TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

انخفاض أسعار النفط: ضربة معلم سعودي

 انخفاض أسعار النفط: ضربة معلم سعودي

تتجه أنظار العالم إلى المملكة العربية السعودية في الأسابيع المقبلة، إذ تراهن الولايات المتحدة على حكمة قادة السعودية (كالعادة) في حل أزمة انخفاض أسعار النفط الخام (نحو 20% في بضعة أشهر منذ أربع سنوات)، وما ستتخذه السعودية من إجراءات في 27 نوفمبر المقبل عندما تجتمع وشقيقاتها من دول الخليج (أعضاء أوبك) في فيينا، في محاولة لإقناعهم بـ «خفض الإنتاج».
لكن من المصادفات (المحسوبة بدقة من قبل السعوديين) – والتي فتحت باب التكهنات ومراجعة الحسابات (الجيوسياسية) أو الجغرافيا السياسية، فضلا عن التحولات الاستراتيجية في الشرق الأوسط – هو أنه قبل 3 أيام فقط من اجتماع أوبك المقبل، يصادف يوما آخر مهما للعالم وإيران في الوقت نفسه: الموعد النهائي (24 نوفمبر) لإجراء المحادثات حول تقليص إيران لبرنامجها النووي مع الولايات المتحدة وروسيا والصين والدول الأوروبية، فما الذي يحمله المستقبل في جعبته؟تحفيز وتحدياتفي أمريكا يدور الجدل حول تأثير الصراعات الدولية في أوروبا الشرقية والشرق الأوسط وتداعياتها على قطاع الطاقة ككل، وما مدى تأثير انخفاض أسعار النفط على الاقتصاد المحلي وسط مخاوف أطلقت في «وول ستريت» بشأن تباطؤ الاقتصاد العالمي، وهذه جملة من الأسئلة المتصاعدة مع انخفاض الأسعار والتي تضع بعض المحاذير التي يجب الانتباه لها في الأيام المقبلة:

1 - انخفاض أسعار النفط أضر – بشكل مباشر – بإنتاج الزيت الصخري الأمريكي، فقد تصمد صناعة النفط والغاز المحلية أمام انخفاض النفط الخام إلى 80 دولارا، رغم معاناة المنتجين، لكن مع إبقاء «أوبك» مستويات الإنتاج دون تغيير، قد يدفع ذلك إلى تراجع الأسعار.
وبحسب كبير المحللين الاقتصاديين في وكالة «موديز» كري، فإنه عندما يصل سعر البرميل إلى 70 دولارا سنواجه بتحديات كبيرة، منها منع الشركات الأمريكية من الحصول علي التمويل اللازم لمشاريع النفط والغاز وأعمال الحفر والتنقيب!..
لكن من ناحية أخرى فإن انخفاض أسعار النفط لا يؤثر سلبا في الاقتصاد الأمريكي بالمعني الواسع - حسب «سيتي جروب» - ذلك لأنه يحفز الاقتصاد المحلي ويؤدي إلى تراجع السلع الأخرى ويزيد من مدخرات المستهلكين في الولايات المتحدة.


2 - قد تكون السعودية أكبر منتج في أوبك، في وضع جيد لتحمل التراجع المستمر في أسعار النفط، ولكن هذا ليس هو نفس الحال بالنسبة إلى روسيا وإيران وفنزويلا التي تواجه ضغوطا كبيرة في اقتصادياتها وميزانيتها إذا وصل سعر النفط عند حد (90 دولارا للبرميل)، بينما لا تتأثر السعودية – حتى في ظل ميزانيتها الحالية – إذا وصل سعر نفط برنت إلى 92 دولارا للبرميل، لأن خزانتها تفيض بالسيولة في احتياطات النفط الأجنبي والتي قد تزيد – مع الانخفاض في الأسعار - في قيمة الأساس المالي على المدى الطويل.


3 - انخفاض أسعار النفط الخام قد يجعل من السعودية شريكا جيدا (موقتا) – حسب ديبورا جوردون المدير المسؤول عن برامج الطاقة والمناخ في مؤسسة كارينجي – لدول أوروبا وآسيا المتعطشة للطاقة والتي تعاني من مشاكل بنيوية في اقتصادياتها، وأصبحت يوما بعد يوم تعتمد بشكل متزايد على نفط الشرق الأوسط، ما يؤسس لعلاقات جديدة تقوم على الاعتماد المتبادل لاحقا، في حين أن انخفاض أسعار النفط يجعل الأمور أكثر سوءا تدريجيا ويحد من الاختيارات السياسية لكل من: روسيا وإيران وفنزويلا.


4 - لا يستطيع عاقل أن يلوم السعودية على زيادة إنتاج النفط كوسيلة للضغط على إيران، حتى وإن ضغط ذلك على بعض الدول الأخرى وفي المقدمة إيران وروسيا، اللتان تعانيان من العقوبات الاقتصادية الغربية الآن.
فالسعودية عام 2014 أقوى بكثير من عام 1973 وهي تستخدم (سلاح النفط) بحرفة عالية وعقلانية مدروسة وليس لاعتبارات عاطفية يحكمها الاندفاع وتحركها الميول.


5 - المملكة العربية السعودية كقوة إقليمية في المنطقة وأكبر أعضاء منظمة أوبك، لا بد أن تحافظ على مكانتها ومركزها بالدفاع عن مصالحها الاقتصادية، لا سيما مع تبوأ الولايات المتحدة المركز الأول في إنتاج الزيت (الغاز) الصخري متقدمة على روسيا والسعودية، ناهيك عن احتمال عودة الإنتاج الإيراني بقوة إلى سابق عهده بعد إنجاز الاتفاق النووي (وهي المسؤول عن التوتر في سوريا ولبنان والعراق وصولا إلى اليمن وباب المندب في البحر الأحمر).


6 - لا يخفى على كثيرين في الولايات المتحدة أن انخفاض أسعار النفط (ضربة معلم سعودي) في هذا «التوقيت القاتل» بما قد يخدم المصالح الأمريكية كأوراق للضغط على إيران وروسيا معا.
لكنه في المقابل، أدى إلى ترسيخ قناعة قديمة - متجددة غابت عن حسابات الأمريكيين في ظل نشوة اكتشافات الزيت الصخري، وهي: أن إدارة الولايات المتحدة ظهرها للشرق الخطأ (الشرق الأوسط) هو (الخطأ عينه)! ذلك أن مركز الثقل السياسي والعسكري والاقتصادي في الشرق الأوسط الكبير يتركز في «الخليج» أما مفتاحه فهو في جيب السعوديين وحدهم.