TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

العراق يخسر 13 تريليون دينار بسبب شركاته الخاسرة

العراق يخسر 13 تريليون دينار بسبب شركاته الخاسرة

دعا اقتصاديون الى ضرورة تفعيل خارطة الطريق التي طرحتها الحكومة منذ سنوات للنهوض بالشركات الصناعية التي تمثل الركيزة الأساسية في حركة وانتعاش الاقتصاد المحلي، مؤكدين ان تجربة تأهيل المشاريع الكبرى ومن ضمنها معامل الاسمنت تعتبر ناجحة بكل المقاييس ويمكن تطبيقها على باقي المشاريع الخاسرة.بحسب جريدة المدى

وقال الخبير الاقتصادي باسم جميل أنطون ان "الشركات الحكومية شبه متوقفة منذ ما يقارب العقدين بسبب الحصار الاقتصادي في تسعينات القرن الماضي اضافة الى عمليات السلب والنهب التي شهدها البلد بعد عام 2003 ما جعل من هذه المشاريع الصناعية خاسرة بامتياز".

وأضاف ان "76 منشأة تحتوي على ما يقارب الـ 250 مصنعا في مختلف الخطوط الانتاجية التي تمثل السلع اليومية للمواطن العراقي تعتبر شبه متوقفة وتحتاج لخطط حقيقية للنهوض بواقعها المتردي منذ سنوات". وأوضح انطون ان "الحكومات العراقية المتعاقبة بعد عام 2003 صرفت منذ عام 2004 - 2011 ما يقارب 13 تريليون دينار كرواتب لموظفين عاطلين عن العمل تابعين لشركات خاسرة لا تنتج أي شيء يذكر".

وبين ان "الحكومة وضعت برنامجا اطلقت عليه (خارطة طريق) لإعادة الحياة لشركاتها الصناعية وفق رؤية صنفت بموجبها المصانع الى عدة فئات لتتحول اما الى الخصخصة بالكامل او يتم بيع البعض منها او تأهيلها عن طريق تحويلها الى شركات مساهمة".

واكد ان "الخطة التي وضعها بعض الصناعيين الذين يمثلون القطاع الخاص هي الأقرب الى التطبيق حيث حددوا خطوات محددة لإعادة الحياة الى عدد من الشركات الصناعية الحكومية وفق معطيات تراعي بعض الجوانب المهمة والاقتصادية في عملية التأهيل أهمها مدى القدرة الإنتاجية التي تملكها الشركة اضافة الى توفر المواد الأولية الداخلة صناعة المنتوج وقدرته التنافسية مع البضائع المستوردة ، ووقع الاختيار على صناعة الاسمنت التي تعتبر الأكثر رواجا اليوم".

وأشار الى ان "توفير الدعم المالي لإعادة الحياة لهذه الشركات لا يمكن ان يتم الا من خلال تاسيس مصرف خاص بعملية إعمار المؤسسات الصناعية التي تعود ملكيتها الحكومية براس مال كبير يقدم وفق ضمانات مصرفية معتمدة".

وتعرضت الصناعة العراقية في عام 2003 الى أكبر عملية نهب وتدمير في تاريخها إذ لم تمر ساعات على سقوط نظام صدام حسين في التاسع من نيسان عام 2003 حتى بدأت أكبر عملية سرقة في القرن الحديث لمصانع الدولة ومعاملها استمرت لأسابيع بشكل جعل اغلب المؤسسات الصناعية العراقية مجرد هياكل حديدية وبعضها تحول الى ارض جرداء بعد نهبها بالكامل.

وعلى الرغم من محاولة الحكومة العراقية لتأهيل وإعادة إحياء الصناعة العراقية خلال السنوات الماضية من خلال تخصيص أموال وقروض لمساعدة الصناعيين العراقيين فإنها لم تحقق تقدما ملموسا، لاستمرار تراجع مستوى التجهيز بالطاقة الكهربائية الذي يمثل العصب الأساس لأية صناعة، فضلا عن عدم قدرة المنتجات العراقية على منافسة المنتجات المستوردة الا نادرا بسبب رخص أثمانها وجودتها.

بدوره اكد الخبير الاقتصادي عباس البهادلي لـ"المدى"، على "فكرة إنشاء صندوق حكومي خاص للنهوض وتأهيل الشركات الحكومية التي تعتبر خاسرة بسبب الاهمال الذي أصابها خلال السنوات الاخيرة".

وأضاف ان "الدعم المالي المباشر للشركات الحكومية يعتبر المعوق الأكبر الذي واجه عملية تطويرها والنهوض بواقعها، حيث انها تحتاج الى أموال كثيرة لغرض إعادة هيكلتها وزيادة طاقاتها الانتاجية".

وأوضح البهادلي ان "عملية تأهيل الشركات الحكومية والمصانع التابعة لها تتطلب خطة متكاملة تكون مدعومة ماليا وفق قوانين متعددة أهمها قانون التعرفة الكمركية وحماية المستهلك اضافة الى قانون التقاعد الذي يوفر ضمانات حقيقية لكوادرها بعد الخدمة الطويلة".

واكد ان "اغلب المشاريع الصناعية التابعة للحكومة تم أنشاؤها قبل 30 عاما أواكثر لذلك تحتاج اليوم الى عملية تأهيل شاملة لخطوطها الانتاجية وتوريد التكنلوجيا المتقدمة التي تسهم في رفع الطاقات الانتاجية ومن ثم خلق دورة راسمال بين الشركة والصندوق الذي سيسترد المبالغ المالية التي قدمها من ارباح الشركة".

وأشار الى ان "عمليات التاهيل لا يمكن ان تتم لكافة الشركات في وقت واحد وانما يتم تقسيمها حسب الأهمية ونوعية المنتج ومدى الأرباح التي يجنيها لذلك يجب وضع جدول تصنف على أساسه الشركات الحكومية وفق مدد زمنية محددة".

وتوجد في مدن العراق المختلفة معامل حكومية معطلة كمعامل الورق والحديد والصلب والبتروكيمياويات بعد توقف وحداتها الإنتاجية فضلاً عن معامل الأسمدة التي تعرضت إلى الدمار بسبب الحروب أو تقادم معداتها.

وكانت رابطة تنمية وتطوير الصناعة والتجارة في العراق انتقدت، في وقت سابق، عدم دعم الدولة لقطاع الصناعة والتجارة وفتح أبواب الاستيراد على مصراعيها مما الحق الضرر بالمنتج الوطني وافقده القدرة على المنافسة، وفيما اعتبرت ان شحة الكهرباء والمحروقات وعدم مواكبة الملاكات الوطنية للتطورات العالمية والافتقار للقوانين المناسبة أهم عوامل تراجع العراق صناعياً واقتصادياً، أكدت سعيها الكشف عن المناطق الجاهزة للاستثمار الصناعي والمساعدة على تحفيز الشركات الأجنبية والعربية لاستثمارها بالاشتراك مع المستثمر العراقي، وإيجاد مصادر صناعية وتجارية غير النفط.

يذكر أن العراق شهد بعد سنة 2003، حالة من الانفتاح بلا قيود على العالم ما أدى إلى إغراق السوق المحلية ببضائع من شتى أنحاء العالم دون حسيب أو رقيب، فضلاً عن تراجع الإنتاج المحلي العام والخاص من جراء حالة الانفلات الأمني وشحة الطقة والوقود، ولم تفلح جهود الجهات الحكومية المعنية، حتى الآن، بما فيها التقييس والسيطرة النوعية ووزارتي البيئة والصحة في مواجهة طوفان البضائع الرديئة برغم الجهود المبذولة في هذا الشأن.