TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

صالح التركي : نسبة الهدر في مشاريع الحكومة 25 في المئة

صالح التركي : نسبة الهدر في مشاريع الحكومة 25 في المئة

قدّر رجل الأعمال صالح التركي قيمة مشاريع البناء والتشييد في السعودية بنحو 3.375 تريليون ريال (900 بليون دولار)، متوقعاً أن تزيد قيمة تلك المشاريع بنحو 2.25 تريليون ريال خلال الأعوام المقبلة، مشيراً إلى أن حجم وطبيعة المشاريع في المملكة يُوجبان تحديث عدد من الأنظمة ذات الصلة بقطاع الإنشاءات، بهدف حماية حقوق المقاول، وإحكام الرقابة على مشاريع الدولة التي وصلت نسبة الهدر في موازناتها إلى أكثر من 25 في المئة.

وقال التركي في حديثه إلى «الحياة» إن قطاع المقاولات قطاع اقتصادي كبير جداً، يحتل المكانة الثانية في قائمة الناتج المحلي في المملكة بعد النفط، ويشكل قاعدة وركيزة كل عمليات التنمية والتطوير التي تشهدها المملكة، بدءاً من البنية التحتية إلى المباني السكنية والتجارية والصناعية، ويواصل النمو بشكل سريع، بسبب مشاريع التنمية التي تقوم بها الدولة من ناحية، وبسبب النمو السكاني والحضري من ناحية أخرى، وأيضاً بسبب تسهيلات القروض التي قدمتها الدولة لبناء المساكن.

وأضاف: «هناك مؤشرات على زيادة نمو هذا القطاع بنسبة 20 في المئة هذا العام والعام الذي يليه، وثمة تقديرات للقيمة الإجمالية لمشاريع البناء الحالية بقيمة 3.375 تريليون ريال، ومن المتوقع أن تزيد قيمة تلك المشاريع بنحو 2.250 تريليون ريال خلال الأعوام المقبلة».

وحول المشكلات التي يعاني منها قطاع المقاولات في السعودية، قال التركي: «مشكلات القطاع وعوائقه يمكننا وضعها في ثلاث مجموعات، الأولى تتعلق بمالك المشروع والمقاول، والثانية المشكلات الفنية والمالية، أما المجموعة الثالثة فتتصل بالأنظمة والقوانين».

وعن المشكلات على مستوى المالك والمقاول، قال إن العقد نقطة البداية التي تحدد مصير المشروع، لأنه يتضمن الشروط ومتطلبات العمل التي تنظم علاقة المالك بالمقاول، ومع ذلك فكثيراً ما نجد أن كليهما يتعامل مع العقد وكأنهما يخططان لإفشال المشروع، فالمالك يشترط أفضل المواصفات في أقصر وقت وبأقل الأسعار، ظناً منه أن الشروط الجزائية والغرامات ستجبر المقاول على تنفيذ تلك الشروط غير الموضوعية، وفي الوقت ذاته يركز المقاول على قيمة العقد وأرباحه المتوقعة من دون أن يأخذ في الاعتبار التعسف في شروط العقد، وعدم موضوعيتها، وتجده ينصاع لطلبات المالك بشكل يعلم جيداً أنه غير قادر عملياً على الوفاء بها، والنتيجة المؤكدة هي تعثر المشروع والدخول في نزاع.

وتابع: «شركات المقاولات تعاني من الناحية الفنية ندرة قوة العمل الوطنية المؤهلة، بسبب عدم وجود معاهد فنية متخصصة في تدريب الكوادر الوطنية، وارتفاع معدل تسرب العمالة، وصعوبة إجراءات الحصول عليها، وعدم وجود معاهد أو مؤسسات تعنى بأبحاث وتقنية تطوير القطاع، والحاجة إلى ضبط الجودة النوعية وإجراء الاختبارات المعملية، ومحدودية إنتاج مدخلات صناعة البناء والتشييد التي أصبحت لا تتناسب مع نمو الطلب المحلي».

أما من الناحية التمويلية فإن القطاع يعاني عدم وجود منشأة تمويلية متخصصة، وارتفاع كلفة التسهيلات المصرفية، وعدم تعويض المقاولين بشكل عادل عن الأضرار التي لحقت بهم في السابق من ارتفاع الأسعار وتأخير صرف المستحقات.

وأشار إلى أن من مشكلات القوانين أن بعضها لا ينصف المقاول، ولطالما طالبت لجنة المقاولين في «غرفة تجارة جدة» بضرورة تطبيق صيغة عقد «فيديك» العالمي، أو على الأقل الأخذ بأجزاء منه، مشدداً على أن الوضع يتطلب سنَّ أنظمة تخفف من المزاحمة القاسية التي تتعرض لها الشركات المحلية من الشركات الأجنبية، فضلاً عن أن نظام المناقصات الحكومية لا يأخذ في الاعتبار ظروف عمل وقدرات شركات المقاولات الصغيرة والمتوسطة.

واستطرد قائلاً: «الأخطر أن النظام لم يحدد عدد أو مواصفات مقاولي الباطن الذين يستعين بهم المقاول الأصلي، وبالتالي صار الباب مفتوحاً لتنقل المشروع بين عدد كبير من المقاولين، والواحد يتسلّم من الآخر حتى ينتهي المشروع بمستوى أقل بكثير من مواصفات المناقصة الأصلية، ونجد أن أقل المقاولين تصنيفاً هو من ينفذ المشروع، بينما ينحصر دور المقاول الأعلى تصنيفاً في الحصول على المنافسة».

وفي شأن حملات التفتيش وتصحيح أوضاع العمالة، قال إن حملات تصحيح أوضاع العمالة غير النظامية تسببت في تعطيل بعض الأنشطة، ورفع أسعار بعض السلع والخدمات، ولكن المؤكد أن ترك الحبل على الغارب لهذا النوع من العمالة سيضرنا جميعاً على الأمد البعيد، ويحمل في طياته أضراراً جسيمة اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وأمنياً.

وزاد التركي: «الأخطر من هذا كله أن فوضى سوق العمل أدت إلى خلق هيكل أسعار مضلّل للسلع والخدمات، ولتكاليف العمالة وحوافز العمل، فمن البدهيات الاقتصادية المعروفة أن الأسعار هي المرشد والموجه لقطاعي الإنتاج والاستهلاك وسوق العمل، وعندما تهيمن على السوق عمالة وافدة رخيصة متدنية الكفاءة، فهذا تصريح للمنتج باستبعاد العمالة المواطنة، وإحلالها بعمالة رخيصة ولو على حساب الجودة».

صعوبات تواجه الاستثمار في الطيران

أكد رجل الأعمال صالح التركي أن مصر دولة تستقطب وتشجع الاستثمار في الطيران، وتطبق قوانين وأنظمة سهلة تشجع على الاستثمار في مجال الطيران، عكس الصعوبات التي تعترض الاستثمار في هذا النشاط في المملكة. وهذا لا يعني أن الاستثمار في النقل الجوي لا تحوطه المخاطر، بل على العكس تماماً ذلك هو الصحيح، وهناك مقولة حول أنك إذا كنت بليونيراً وأردت أن تصبح «مديون دير»، فعليك بالاستثمار في مجال الطيران.

وقال التركي: «إذا أردت أن تخفف من حدة المخاطر فعليك اختيار سوق محددة، وأن تركز اهتمامك على جزء من السوق تكتشفها بنفسك، وتكون بحاجة إلى خدمة معينة تخص هذا الجزء من السوق، ولا يوجد فيها منافسون حاليون أو محتملون يقدمون هذه الخدمة».

واعترف بجشع بعض التجار، وقال إنهم يرفعون الأسعار لاستغلال السيولة النقدية الزائدة، غير أنه أوضح أن السبب الرئيس في ارتفاع الأسعار محلياً يكمن في طول وبطء وارتفاع تكاليف سلسلة إمداد وتوريد السلع عموماً، وهي سلسلة لا يلتفت إليها المواطن لأنها لا تعنيه، ولا يفترض معرفته بها، ولكن يفترض أن تكون محل اهتمام وزارة التجارة والجهات الأخرى الموجودة على طول هذه السلسلة، التي تبدأ من الشحن والتأمين والموانئ والنقل، وحتى وصول السلعة إلى المستهلك.

وحول عدم تأثر السوق السعودية بانخفاض الأسعار عالمياً، على رغم تأثرها السريع بالارتفاعات، رأى التركي أن من المبالغة القول إن السوق السعودية لا تتأثر بتحركات الأسعار في الأسواق العالمية، وما يحدث فعلياً أن مجاراة السوق للأسواق العالمية في حال انخفاض الأسعار عادة ما تكون أبطأ من تأثرها بارتفاع الأسعار، وهذه طبيعة الأسواق عموماً.