TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

من الرابح والخاسر من تراجع أسعار النفط؟

من الرابح والخاسر من تراجع أسعار النفط؟

تراجعت أسعار البترول الخام بحوالى 25 دولاراً أى بأكثر من %20 منذ منتصف يونيو، مما يثير الكثير من التساؤلات: ما مدى انخفاض الأسعار؟ وإذا انتعشت، ما المستوى الذى سوف تستقر عنده؟ وهل ستخفض السعودية ومنظمة الأوبك من الإنتاج عندما يجتمعان الشهر المقبل؟ وما هو السعر الذى قد يلحق الأذى بإنتاج الغاز الصخرى الأمريكى وما مدى الضرر؟.بحسب جريدة دار الاخبار

لا يوجد شىء مؤكد سوى أن الهبوط الحالى فى الأسعار يخلق فائزين وخاسرين، والخاسرون هم المنتجون والدول والحكومات، فإذا تراجع البرنت إلى مستوى 80 دولاراً للبرميل، فسوف تخسر الدول الأعضاء فى منظمة الأوبك حوالى 200 مليار دولار من المكاسب التى حققوها مؤخرا والبالغة تريليون دولار.

ولذلك تأثير ليس فقط على قدرتهم على كسب ما يكفى لتغطية التوسع الذى شهدته موازناتهم بعد الثورات العربية، وإنما أيضاً على قدرتهم على خدمة ديونهم دون تعثر فى السداد، أما بالنسبة للولايات المتحدة، فإن استمرار هبوط الأسعار سوف يجبرها على تخفيض المصاريف الرأسمالية المستخدمة فى توسيع الإنتاج مما سوف يعوق زخم ثورة الغاز الصخرى الأمريكي.

ومن ناحية أخرى سوف يفوز الاقتصاد العالمى بأكمله بما يعادل برنامج تيسير كمى مما سيساعده على دفع النمو الاقتصادى المتعثر، حيث إن تراجع الأسعار ستوفر عليه 1.8 مليار دولار يومياً أى حوالى 660 مليار دولار سنوياً.

وهبطت الأسعار لعدة أسباب، بعضها يعود إلى معنويات السوق، والبعض الآخر إلى مبادئ السوق، أما العامل الرئيسى فهو تغير المشهد الجيوسياسي، فقد ارتفع سعر البرنت إلى حوالى 110 دولارات للبرميل منذ أن أدى توقف الإنتاج من ليبيا إلى حرمان السوق من مليون برميل يومياً، ورغم زيادة السعودية للإنتاج لتعويض النقص، فإن الأسعار لم تتراجع لأن ليبيا تنتج الخام الخفيف الحلو، والمصافى التى كانت تستخدمه لم تستطع استبداله بالخام الأثقل.

وفى الوقت نفسه، هناك اتجاهان مختلفان تكشّفا منذ 2011، أولهما ظهور مشكلات الحكم الداخلية عبر الدول المصدرة للبترول، فقبل فبراير 2011، كان هناك نقصاً بمقدار 400.000 برميل يومياً، ثم بعد ذلك وصل اضطراب الإمدادات إلى أكثر من 3.5 مليون برميل يومياً بسبب العقوبات على البترول الإيرانى، وتعطل الإمدادت من نيجيريا والسودان وسوريا واليمن.

أما الاتجاه الثانى هو النمو الهائل فى إنتاج البترول الأمريكي، فى ظل تراجع تكاليف الإنتاج سنوياً إلى مستويات غير متوقعة، وتقل بالتأكيد عن 75 دولاراً للبرميل.

وتنبع إحدى المعضلات التى تواجه الأوبك من انقسام مصالح منتجى البترول الخام المتوسط أو الثقيل فى الخليج وبين منتجى الخام الخفيف فى الغرب وشمال أفريقيا، كما أن الزيادة فى الإنتاج الأمريكى من البترول الخفيف والحلو تسببت فى تخمة السوق العالمى من هذا النوع، وبالتالى لن يشكل تخفيض السعودية أو الأوبك للإنتاج أى فرق لأن هذا لن يصحح المعروض الزائد من الخام الخفيف فى السوق.

وعلاوة على ذلك، تلعب بعض المبادئ السوقية دوراً أيضاً، فالاقتصاد العالمى ضعيف والطلب على البترول يرتفع بمعدلات هزيلة تقل عن مليون برميل يومياً، كما أن أى توقعات بزيادة النشاط الاقتصاد والطلب فى 2015 سوف تخلف على الأرجح فائض إجمالى بمقدار مليون برميل يومياً، وهذا سوف يضغط أكثر على الأسعار إلا إذا خفضت الأوبك الإنتاج.

وتدفع المخاطر السياسية السوق للمزيد من الهبوط على الأقل فى المستقبل القريب، ففى حال التوصل لاتفاق نووى مع إيران سوف يزداد المعروض من البترول فى السوق، كما يمكن أن تواصل ليبيا الإنتاج مجدداً.

وأخيراً، أدى ضعف السعر إلى تبنى مجموعة من نظريات المؤامرة القائمة على تخفيض السعودية لسعر البيع لعملائها فى آسيا، وحذو إيران والعراق وغيرهما من المنتجين فى الشرق الأوسط حذوها.

كما أن تصريحات المسئولين السعوديين تشير إلى أنهم يعتقدون أن نمو الإنتاج الأمريكى سيتباطأ إذا تراجعت أسعار البترول عن مستوى 90 دولاراً، لأن هذا سيؤدى إلى انخفاض سعر بترولها الصخرى دون سعر التكلفة، كما أن انخفاض أسعار البترول ستضر بشدة بإيران وروسيا، لأن الدولتين تنفقان فى الشرق الأوسط على نحو لا يرضى المملكة.

ولكن هل هذه إشاعات؟ الوقت كفيل بإظهار الحقيقة، وربما سيتضح كل شىء فى اجتماع الأوبك فى نوفمبر القادم، وإذا واصلت الأسعار هبوطها، قد يثبت المنتجون الأمريكيون أنهم أكثر مرونة من المعتقد.