للبرميل.

وهذا ما يؤدي إلى توتر المناقشات بين وزراء الدول الـ12 الأعضاء في «أوبك» الذين سيلتقون في العاصمة النمساوية لإعادة النظر في سقف الإنتاج الجماعي المجمد منذ ثلاث سنوات على 30 مليون برميل في اليوم، أي نحو ثلث النفط الخام المستخرج يومياً في العالم.
فهذا التدهور يؤثر كثيراً على عائدات الميزانية في الدول الأعضاء، ويضغط البعض علناً على الكارتل للتحرك من خلال خفض الإنتاج على أمل استقرار أسعار الخام أو حتى رفعها.

وذلك بدءاً من فنزويلا التي تواجه وضعاً مالياً هشاً، وتعتمد بالتالي بشكل كبير على العائدات النفطية. ففي خطاب متشائم تحدث الرئيس نيكولاس مادورو الاثنين عن عقد «اجتماع خاص للدول الأعضاء وغير الأعضاء في «أوبك» في وقت قريب جداً، بغية اتخاذ قرارات لصالح النفط وأسعار النفط».

كذلك يقوم وزير النفط الإيراني بيجان نمدار زنجنة بحملة لاتخاذ تدابير لوقف هذه الحركة. ولخص الوضع قائلا بعد لقاء مع وزير الخارجية الفنزويلي رافايل راميريز، «إنه من الصعب العودة إلى الأسعار السابقة، لكن ينبغي السعي إلى تحسين الأسعار بقدر الإمكان مع الأخذ بالحسبان الوضع الجديد في السوق». ومن خارج «أوبك»، أعلنت روسيا التي تعتبر من أبرز الدول المصدرة للنفط أنها تعمل على إمكانية خفض إنتاجها. لكن السعودية لم تبد اهتماماً بهذا القلق. حتى أن عدداً من المراقبين يشكون بأنها تشجع في الخفاء تدهور الأسعار من خلال خفض جزئي لأسعار تصدير إنتاجه بغية إعاقة الإنتاج الأميركي للذهب الأسود الذي يتطلب أسعاراً أكثر ارتفاعاً ليكون مربحاً. ويرى آخرون في ذلك دليل «حرب على حصص الأسواق» يخوضها أعضاء «أوبك» في الكواليس.

وهي مناورات أنكرها الوزير السعودي علي النعيمي الذي يحظى بنفوذ. فبعد أشهر من الصمت رفض مؤخراً نظرية «حرب الأسعار» النفطية. واعتبر «أن الحديث عن حرب أسعار علامة على سوء فهم مقصود أو غير ذلك، ولا أساس له من الواقع». وأكد أن «السياسة النفطية للسعودية مستقرة منذ عقود ولا تتغير اليوم، وأن المملكة تفعل ما في وسعها مع المنتجين الآخرين لضمان استقرار الأسعار. وقال النعيمي مؤخراً :الحديث عن حرب أسعار علامة على سوء فهم مقصود أو غير ذلك، ولا أساس له من الواقع. لكنه لم يوضح بدقة الموقف الذي ستتبناه السعودية في فيينا.

وفي إطار هذه الظروف، فإن مناخ الغموض هو سيد الموقف قبل اجتماع الخميس. والمسألة تكمن في معرفة ما إذا كانت السعودية ستستجيب أم لا للدعوات إلى خفض الحصة الانتاجية.
والتوقعات مفتوحة على كل الاتجاهات، وإن كان الإبقاء على الوضع الراهن يبدو الأكثر ترجيحاً.

رغم أن منظمة "أوبك" فقدت الكثير من نفوذها خلال الأعوام الأخيرة، وذلك بسبب الشجار وتسريع الإنتاج النفطي في الولايات المتحدة، إلا أنه يمكنها أن ترفع من أسعار النفط إن أقر الأعضاء على التقليل من إنتاجهم خاصة و إن السوق العالمي مندهش من كيفية ثبات النمو الفائق في إنتاج النفط بأمريكا الشمالية، إذ استمر بالنمو رغم انخفاض أسعار النفط.

أسعار النفط وسياسات الصرف الأجنبي.. الآثار على المستهلكين والمنتجين
في تحليل مميز لوكالة رويترز للانباء اشارت الي ان الهبوط الحاد لأسعار النفط يبدو نعمة للبلدان الرئيسية المستهلكة للخام في وقت تجددت فيه المخاوف بشأن النمو الاقتصادي لكنه قد يكون نقمة للبلدان المنتجة للنفط.

ومع ذلك فإن آثار تراجع أسعار النفط تختلف اختلافا كبيرا من بلد لآخر ويتوقف ذلك إلى حد كبير على ما تتبعه من سياسات الصرف الأجنبي.

فالهبوط الحاد في قيمة العملة الروسية الروبل ساعد الكرملين على التخفيف من آثار انخفاض أسعار النفط وأتاح للسلطات الاستمرار في الإنفاق المحلي المرتفع. غير أن موسكو ستضطر إلى أن تقلص بشدة وارداتها المرتفعة التكاليف على نحو متزايد.

والوضع مماثل في إيران وفنزويلا مع أن تقييم أثر الصرف الأجنبي أصعب لأن عملتي البلدين لا تتسمان بحرية التداول.

وقالت مصادر إيرانية لرويترز الأسبوع الماضي إن إيران يمكنها تحمُّل آثار انخفاض أسعار النفط لأن صعود الدولار مفيد لها.

وقالت وكالة الطاقة الدولية في تقرير لها الأسبوع الماضي "في البلدان التي لا تكون عملتها مربوطة بالدولار الأمريكي ساعدت التقلبات في أسعار الصرف الأجنبي على إبطال جانب من أثر التراجعات الأخيرة لأسعار النفط، وهكذا فإن الإيرادات الإسمية لصادرات روسيا بالروبل زادت في الآونة الأخيرة على الرغم من هبوط قيمتها بالدولار."

وعلى النقيض من ذلك البلدان الأعضاء في منظمة أوبك من دول الخليج مثل السعودية والإمارات العربية المتحدة التي ترتبط عملاتها بالدولار فإنها شهدت أكبر هبوط في الإيرادات بالعملات المحلية من جراء هبوط أسعار النفط.

وقد يؤثر الدولار على السياسة النفطية في منظمة أوبك. وفي الماضي كانت بلدان أوبك ومنها السعودية تتذرع بتراجع الدولار بوصفه سببا يبرر ارتفاع اسعار النفط بالنظر إلى أن عائداتها النفطية مقومة بالدولار.

وتشير تقديرات دويتشه بنك إلى أن الأسعار الفورية للنفط تقل الآن كثيرا عن المستوى اللازم لتحقيق توازن الميزانية في البحرين (136 دولارا للبرميل) ونيجيريا (126 دولارا للبرميل) وسلطنة عمان (101 دولار للبرميل) وروسيا (100 دولار للبرميل) والسعودية (99 دولارا للبرميل) وفنزويلا (162 دولارا للبرميل).

وقال البنك في تقريره "داخل هذه المجموعة تتمتع السعودية برصيد كبير من الاحتياطات يمكنها من تخفيف آثار هبوط أسعار النفط لفترة ممتدة دون الاضطرار إلى الاقتراض أو إتباع سياسة تقليص الإنفاق ويصدق الأمر نفسه بدرجة أقل على روسيا."

وقال المحللون في دويتشه "لكن نيجيريا ستستنزف مدخراتها النفطية المحدودة في غضون عام إذا استمرت الأسعار عند مستوياتها الحالية في غياب أي تعديل. ولا تملك فنزويلا احتياطيات يمكن التعويل عليها لاستيعاب هذه الصدمة. وفي أماكن أخرى لا تزال مستويات التعادل دون الأسعار الفورية في الكويت (75 دولارا للبرميل) وقطر (71 دولارا للبرميل) والإمارات (80 دولارا للبرميل).

وفي جانب المستهلكين ساهم الانخفاض الحاد لقيمة العملات في تركيا واليابان وإندونيسيا إلى حد ما في تقليص المكاسب الناجمة عن انخفاض أسعار النفط.
وتشهد الصين والهند وكوريا الجنوبية أكبر المكاسب الناجمة عن تراجع أسعار النفط وذلك بفضل عملاتها المحلية القوية.

دراسة : محسن عادل، نائب رئيس الجمعية المصرية للتمويل والاستثمار.

توضيح : ( هذا التقرير تضمن اقتباسات من موضوعات و دراسات منشورة عبر الصحف ووكالات الانباء ) .